حزب الله يندد بعقوبات أميركية تضرب أحزمته السياسية

حزب الله اللبناني يعتبر فرض عقوبات على زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، محاولة لإخضاع فريق سياسي لبناني كبير للشروط والإملاءات الأميركية على لبنان.
مسؤول أميركي: العقوبات على باسيل سببها ارتباطه بحزب الله
واشنطن تستهدف للمرة الثانية شخصيات وازنة على ارتباط بحزب الله
منوتشين يتهم باسيل بتقويض أسس وجود حكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني

لبنان/واشنطن - نددت جماعة حزب الله اللبنانية بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة اليوم الجمعة على جبران باسيل رئيس أكبر كتلة سياسية مسيحية في البلاد وصهر الرئيس ميشال عون ووصفت العقوبات بأنها محاولة من واشنطن لفرض إملاءات على لبنان.

وتسعى واشنطن لتفكيك الأحزمة السياسية للجماعة الشيعية وهي المرة الثانية التي تستهدف فيها بالعقوبات شخصيات على ارتباط بحزب الله.

وقبل فرض عقوبات على باسيل كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على وزيرين سابقين من تيارين سياسيين متحالفين مع حزب الله بتهمة دعم الحزب والضلوع في الفساد وهما وزير المال السابق علي محسن خليل عن حركة أمل الشيعية التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري إضافة إلى وزير النقل يوسف فينيانوس عن تيار المردة بزعامة سليمان فرنجية.

ويهيمن حزب الله وحلفاؤه على السلطة في لبنان ويتهمهم المحتجون وعدة دول غربية بأنهم السبب في عدم خروج لبنان من دوامة الأزمة السياسية ومربع العنف والفساد.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على باسيل زعيم التيار الوطني الحر، بسبب اتهامات بالفساد والارتباط بجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران.

وقال حزب الله في بيان "يدين حزب الله القرار الذي اتخذته وزارة الخزانة الأميركية بحق رئيس التيار الوطني الحر معالي الوزير جبران باسيل ويعتبره قرارا سياسيا صرفا وتدخلا سافرا وفظا في الشؤون الداخلية للبنان".

وأضاف "هذا القرار بالتحديد يهدف إلى إخضاع فريق سياسي لبناني كبير للشروط والإملاءات الأميركية على لبنان".

وتعتبر واشنطن حزب الله جماعة إرهابية وفرضت عقوبات على عدد من المسؤولين المرتبطين بالجماعة المسلحة.

ويتحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله وسبق أن دافع باسيل عن الحزب قائلا إنه يلعب دورا حيويا في الدفاع عن لبنان.

واشنطن فرضت عقوبات على الوزير علي حسن خليل من حركة امل لارتباطه بحزب الله
واشنطن فرضت عقوبات على الوزير علي حسن خليل من حركة امل لارتباطه بحزب الله

وكان متوقعا قبل أشهر أن تفرض واشنطن عقوبات على وزير الخارجية السابق جبران باسيل، حيث أشارت تقارير صحفية أميركية إلى باسيل بالاسم لارتباطه الوثيق بحزب الله ضمن الحزام السياسي التي تشكل وتعزز على اثر صفقة العهد في 2016 والتي جاءت بالعماد ميشال عون للرئاسة وبزعيم تيار المستقبل سعد الحريري لرئاسة الوزراء وهي الصفقة التي انتقدتها قوى سياسية لبنانية معارضة لحزب الله.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان "الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني المتمثل في باسيل ساهم في تقويض أسس وجود حكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني".

وقال مسؤول أميركي بارز إن دعم باسيل لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، والتي تعتبرها الولايات المتحدة جماعة إرهابية، هو كل الدافع وراء فرض عقوبات على باسيل. وفرضت واشنطن عقوبات على عدد من أعضاء حزب الله.

وجبران باسيل هو أحد أكثر السياسيين نفوذا في المشهد اللبناني. وبانتمائه للموارنة المسيحيين لديه طموح في الرئاسة إذ وفقا لنظام المحاصصة الطائفية يجب أن يشغل منصب الرئيس شخصية مارونية وهو مستشار بارز لعون منذ عام 2005 واحد المقربين منه.

وأصبح باسيل (50 عاما) في 2015 زعيم التيار الوطني الحر الذي أسسه عون وهو أكبر تكتل سياسي مسيحي في لبنان. ويحدد التيار الوطني الحر هويته بأنه حزب يدافع عن الحقوق المسيحية. وهو متزوج من شانتال إحدى بنات عون الثلاث.

