حفتر مع إجراء الانتخابات وسط مخاوف من فشل التوافق

قائد الجيش الليبي يؤيد خطط إجراء انتخابات عامة لكنه يقول إن أطرافا عديدة لم تف بتعهداتها من أجل اتخاذ هذه الخطوة.
حفتر يعلن أن القيادة العامة للجيش الليبي لم تتراجع في ما تعهدت به
قائد الجيش الليبي يعتبر السبب الرئيسي لمعارك طرابلس هو شرعنة ميليشيات مسلحة

بنغازي (ليبيا) - لا يزال قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وهو شخصية محورية في مستقبل ليبيا، يؤيد خطط إجراء انتخابات عامة في ديسمبر/كانون الأول، لكنه يقول إن "أطرافا عديدة" لم تف بتعهداتها من أجل اتخاذ هذه الخطوة.

وتزيد تصريحات حفتر من شكوك متنامية في أن خطة فرنسية تدعمها الأمم المتحدة لإجراء انتخابات تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر في ليبيا منذ أكثر من سبع سنوات ستمضي قدما.

وحفتر شخصية مهيمنة في شرق البلاد حيث سيطر الجيش الوطني الليبي العام الماضي على مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، وطرد منها مقاتلي فصائل إسلامية وغيرها.

وفي تعليقات مكتوبة ردا على أسئلة طرحتها رويترز، أحجم حفتر (75 عاما) عن التصريح بما إذا كان سيخوض الانتخابات الرئاسية كما هو متوقع، واكتفى بقول "لا أدري عن أي انتخابات تتحدث، عندما يعلن عنها ويفتح باب الترشح ستعرف الإجابة".

ويدعم حفتر حكومة مقرها شرق البلاد، وهو المنافس الرئيسي لرئيس الوزراء فائز السراج الذي يرأس حكومة انتقالية توسطت الأمم المتحدة في تأسيسها ومقرها العاصمة طرابلس.

وفي مايو/أيار، اتفق حفتر والسراج ورئيسا البرلمانين المتنافسين في ليبيا شفهيا، وبوساطة فرنسية في باريس، على وضع إطار عمل للانتخابات.

لكن اشتباكات على مدى أسابيع بين فصائل متناحرة في طرابلس، بعضها مرتبط بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، كشفت عن صعوبة تنظيم انتخابات في خضم الفوضى السائدة.

وقال حفتر في رده المكتوب الذي قدمه مكتبه "القيادة العامة للجيش الوطني الليبي لم تتراجع في ما تعهدت به، وجاهزون لأداء دورنا في تأمين الانتخابات في الموعد المتفق عليه وفي المناطق التي يسيطر عليها الجيش. "ولكن باقي الأطراف أخلت بالتزاماتها، ولم تتخذ أي خطوات لأداء دورها".

وتابع قائلا "أذكر على سبيل المثال أن شرط توفير القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات حسب نص البيان (بيان مؤتمر باريس) لم يتخذ بشأنه أي إجراء حتى الآن، رغم أن رئيس البرلمان قد تعهد أمام الجميع في باريس بأنه قادر على إنجاز هذا الاستحقاق قبل نهاية شهر يوليو من هذا العام، وتم الاتفاق على أن يمنح مهلة حتى 16-09-2018 كحد أقصى، وقد تجاوزنا الآن هذا التاريخ دون أي إجراء، ودون تقديم أي مبررات".

ويقع البرلمان في منطقة بشرق ليبيا يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، لكنه هو نفسه منقسم بشدة.

لا التزام باتفاق باريس

وظل البرلمان يرجئ جلسات لأسابيع، ودون حضور النواب باستثناء قلة قليلة. وشكا البعض من الترويع والعنف. وأصيب نائب في الآونة الأخيرة بعيار ناري في الساق.

