حفتر يأمر قواته بالتحرك صوب طرابلس

قائد الجيش الوطني الليبي للفصائل والقوات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس: من ألقى السلاح فهو آمن ومن لزم بيته فهو آمن ومن رفع الراية البيضاء فهو آمن.
100 كلم فقط تفصل قوات الجيش الليبي عن طرابلس
حفتر يأمر قواته بعدم إطلاق النار إلا ردا على من يطلق النار في طرابلس
الجيش الليبي يسيطر بالكامل على مدينة غريان بوابة طرابلس الجنوبية
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعوان لضبط النفس في ليبيا
مدرعات الجيش الوطني تجوب شوارع غريان
غريان كانت متحالفة مع حكومة فائز السرّاج
المواجهات المسلحة بين قوات شرق وغرب ليبيا تسبق مؤتمر غدامس

طرابلس/بنغازي - أمر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر قواته بالتحرك صوب العاصمة طرابلس وذلك مباشرة بعد سيطرة قواته على غريان المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني وهي أيضا بوابة رئيسية للعاصمة. وقال حفتر في تسجيل الصوتي يحمل عنوان 'عملية تحرير طرابلس' "إلى جيشنا المرابط على تخوم طرابلس، اليوم نستكمل مسيرتنا".

ولم يعد يفصل قوات الجيش الوطني الليبي الذي انطلق من شرق البلاد، عن العاصمة طرابلس إلا نحو 100 كيلومتر بعد أن سيطرت اليوم الخميس بالكامل على مدينة غريان جنوبي العاصمة.

وقال قائد الجيش الوطني الليبي "اليوم نستكمل بعون الله مسيرتنا الظافرة. مسيرة الكفاح والنضال. اليوم نستجيب لنداء أهلنا في عاصمتنا الغالية كما وعدناهم وقد بلغ بهم الصبر المنتهى. اليوم موعدنا مع القدر ليستجيب لنداء الحق ومع التاريخ ليفتح لنا صفحاته النيّرة نسطر فيها ثمرة الجهاد وخاتمة المعاناة والألم. اليوم نزلزل الأرض تحت أقدام الظالمين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. اليوم يشرق النور من كل جانب بعد طول انتظار يبشر بالخير والازدهار".

وتابع وفق ما جاء في التسجيل الصوتي الذي وجهه حفتر عبر الأجهزة اللاسلكية إلى وحدات الجيش على كافة المحاور ونشرته القوات المسلحة الليبية على صفحتها بفايسبوك "اليوم يرتفع صوتنا يدوي صداه في كل سماء.. لبيك طرابلس.. لبيك طرابلس. أيها الأبطال الاشاوس لقد دقت الساعة وآن الأوان. آن موعدنا مع الفتح المبين فتقدموا كما عهدناكم بخطى واثقة بالله وادخلوها بسلام على من أراد السلام مناصرين للحق غير غازين".

ووجه حفتر قواته بـ"عدم رفع السلاح إلا بوجه من ظلم نفسه منهم واثر المواجهة والقتال ولا تطلقوا النار إلا ردا على من حمل السلاح منهم ليطلق النار ويسفك الدماء".

وقال أيضا في كلام موجه لقواته وللفصائل المسلحة الموالية لحكومة الوفاق "من ألقى سلاحه فهو آمن ومن لزم بيته فهو آمن ومن رفع الراية البيضاء فهو آمن".

وذكّر قواته بأن "سلامة المواطنين وأمنهم وأعراضهم وممتلكاتهم وضيوفنا الأجانب بمختلف جنسياتهم. مرافق العاصمة ومنشآتها كلّها أمانة في أعناقكم فاحرصوا أن تؤدوا الأمانة حقها واتقوا الله وتذكروا قوله تعالى 'ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين'.

وقالت القوات الليبية، إن اثنين من جنودها أصيبا في اشتباكات خلال زحفها نحو العاصمة طرابلس، فيما أوضح الناطق باسمها أن الاشتباكات وقعت في منطقة الهيرة، مضيفا "قواتنا تتقدم نحو طرابلس من عدة محاور".

وفي وقت سابق لكلمة حفتر المسجلة، قال اللواء عبدالسلام الحاسي آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية في الجيش الوطني الليبي "تمت السيطرة على مدينة غريان بالكامل وأنا الآن أتجول فيها". وقالت سرية بنغازي على فايسبوك إن كتيبة طارق بن زياد المقاتلة تتمركز الآن داخل غريان وتنتظر التعليمات لاقتحام طرابلس وتطهيرها من الإرهاب. ونشرت شريط فيديو تظهر انتشار قواتها في غريان. 

وانقسمت ليبيا بين الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس وإدارة موازية متحالفة مع حفتر منذ سقوط القذافي. وكانت غريان التي تقع في الجبال الغربية على بعد نحو 100 كيلومتر جنوبي العاصمة متحالفة مع حكومة طرابلس.

وتأتي السيطرة على المدينة بعد اندلاع مناوشات يوم الأربعاء مع قوات متحالفة مع رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس فائز السراج. ويمثل هذا التطور تقدما سريعا باتجاه الغرب من جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر والذي انطلق من معقله في بنغازي بشرق البلاد.

وتعد التطورات تصعيدا خطيرا في الصراع بليبيا المستمر منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011.

وفي وقت سابق اليوم الخميس قال يوسف البديري عميد بلدية غريان، إن الجانبين خاضا مناوشات يوم الأربعاء لكنها انتهت. وقال أحد السكان "المدينة الآن تحت سيطرة الجيش الذي أتى من المنطقة الشرقية ويمكنني رؤية مركبات عليها شعار الجيش الوطني الليبي".

