حسان دياب: قرار دولي بعدم مساعدة لبنان بسبب حزب الله

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان يكشف أنه يمكن استخدام الاحتياطيات تجنبا لإلغاء الدعم، موضحا أن هناك حاليا 2 مليار دولار يمكن أن تغطي واردات لستة أشهر أخرى، مجددا تحذيره من إلغاء الدعم.
أزمة لبنان تزداد سوءا منذ هيمنة حزب الله وحلفائه على السلطة
مخاوف من أن يستفيد حزب الله من المساعدات المالية الدولية
التردد الغربي في دعم لبنان مرّده دور ونفوذ حزب الله محليا وإقليميا

بيروت - كشف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أن مسؤولين غربيين أبلغوه بأن هناك "قرارا دوليا" بعدم مساعدة لبنان بسبب دور حزب الله المدعوم من إيران.

وقال دياب "هم، الأميركيون والأوروبيون، قالوا لي "الأمر لا يتعلق بك أنت... لكن هناك قرارا دوليا بالتوقف عن مساعدة لبنان... لأن لديهم مشكلة مع حزب الله."

ويهيمن حزب الله وحلفاؤه على الحكم منذ آخر انتخابات تشريعية جرت في لبنان في مايو/ايار 2018 وكان يفترض أن تجري في 2013، لكن أزمات سياسية رحلتها مرارا.

وكان من المأمول أن تفضي تلك الانتخابات إلى حل الأزمات المتراكمة، لكن هيمنة الجماعة الشيعية وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ على الحكم، أدخل لبنان في نفق مظلم.

وسيطر الحزب وحلفاؤه على وزارات حساسة من ضمنها وزارة المالية ووزارة النقل، ما سهل له حصول الشركات التي يديرها على صفقات عمومية ضخت له أموالا طائلة لتنشيط آلته العسكرية في سوريا وتعزيز ترسانته التسليحية في لبنان.

وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات على وزراء سابقين من حلفاء حزب الله بتهمة تسهيل حصوله على مكاسب مالية.

وتصنف الولايات المتحدة ودول خليجية حزب الله تنظيما إرهابيا بينما تتعالى دعوات في أوروبا لاتخاذ قرار مماثل. وتفصل تلك الدول بين الجناح العسكري للحزب وبين جناحه السياسي المشارك في الحكم.

كما تشترط الجهات الدولة المانحة للإفراج عن نحو 11 مليار دولار كقروض وهبات ومنح، تشكيل حكومة كفاءات قادرة على تنفيذ إصلاحات حتمية. وتعثر تشكيل الحكومة منذ انفجار مرفا بيروت، حيث اعتذر رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب عن استكمال مهمته بسبب تعطيل الثنائي الشيعي: حزب الله وأمل تشكيل حكومة اختصاصيين لتمسكهما بحقائب وزارية بينها المالية.

وتواصل حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب إدارة شؤون الدولة، بينما كلف الرئيس اللبناني ميشال عون زعيم تيار المستقبل ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بتشكيل الحكومة عقب اعتذار أديب، لكن الحريري الذي وعد قبل شهرين بإعلان سريع عن فريقه الحكومة لم يحرز حتى الآن أي تقدم وسط سجالات وخلافات بين القوى السياسية على الحقائب الوزارية.

ومنذ بداية الأزمة التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب، يزداد الوضع سوء في لبنان وسط جمود سياسي وغضب شعبي وارتفاع في نسبة التضخم وفي معدلي الفقر والبطالة.

وأصبح من الواضح أن سبب كل التعطيل هو حزب الله، فوجوده في الحكم أثقل كاهل الدولة وعمّق الانقسامات الداخلية وعطّل الإفراج عن المساعدات المالية الدولية.

وتسود مخاوف لدى الدول الغربية من أن أي مساعدات مالية ستقدم للدولة اللبنانية قد يستفيد منها حزب الله بشكل أو بآخر وهو السبب الرئيسي الذي حال حتى الآن عن وصول الدعم الدولي.  

لبنان يدفع ثمن ارتباط حزب الله بإيران
لبنان يدفع ثمن ارتباط حزب الله بإيران

وقال دياب أمس الثلاثاء إن لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار من احتياطيات متبقية للدعم لستة أشهر أخرى، بينما يثير انهيار مالي في البلاد مخاوف من تزايد الجوع.

