حظر النقاب.. شأن تونسي ولا فتاوى عابرة الأوطان

الفتوى تأخذ في الاعتبار أولاً وأخيراً الظروف الموضوعية للدولة التي تصدر فيها من غير المعقول أن تتدخل مؤسسة في دولة في شؤون دولة أخرى بسم الدين أو باسم العروبة إلا إذا كان التدخل ضمن القوانين المتفق عليها بين البلدين.

عبدالله بن بخيت  

حظرت الحكومة التونسية النقاب في الأماكن العامة على الأراضي التونسية، شأن تونسي خالص لا أعلق عليه ولا أرى أن من واجبي أن أتدخل في القرارات التي تتخذها الدول الأخرى إذا لم يكن لهذه القرارات تبعات على بلادنا. تدخل الكتّاب أو الدعاة والمشايخ في الشأن الداخلي للدول الأخرى يجعل التدخل في شؤونا مشروعاً. التطاول باسم العروبة أو باسم الدين أو بأي اسم آخر في شؤون الدول الأخرى هو المصيبة الكبرى التي جرت علينا كل المشكلات التي نراها فيما يسمى الربيع العربي، هو الأساس الذي تقوم عليه دعوات الوحدة والخلافة والوطن الكبير والأمة، وهو الأساس الذي ينطلق منه الطامعون والحالمون والمنتفعون من الشعارات العدمية.

الإخوان المسلمون حزب مصري، تراخيصه السياسية والاجتماعية التي كان يعمل بها قبل حظره صادرة وفقاً للقانون المصري، ما تجيزه القوانين في مصر ربما لا تجيزه القوانين في المملكة أو أي بلد آخر. فليس من العقل أن يتبنى مواطن سعودي الميثاق الذي يسير وفقه هذا الحزب، اتباع ميثاق هذا الحزب أو غيره من الأحزاب الأجنبية الأخرى نوع من الخيانة، الأمر لا يتوقف على حزب الإخوان، التحق كثير من العرب في العقود الماضية بأحزاب سياسية عابرة للأوطان مثل حزب البعث والحزب القومي والناصري. حدث هذا أيام الجهل بالأنظمة والقوانين واتباعاً للسنة التي سنها الاتحاد السوفييتي فيما عرف بالأممية.

كان حزب البعث الحزب الأكثر انتشاراً في البلاد العربية، حزب يؤسسه رجل سوري ثم يقفز للسلطة بانقلاب في سورية والعراق، مواطنو الدول العربية المنتمون للحزب لم يدركوا أنهم كانوا عملاء لدولة أخرى. ما الذي يمكن أن تسمي الإنسان الذي يعيش في بلده ويتبع حكومة وأنظمة بلد آخر.

إقامة علاقة مع إسرائيل قرار خاص بكل دولة عربية على حدة، مصر تقيم علاقة كاملة مع إسرائيل والسعودية لا علاقة لها بإسرائيل، هذا الاختلاف لم يؤثر على علاقة الود والتعاون بين مصر والسعودية. موقفي كمواطن سعودي من العلاقة مع إسرائيل تمليه علي ظروفي كسعودي، لا يحق لي إدانة مصر على هذه العلاقة.

الفتاوى الفقهية التي تصدر في المملكة يفترض أن تكون سعودية حصرياً، المؤسسة الدينية التي تصدرها في السعودية معنية بالشأن المحلي، الفتوى تأخذ في الاعتبار أولاً وأخيراً الظروف الموضوعية للدولة التي تصدر فيها، من غير المعقول أن تتدخل مؤسسة في دولة في شؤون دولة أخرى بسم الدين أو باسم العروبة إلا إذا كان التدخل ضمن القوانين المتفق عليها بين البلدين.

أي مؤسسة في دولة تعمد إلى إدانة قرار صدر عن مؤسسة في بلد آخر يعد تدخلاً سافراً في شؤون الدولة الأخرى وتحريض يجب أن يعاقب عليه النظام.

نُشر في الرياض السعودية