حسن نصر الله يتوعّد بردّ مدروس على اغتيال فؤاد شكر
بيروت - توعد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إسرائيل بردّ مدروس على اغتيالها القيادي العسكري البارز فؤاد شكر المسؤول عن إدارة عمليات الحزب في جنوب لبنان الذي يمثل مقتله ضربة موجعة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران، لا سيما وأنه يعد الشخصية الثانية في الحزب واليد اليمنى لنصر الله.
وفي كلمة ألقاها خلال مراسم تشييع شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت أمام حشد كبير، خاطب نصرالله الإسرائيليين بالقول "إفرحوا واضحكوا قليلاً وستبكون كثيرا"، مضيفا "لم تعرفوا أي خطوط حمر تجاوزتم وأي نوع من العداون مارستم والى أين مضيتم وذهبتم" بعد الضربتين اللتين أوديتا بشكر ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وأضاف أن "إسرائيل اغتالت فؤاد شكر باستهداف مبنى سكني مليء بالأطفال والنساء في ضاحية بيروت ومن بين القتلى شهيد إيراني"، مردفا أن "المواجهة مع إسرائيل لم تعد جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة ساحاتها قطاع غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق وإيران".
وخسر حزب الله في المواجهات مع إسرائيل أبرز قياداته من بينهم وسام الطويل وحسين برجي وطالب عبد الله المعروف أيضا باسم الحاج أبوطالب ومحمد ناصر.
واعتبر نصر الله أن "ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت من قبل إسرائيل عدوان وليس ردة فعل"، لافتا إلى أن "التحقيق الداخلي الذي أجراه الحزب أكد أننا لم ننفذ الهجوم على بلدة مجدل شمس بالجولان، ولو نفذناه ولو بالخطأ لأعلنا ذلك".
وتابع "ما حصل بضاحية بيروت الجنوبية ليس مجرد عملية اغتيال بل جزء من الحرب الأميركية الصهيونية على المنطقة"، مؤكدا أن رد "المقاومة على الاعتداء على الضاحية واغتيال شكر أمر محسوم".
وأضاف "العدو لا يعرف من أين سيأتي ردنا هل من شمال فلسطين أو جنوبها، وهل سيكون متفرقا أم متزامنا؟".
وأكد أن "أي هجمات ستحدث خلال هذه الأيام ليست هي الرد على استشهاد شكر"، مستدركا "نبحث عن رد حقيقي وليس شكليا كما يروج، بل هو رد مدروس جدا".
وفيما يتعلق باغتيال هنية قال نصر الله "هل يتصورون أنهم سيقتلون هنية في طهران وأن إيران ستسكت؟ ما سمعناه من الإمام الخامنئي وكل المسؤولين الإيرانيين، فهم لا يعتبرون فقط أنه تم المس بسيادتهم، بل يتحدثون عن المس بسيادتهم وأمنهم وهيبتهم وشرفهم".
وكان فؤاد شكر، القائد العسكري الكبير في حزب الله الذي قتلته إسرائيل يوم الثلاثاء، أحد الأعضاء المؤسسين للجماعة اللبنانية المتحالفة مع إيران وساعد في الإشراف على تحولها من مجرد فصيل مسلح يعمل في الظل خلال الحرب الأهلية اللبنانية إلى قوة رئيسية في الشرق الأوسط.
ومقتله هو أكبر ضربة لقيادة حزب الله منذ اغتيال عماد مغنية في عام 2008، وهو ما يؤكد خطورة ما حدث هذا الأسبوع من تصعيد للصراع الدائر في المنطقة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة الفلسطيني.
وكان شكر، المعروف أيضا باسم الحاج محسن، ينتمي لجيل من الشيعة اللبنانيين الذين احتشدوا في عام 1982 لمحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في ذلك العام. وكان تحركهم بدافع مستوحى من الفكر الأيديولوجي للثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
وكان أيضا صديقا مقربا لمغنية، الذي كان يعمل في الظل ويعتبره حزب الله قياديا أسطوريا، لكن الولايات المتحدة تعتبره إرهابيا متهما بالتخطيط لهجمات شملت تفجير ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983.
وتقول الولايات المتحدة إن شكر لعب دورا محوريا في التفجير الذي أودى بحياة 241 عسكريا أمريكيا. ورصدت في عام 2017 مكافأة تصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه، وفقا لموقع "مكافآت من أجل العدالة" الإلكتروني التابع للحكومة الأميركية.
وحسب متحدث الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، على منصة "إكس"، فإن شكر هو "القيادي العسكري الأبرز في حزب الله ومسؤول الشؤون الإستراتيجية فيه".
وأضاف أن شكر "كان يُعتبر اليد اليمنى لأمين عام حزب الله حسن نصر الله ومستشاره لشؤون التخطيط وإدارة الحرب".
وولد شكر المعروف أيضا باسم "الحاج محسن" ببلدة النبي شيت بمنطقة بعلبك (شرق) في 15 أبريل/نيسان 1961، وفق موقع "مكافآت من أجل العدالة" التابع للحكومة الأميركية.