وقال حفتر "نحن لا يراودنا أدنى شك بأن هناك أطرافا تعمل بأقصى جهدها لعرقلة الانتخابات لأنها تتعارض مع طموحاتهم السياسية ومصالحهم الشخصية وحساباتهم الخاصة التي يقدمونها على مصلحة الوطن، وفي الظاهر يدّعون الوطنية والحرص على الديمقراطية".

كانت الانقسامات بين الجماعات المتنافسة وداعميها الأجانب قد شابت محاولات سابقة للتوصل لاتفاقات سلام. وانزلقت ليبيا في حالة الفوضى بعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي ودعمها حلف شمال الأطلسي.

وأطلق حفتر حملة عسكرية في مايو/أيار 2014 في بنغازي استمرت ثلاثة أعوام، وقدم نفسه على أنه زعيم عسكري قادر على استعادة النظام. ويشار إليه بلقب "المشير".

وقال حفتر إن الوضع في طرابلس ما زال خطيرا رغم مساعي الأمم المتحدة لإرساء هدنة بين الفصائل المسلحة.

وكان الجيش الوطني الليبي قد تحدث عن بسط النفوذ إلى طرابلس، لكن هذا قد يتطلب من حفتر كسب جماعات مسلحة أخرى في غرب ليبيا.

وقال حفتر في تعليقاته المكتوبة "نحن لم نستغرب اندلاع المعارك الطاحنة في العاصمة، وقد حذرنا مرارا وتكرارا أن الوضع في طرابلس هش وخطير، ونشوب الصراع المسلح فيها أمر حتمي، والسبب الرئيسي هو شرعنة ميليشيات مسلحة والاعتماد عليها في تأمين طرابلس وحماية مؤسسات الدولة فيها، وعدم وجود أي ضامن للسيطرة عليها، والتعامل معها وكأنها مؤسسات محترفة ومنضبطة.

"هذه المجموعات تتخذ قراراتها من تلقاء ذاتها، وعندما تتعارض مصالح بعضها مع بعضها الآخر يلجؤون إلى المواجهة المسلحة وبناء التحالفات، دون أدنى اكتراث بأي تعليمات تصدر إليها من الجهات الرسمية، ودون مراعاة لسكان المدينة الضحية الأولى لهذا الجنون. وهذا ما يتكرر في كل مرة. الصراع بين هذه المجموعات هو صراع تنافسي على السلطة والثروة، وهو أيضا صراع وجود".

وقال إن الحل يكمن "في معالجة وضع هذه المجموعات ونزع سلاحها بوسائل سلمية مختلفة حسب الحالة، ووضع برنامج بديل لها عن الوضع البائس الذي تعيشه حاليا، واستبدالها بقوى رسمية محترفة ومنضبطة متمثلة في الجيش والشرطة وباقي الأجهزة الأمنية المؤهلة والمعدة أساسا لحفظ الأمن".

وقال إن هذا ليس أمرا سهلا يمكن تحقيقه في يوم وليلة "لكنه ليس مستحيلا، وقد يتطلب بعض التنازلات من كل الأطراف بما فيها مؤسسات الدولة من أجل المصلحة العليا".

شدد حفتر على أهمية التوزيع "العادل" لعائدات النفط وقال "في ظل هذه الفوضى أصبح النصيب الأكبر من عائدات النفط يصب في خزائن التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة وفي جيوب المرتزقة والاعتمادات الوهمية والمهمات الرسمية والنهب بلا حدود".

وقال إن انقسام المؤسسات وغياب الرقابة والمساءلة والمحاسبة أسهم بشكل كبير في سوء إدارة عائدات النفط والتصرف فيها مما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي.

ومضى قائلا في تصريحاته المكتوبة "المؤسسة العسكرية تأثرت كثيرا بهذا العبث وهذه الفوضى، ونحن ندعم توحيد هذه المؤسسات. وعلى كل مؤسسة... أن تلتزم بتطبيق القانون وأن تخضع للرقابة والمساءلة القانونية وليس للتهديد بقوة السلاح وعنجهية الميليشيات".