حزب جديد من رحم العدالة والتنمية يؤسس لعزل أردوغان

علي باباجان يؤكد أن حزبه يتبنى نهجا جديد للاقتصاد والحقوق الديمقراطية ويؤسس لإنهاء مناخ القمع والترهيب وخطاب الاستقطاب والاستغلال السياسي للدين.
حزبان جديدان منافسان لأردوغان يرسمان خارطة سياسية جديدة في تركيا
تحالف محتمل بين حزبي باباجان وداود أغلو أو مع أحزاب معارضة وازنة

أنقرة - من المتوقع أن يتعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى هزّات تضعف شعبيته مع ولادة حزب جديد من رحمه بزعامة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان وهو ثاني حزب يولد من رحم أزمة عاصفة تشقّ الحزب الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقد أطلق باباجان حليف أردوغان السابق الأربعاء رسميا في حفل انتظم بالعاصمة التركية حزبه الجديد تحت اسم 'الديمقراطية والتقدم' (ديفا والتي تعني بالتركية الشفاء). ويدعو الحزب إلى تبني نهج جديد للاقتصاد والحقوق الديمقراطية قائلا "لقد حان وقت الديمقراطية والتقدم في تركيا".

ويقول ناقدون إن أردوغان أضر بالحقوق المدنية خلال حكمه المستمر منذ 16 عاما وأبدوا قلقهم بشأن السلطات الواسعة الممنوحة للرئاسة بعد الإصلاحات الدستورية، في الوقت الذي فتح فيه أيضا أكثر من جبهة صراع خارجية أثقلت كاهل تركيا وسممت علاقاتها الخارجية مع الحلفاء والشركاء.

وقد يكون الرئيس التركي قد حقق بعض المكاسب من حروبه الخارجية في سوريا وليبيا وفي معركة التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط ومعركة اللاجئين مع أوروبا، إلا أنها مكاسب شخصية وليست وطنية فقد أضرّ بسمعة تركيا ودفعها إلى هوة سحيقة اقتصاديا وسياسيا فغيّب دولة القانون والحريات وفاقم الانقسامات الداخلية في مجتمع كان يعرف قبل تولي الإسلاميين الحكم بتماسك نسيجه رغم الاختلافات العقائدية والسياسية.

وشهد الاقتصاد التركي ازدهارا عندما كان باباجان (52 عاما) يتولى وزارة الاقتصاد (2002-2007) عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة لأول مرة. وكان له الفضل في تقوية شوكة أردوغان الذي يقدم نفسه لا زعيما تركيا فقط بل زعيما للعالم الإسلامي.

وبعد ذلك أمضى عامين وزيرا للخارجية وكان نائبا لرئيس الوزراء في الفترة ما بين 2009 و2015. واستقال باباجان من حزب العدالة والتنمية في يوليو/تموز 2019 بسبب ما وصفها بـ"الخلافات العميقة" بشأن السياسة، إلا أنه في كلمته التي استغرقت 90 دقيقة الأربعاء، لم يتطرق إلى أردوغان بالاسم.

 

حلفاء الأمس خصوم اليوم
باباجان وداود أغلو يضيقان الخناق على أردوغان

لكنه وجه انتقادات مبطنة ودعوات إلى دستور جديد يضمن فصل السلطات والحريات الديمقراطية ودعوات إلى خفض الخطاب الاستقطابي وإنهاء الاستغلال السياسي للدين. كما سلط الضوء على الضغوط على الصحافة والشباب "الراغبين في استخدام تويتر دون خوف".

ومنذ استقالته من حزب العدالة والتنمية، قال باباجان إنه لا يدعم التغيرات الدستورية التي جرت الموافقة عليها في استفتاء 2017 والذي استبدل الديمقراطية البرلمانية برئاسة تمتلك جميع السلطات.

ويقول خبراء إن باباجان يأمل في استقطاب الناخبين المسلمين المحافظين الذين يصوتون عادة لحزب العدالة والتنمية وكذلك الأشخاص القلقين بشأن الاقتصاد عقب أزمة العملة في 2018.

كما أطلق حليف أردوغان السابق رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو حزبه "المستقبل" في ديسمبر/كانون الأول 2019. وكان قد اختلف مع الرئيس التركي واستقال من رئاسة الوزراء في مايو/ايار 2016.

وانتقد أردوغان باباجان، محذّرا من تقسيم "الأمة" وسبق له أن اتهم باباجان وداود أغلو بـ"الخيانة"، مهددا بأن المنشقين سيدفعون الثمن.

وأظهر استطلاع نشرته مؤسسة 'ميتروبول' الشهر الماضي أن نسبة التأييد لحزب داود اوغلو هي 1.2 بالمئة مقارنة مع 0.8 بالمئة لحزب باباجان بعد إنشائه، وهي نسب لا تعكس بالضرورة ضعفا فلم يمض على إطلاق الحزبان وقتا كافيا للحكم عليهما.

حزب باباجان يطرق أبواب الساحة السياسية التركية على وقع أكثر من أزمة يواجهها أردوغان
حزب باباجان يطرق أبواب الساحة السياسية التركية على وقع أكثر من أزمة يواجهها أردوغان

ولم تستبعد مصادر محلية تشكل جبهة سياسية من حزب باباجان وداود أغلو وربما التحالف مع أحزاب معارضة مثل حزب الشعب الجمهوري وأيضا حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد لعزل أردوغان.

ويأخذ المنشقون عن حزب العدالة والتنمية ومن ضمنهم باباجان وداود أغلو التفرد بالقرار والتسلط في ادارة الحزب والدولة وطريقة تصفية خصومه السياسيين سواء من داخل الحزب أو من خارجه.

كما يرى هؤلاء أن سياسات الرئيس أضعفت تركيا واقحمتها في معارك وخصومات مجانية مع الشركاء الغربيين والعرب.

وسبق لداود أغلو أن انتقد بشدة سياسات أردوغان، مشيرا إلى أنه في السابق كانت الحكومة تعتمد على مستشارين وخبراء في الاقتصاد والسياسة لضبط إيقاع الشؤون الاقتصادية والنقدية والحفاظ على علاقات خارجية متوازنة، لكن اردوغان انحرف عن هذا المسار بالاستبداد بالرأي والقرار.

وتئن تركيا حاليا تحت وطأة تركة ثقيلة من المشاكل الاقتصادية والسياسية بفعل التدخلات الخارجية في كل من سوريا وليبيا.

ويتهم الخصوم أردوغان بأنه يدفع تركيا للهاوية، منتقدين أيضا إرسال الجنود الأتراك إلى المحرقة في كل من الساحتين الليبية والسورية لأهداف شخصية لا قومية ولا وطنية كما يزعم الرئيس التركي.