وسبق أن رصدت واشنطن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن شكر، الذي قالت إنه مستشار كبير في الشؤون العسكرية لحسن نصر الله.
ومنذ أيام، تزايدت التوقعات بتصعيد إسرائيلي كبير على خلفية مقتل 12 درزيا السبت إثر سقوط صاروخ في بلدة مجدل شمس بهضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967.
وبينما اتهمت تل أبيب حزب الله بالوقوف خلف الحادثة وتوعدت بتوجيه ضربة قوية له، نفى الحزب أي مسؤولية عنها.
وغارة الثلاثاء هي ثاني هجوم إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لحزب الله، منذ اغتيال تل أبيب القيادي بحركة حماس صالح العاروري في 2 يناير/كانون الثاني.
وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الخميس أن اسرائيل في "مستوى عال جدا" من الاستعداد لأي سيناريو سواء "دفاعي أو هجومي" بعدما تلقت تهديدات بالرد على مقتل زعيم حماس هنية وفؤاد شكر.
وفي سياق متصل قالت مصادر أمنية مقربة من جماعة حزب الله اللبنانية ودبلوماسيون إن الجماعة لم تخل مواقعها الحساسة كما لم تقم بإجلاء كبار القيادات من الضاحية الجنوبية في بيروت قبل الهجوم الذي وقع هذا الأسبوع وأسفر عن مقتل قائد عسكري كبير بها لأنه كان المعتقد أن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة ستمنع إسرائيل من ضرب الضاحية.
وأضافت المصادر أن انطباع جماعة حزب الله كان هو أن إسرائيل لن تضرب الضاحية الجنوبية، وهي معقل دعم للجماعة الشيعية، لأنها كانت تتصور أن القوات الإسرائيلية ستلتزم بالخطوط الحمراء غير الرسمية التي يتقيد بها الجانبان بشكل عام في الصراع الذي تصاعد خلال حرب غزة.
ونقل هذا التقييم لرويترز ثمانية دبلوماسيين مطلعين على أحدث جهود الوساطة التي تقودها واشنطن وتشمل فرنسا والأمم المتحدة، فضلا عن ثلاثة مصادر أمنية مقربة من حزب الله. وتحدثوا جميعا شريطة عدم ذكرهم بالاسم بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع.
لكن ذلك التفاهم انتهى يوم الثلاثاء عندما أدت ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية إلى مقتل فؤاد شكر القائد العسكري الأعلى لحزب الله ومستشار عسكري إيراني وخمسة مدنيين.
والآن يتساءل المسؤولون اللبنانيون وجماعة حزب الله عما إذا كانت الضمانات الدبلوماسية قد نُقلت إلى الجماعة بدقة.
وقال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب "لم نتوقع منهم أن يقصفوا بيروت لكنهم قصفوها".
وبدأ التوتر يتصاعد بعد هجوم قاتل على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل في 27 يوليو/تموز، والذي اتهمت إسرائيل جماعة حزب الله بتنفيذه، وتوعدت بالرد عليه. ونفت الجماعة تورطها في الهجوم.
وهرع دبلوماسيون لاحتواء التداعيات من خلال حث إسرائيل على عدم قصف الضاحية في إطار ردها، ونقل المبعوث الأميركي الخاص للبنان آموس هوكستين هذه الرسائل على وجه التحديد، حسبما قال العديد من الدبلوماسيين ومسؤول لبناني على دراية مباشرة بجهود الوساطة لرويترز.
وقال مسؤول في جماعة حزب الله إن الوسطاء أبلغوهم بمثل هذه الجهود. وقال المسؤول اللبناني وثلاثة دبلوماسيين مشاركين في الرسائل إن إسرائيل لم تتعهد بأي التزامات.
ومع ذلك فإن موقف جماعة حزب الله كان يشير إلى حالة من الثقة، ففي الأيام التي سبقت الهجوم شوهد مسؤولون كبار من الجماعة يتنقلون في منطقة الضاحية الجنوبية.
وقال مصدران أمنيان إن الحزب أخلى بعض مواقعه الرئيسية في جنوب وشرق لبنان تحسبا لهجمات محتملة، لكنه لم يتخذ تدابير مماثلة في بيروت.
وأضاف المصدران أن أعضاء الجماعة اللبنانية الذين يعيشون بالقرب من المبنى المستهدف جرى إجلائهم في حالة من الذعر بعد قصفه.
وقال دبلوماسي بالمنطقة إن الهجوم يعني أن إسرائيل لم يكن لديها أهداف كبيرة تابعة لحزب الله لتستهدفها في جنوب أو شرق لبنان.
وأوضح دبلوماسيان أوروبيان أن حزب الله لم يتخذ تدابير احترازية في بيروت و"لم يكن حذرا". وذكر العديد من الدبلوماسيين، فضلا عن مبعوث غربي، أن الجماعة كان لديها قناعة بأن الضاحية لن تتعرض للقصف.
وقال أحد الدبلوماسيين "كانت هناك رسالة واضحة" مفادها أن إسرائيل ستتجنب المدن الكبرى بما في ذلك بيروت.