حزمة استثمارية ضخمة تؤسس لنقلة نوعية في قطاعات حيوية بالمغرب
الرباط - وافقت اللجنة الوطنية للاستثمارات في المغرب على 47 مشروعا استثماريا بتكلفة 51 مليار درهم ما يعادل حوالي 5.17 مليار دولار، فيما تعكس هذه الحزمة الاستثمارية الضخمة التزام الحكومة المغربية القوي بتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية وتنويع القاعدة الصناعية وتحقيق العدالة المجالية وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية جاذبة على الصعيدين القاري والدولي. وهي أيضا خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد الذي أرسى دعائمه العاهل المغربي الملك محمد السادس ضمن مقاربة شاملة تؤسس لإحداث نقلة نوعية في كافة المجالات.
ويشهد المغرب الذي يستعد لاستضافة حدثين رياضيين هامين هما كأس أمم افريقيا 2026 ومونديال 2030، تحولات ضخمة شملت البنية التحتية للنقل الجوي والبري والبحري وكذلك القطاعات الحيوية الأخرى من الصناعات والزراعة والتعدين مع انفتاح أوسع على العمق الافريقي والفضاء الأوروبي.
ومن التوقع أن تساهم هذه حزمة هذه المشاريع في خلق 17 ألف فرصة عمل، بينما ستوزع على 23 إقليما، مع تركيز خاص على صناعة السيارات التي تستحوذ على 54 في المئة من الوظائف.
وتحمل موافقة الرباط على هذه الحزمة الاستثمارية الضخمة دلالات إيجابية قوية على عدة مستويات اقتصادية واجتماعية واستراتيجية، بينما تأتي في إطار ميثاق الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في مارس/اذار 2023، والذي يهدف إلى تعزيز جاذبية المملكة للاستثمار الخاص.
وتُعد القيمة الإجمالية لهذه المشاريع (47 مشروعاً) كبيرة وستساهم في إحداث حوالي 17000 منصب شغل (9000 مباشر و8000 غير مباشر). وهذه الأرقام تعكس في حد ذاتها التزام الحكومة المغربية بتنشيط الاقتصاد وخفض معدلات البطالة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويدعم القوة الشرائية للمواطنين.
وتغطي المشاريع المصادق عليها حوالي 20 قطاعا استراتيجيا، تتصدرها صناعة السيارات، متبوعة بقطاع ترحيل الخدمات (Outsourcing)ثم السياحة، بالإضافة إلى قطاعات حيوية أخرى كصناعة الأدوية والصناعات الغذائية، والطاقة واللوجستيك.
ويدل هذا التنوع على رؤية استراتيجية لتنويع مصادر الدخل اذ يهدف المغرب إلى تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية والتوجه نحو قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، قادرة على المنافسة عالميًا.
كما تعني الدفع نحو جذب الاستثمارات في الصناعات الحديثة والمستقبلية مثل صناعة السيارات (التي تشهد استثمارات كبيرة في المغرب) والصناعة الكيميائية والنسيج وصناعة التعدين، مما يعكس طموح المملكة لتصبح مركزا صناعيا وتصديريا رائدا.
وتوزعت المشاريع على 23 إقليما وعمالة تشمل 10 جهات، بما في ذلك مناطق داخلية مثل الرشيدية ووزان وشفشاون، والصويرة وبني ملال وتارودانت.
وهذه الدلالة مهمة جدا لأنها تشير إلى: الحد من الفوارق المجالية حيث تسعى الحكومة المغربية إلى توزيع الاستثمارات بشكل متوازن على مختلف أقاليم المملكة، بدلا من تركيزها في المدن الكبرى فقط.
وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحفيز التنمية الاقتصادية في المناطق الأقل حظًا تاريخيًا، مما يساهم في خلق فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية لسكان هذه المناطق.
كما تُعد هذه الحزمة الكبيرة من الاستثمارات مؤشرا قويا على ثقة المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، في مناخ الأعمال المغربي. وتأتي هذه الثقة نتيجة لعدة عوامل، منها: الإصلاحات الهيكلية مثل ميثاق الاستثمار الجديد وتبسيط الإجراءات الإدارية وتفعيل المراكز الجهوية للاستثمار. وكذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يميز المغرب في المنطقة ومستوى البنية التحتية المتطورة مثل ميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية التي تجذب الشركات الكبرى.
وتأتي هذه الحزمة الاستثمارية بينما خرج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي وهو ما يعزز مصداقية الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين الدوليين.
وهذه الحزمة تُعد تطبيقا ملموسا لـميثاق الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمار الخاص وخلق 500000 منصب شغل دائم بحلول عام 2026. والموافقة على هذا العدد الكبير من المشاريع في دورة واحدة للجنة الوطنية للاستثمارات يؤكد فعالية هذا الميثاق في جذب الاستثمارات ودعمها من خلال أنظمة دعم أساسية وخاصة.