وأدت أسوأ أزمة في لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بين عامي 1975 و1990 إلى انهيار العملة وارتفاع حاد للتضخم. وأثارت نذر نهاية للدعم تحذيرات من الأمم المتحدة من "كارثة اجتماعية".

وقال دياب إنه علم فقط بوجود ملياري دولار في احتياطيات أجنبية متبقية للدعم من تعليقات أدلى بها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الأسبوع الماضي وبثها التلفزيون، مضيفا "لقد سألته عدة مرات. ولم أتلق شيئا رسميا"، موضحا أن المبلغ أكبر مما كان متوقعا وسيستمر "ستة أشهر إذا طبقا نظام البطاقات."

وعبر عن أمله في التوصل لاتفاق بحلول فبراير/شباط بشأن خطة لوقف الإنفاق على الدعم وتوفير المساعدة للفقراء في الوقت نفسه.

وكان دياب قد تولى منصب رئيس الوزراء قبل عام بمساندة من حزب الله واستقال في أغسطس/آب بسبب غضب عام من تفجير مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 200 شخص في ذلك الشهر. ويعمل مجلس وزرائه كحكومة تصريف للأعمال.

وإلى جانب ثلاثة وزراء سابقين، وُجهت اتهامات بالإهمال إلى دياب في ما يتعلق بانفجار أغسطس/آب، لكنه يمتنع منذ ذلك الحين عن المثول للاستجواب، متهما قاضي التحقيق بتجاوز سلطاته.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي في أكتوبر/تشرين الأول إنه لم يتوصل إلى نتيجة قاطعة بشأن سبب التفجير.

وفي وقت سابق، نقل مكتب دياب عنه قوله إن التحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الاتحادي كشف عن أن 500 طن فقط من نترات الأمونيوم انفجرت من 2750 طنا مخزنة بطريقة غير آمنة في المرفأ.، متسائلا "أين ذهبت (الكمية) المتبقية؟"

وامتنع مكتب التحقيقات الاتحادي عن التعقيب. وقال مستشار لمكتب دياب اليوم الأربعاء إن رئيس الحكومة لا يتحدث استنادا إلى معلومات مباشرة ولم يطلع على أي تقرير لمكتب التحقيقات الاتحادي بنفسه.

وتسببت الكارثة وهي أحد أكبر التفجيرات غير النووية المسجلة، في صعوبات شديدة للبنانيين الذين ينزلقون بالفعل في الفقر.

ومع نضوب التدفقات الدولارية إلى لبنان، يقوم البنك المركزي بالسحب من الاحتياطيات الأجنبية لدعم ثلاث سلع رئيسية هي القمح والوقود والدواء وبعض السلع الأساسية.

وقال إن مجلس الوزراء أرسل إلى البرلمان قبل أسبوع تقريرا يحدد أربعة سيناريوهات لإبدال الدعم ببطاقات تموينية لستمائة ألف أسرة، أو أكثر من 2.5 مليون شخص.

ويبلغ عدد سكان البلد الذي يعتمد على الاستيراد حوالي ستة ملايين، من بينهم ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري.

وأحد الخيارات التي وردت في التقرير إلغاء الدعم للوقود والقمح، دون أن يشمل ذلك الدقيق (الطحين) وإعطاء الأسر 165 دولارا شهريا بدلا من ذلك، مشيرا أيضا إلى "حاجة لطلب المساعدة من الدول المانحة... لأن 2021 سيكون عاما صعبا."

وتبادل البنك المركزي والحكومة اللوم عن الانهيار الاقتصادي. وردا على انتقادات بأن عاما تقريبا انقضى بدون خطة، قال دياب إن حكومته واجهت أزمات متعددة.

وأوضح المانحون الأجانب أنهم لن يقدموا إنقاذا ماليا للحكومة ما لم تطلق إصلاحات لإنهاء عقود من الفساد وهو سبب أساسي للأزمة. وتشعر الدول الخليجية الغنية التي قدمت دعما لإنقاذ لبنان في السابق بانزعاج من اتساع نفوذ حزب الله.