وصف سعد الحريري الذي جرى تكليفه الشهر الماضي بتشكيل الحكومة للمرة الرابعة، باسيل بأنه رئيس الظل في تصريح يعكس اعتقادا على نطاق واسع بأن له سطوة كبيرة على عون (87 عاما) والذي تولى رئاسة البلاد عام 2016.

وشغل باسيل من قبل منصب وزير الاتصالات ووزير الطاقة والموارد المائية ووزير الشؤون الخارجية.

ومنذ عقد التيار الوطني الحر لتحالف سياسي في 2006 مع حزب الله، دافع باسيل عن الجماعة المسلحة باعتبارها أساسية للدفاع عن لبنان. وبالنسبة لحزب الله، قدم هذا التحالف موافقة مسيحية على تسلحه.

وعارض باسيل في 2019، لدى وقوفه بجوار وزير الخارجية الأميركي الزائر لبيروت مايك بومبيو، تصنيف واشنطن لحزب الله جماعة إرهابية ووصفه بأنه حزب له شعبية واسعة ونواب في البرلمان.

وفي خطاب أدلى به في الآونة الأخيرة، قال باسيل إن البعض في حزبه يتساءلون عن سبب تمسك التيار بتفاهماته مع حزب الله في وقت يدفع فيه التيار ثمنا باهظا بينما لا يقوم حزب الله بدوره لإصلاح لبنان.

ورد باسيل بالقول إن رده على من يطلقون تلك التساؤلات هو أنهم مع حزب الله ضد إسرائيل والإرهاب، في إشارة لحملة حزب الله ضد جماعات سنّية متشددة بينها تنظيم الدولة الإسلامية، مضيفا أن الثمن حتى وإن تكبده التيار فهو مقابل الدفاع عن لبنان.

الوزير يوسف فينيانوس متهم أميركيا بالفساد وتسهيل صفقات عمومية لشركات حزب الله
الوزير يوسف فينيانوس متهم أميركيا بالفساد وتسهيل صفقات عمومية لشركات حزب الله

وقال باسيل لرويترز في يوليو/تموز "ما نتعرض له نحن هو حصار مالي واقتصادي وسياسي يترجم علينا بهذا الضغط المالي وهذا لا يعفي الدولة ولبنان واللبنانيين من الأخطاء.. لا بل الخطايا المالية والنقدية والاقتصادية التي ارتكبوها وعلى رأسها الفساد" في إشارة لربط المانحين لأي حزمة إنقاذ مالي بتنفيذ إصلاحات لمكافحة الفساد والهدر.

وأضاف "عندما يكون هناك إرادة لمساعدة لبنان، غدا تفتتح الأبواب. وعندما تكون هناك قوى كبرى تصد الأبواب لن يكون للبنان القدرة وحده أن يفتحها ولن يكون أمامه سوى الصمود والإصلاح".

وكان باسيل من أهداف الاحتجاجات التي نشبت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد النخبة السياسية التي اتهمها المتظاهرون بسوء الحكم والإدارة وتفشي الفساد ودفع الاقتصاد للانهيار. وربط منتقدوه بينه وبين عدة إخفاقات للدولة لدى توسع نفوذ التيار الوطني الحر في الحكومة.

وكان من أبرز الأمثلة الإخفاق في معالجة مشكلات قطاع الطاقة المثقل بالخسائر والذي كلف خزانة الدولة مليارات من الدولارات بينما تواصل انقطاع الكهرباء رغم وعود بإصلاح الشبكة خلال نحو عقد تولى فيه التيار الوطني الحر حقيبة وزارة الطاقة.

ويقول باسيل إنه استهدف بما وصفه باغتيال سياسي وشيطنة له من خصومه. وقال اليوم الجمعة إن العقوبات الأميركية لا تخيفه.

ويشتبك باسيل من وقت لآخر مع أغلب التيارات اللبنانية الرئيسية. وفي 2018، وصف على العلن رئيس البرلمان نبيه بري وهو أيضا زعيم حركة أمل وأحد خصوم عون منذ وقت الحرب الأهلية، بأنه "بلطجي" مما أجبر الجيش على الانتشار في الشوارع لتهدئة الاضطرابات التي نشبت بسبب هذا التصريح.

كما أنه على خلاف مع الحريري منذ العام الماضي وتبادلا الاتهامات بعرقلة تطبيق الإصلاحات.