وأعلنت فصائل ليبية من مدينة مصراتة غرب ليبيا وموالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس الخميس استعدادها للتصدي لتقدم القوات الموالية للمشير خليفة حفتر التي تسيطر على شرق ليبيا.

وأكد بيان لرئيس المجلس العسكري لمدينة مصراتة العميد إبراهيم بن رجب أن "هذه المدينة بعسكرييها وثوارها وقياداتها وأبنائها المخلصين يعلنون وعلى الفور استعدادهم لوقف هذا الزحف المشؤوم دفاعا عن الوطن الحبيب".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي وصل إلى طرابلس يوم الأربعاء لدفع محادثات السلام، طرفي الصراع إلى ضبط النفس.

ووصل غويتريش إلى ليبيا أمس الأربعاء، قادما من مصر ضمن جولة إقليمية ومن المرتقب أن يلتقي خلال زيارته مسؤولين ليبيين.

وقال في تغريدة قبل السيطرة على غريان، إنه قلق للغاية من التحركات العسكرية وخطر المواجهة، مضيفا "لا يوجد حل عسكري. وحده الحوار بين الليبيين يمكن أن يحل المشاكل الليبية. أدعو للهدوء وضبط النفس فيما أستعد للاجتماع مع القادة الليبيين في البلاد".

ويمثل تجدد المواجهات انتكاسة للأمم المتحدة والدول الغربية التي تحاول الوساطة بين السراج وحفتر، اللذين اجتمعا في أبوظبي الشهر الماضي لبحث اتفاق لتقاسم السلطة.

ومن المقرر عقد مؤتمر وطني هذا الشهر للاتفاق على خارطة طريق لإجراء انتخابات لوضع حد لعدم الاستقرار في ليبيا وهي منتج للنفط ونقطة تجمع للاجئين والمهاجرين القادمين من منطقة الصحراء على أمل الوصول إلى أوروبا.

ويتمتع حفتر بدعم واسع من عدد من الدول العربية والغربية التي تعتبره حصنا في وجه المتشددين والجماعات المسلحة المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، بينما يرى فيه معارضوه صورة جديدة للقذافي.

وتسيطر القوات التي يقودها المشير خليفة حفتر على الشرق وتوسعت في الآونة الأخيرة إلى جنوب ليبيا ضمن حملات عسكرية متواصلة على الإرهاب. ونجحت بالفعل في إعادة الاستقرار إلى شرق البلاد.  

ولم يصدر تعقيب بعد من حكومة طرابلس التي كانت قد أعلنت النفير العام لقواتها في مواجهة الزحف القادم من الشرق.

ويشكك محللون في قدرة الجيش الوطني الليبي على شن هجوم شامل لأنه ضغط على موارده بتقدمه جنوبا كما أنه يعتمد على رجال العشائر وقوات أخرى مساعدة.

لكن التطورات الأخيرة أثارت قلق الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى خطاب تصعيدي الذي قد يؤدي بشكل خطير إلى مواجهة لا يمكن السيطرة عليها.

وحثت البعثة في بيان لها اليوم الخميس نشر على صفحتها الرسمية على فايسبوك جميع الأطراف إلى تهدئة التوتر على الفور ووقف جميع الأعمال الاستفزازية، مؤكدة أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش التقى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية خلال زيارة لطرابلس
غوتريش يدعو الليبيين إلى ضبط النفس

وأضافت أن الشعب الليبي يستحق العيش بسلام وأمن، فالوضع الحالي يتطلب من صناع القرار التصرف بمسؤولية واضعين المصلحة الوطنية أولا وأخيرا.

وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي "يدعم بالكامل جهود الوساطة التي يبذلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، بما في ذلك الاجتماعات الأخيرة في أبوظبي ويوفر المؤتمر الوطني المقبل المقرر عقده في غضون أيام فلي مدينة غدامس، فرصة تاريخية لجميع شرائح المجتمع الليبي للاتفاق على خريطة الطريق السياسية التي ستنهي المرحلة الانتقالية".

وحثت البعثة جميع الأطراف على "انتهاز فرصة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش والانخراط بروح توافقية من أجل تجنب المزيد من سفك الدماء وبناء مستقبل أفضل لجميع الليبيين".

وأعلن فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية أمس الأربعاء، حالة "النفير العام" لقوات الجيش والشرطة، إثر رصد تحركات لقوات خلفية حفتر قرب العاصمة طرابلس.

وقالت الخارجية الأميركية في بيان مشترك مع حكومات فرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة نشرته على صفحتها بتويتر إنها "تشعر بقلق عميق حيال القتال بالقرب من غريان".

 وحثّت جميع الأطراف على ضبط النفس، مشيرة إلى أن التوترات الأخيرة من شأنها أن تعيق آفاق الوساطة السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وقالت "نعتقد أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في ليبيا".

وطالب السراج بصفته القائد الأعلى للجيش، قواته بـ"الاستعداد والتصدي لأية تهديدات تستهدف زعزعة الأمن في أية منطقة، سواء من تنظيمات إرهابية أو إجرامية أو مجموعات مارقة خارجة عن القانون أو مرتزقة أو من يهدد أمن أي مدينة ليبية"، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي.

وجاء بيان السراج بعدما أعلن المكتب الإعلامي لقوات حفتر، المسيطرة على شرقي ليبيا، تحرك وحدات عسكرية تابعة لها إلى المنطقة الغربية لـ"تطهير ما تبقى من الجماعات إرهابية" في إشارة إلى الكتائب غير الخاضعة لها، والداعمة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

وأضاف السراج "التزمنا ضبط النفس في السابق تجاه افتعال متعمد للأزمات، لكن أمام هذا الإصرار على تبني هذا النهج العدائي الذي اعتقدنا أننا تجاوزناه، فقد أصدرنا التعليمات، وأعلنا حالة النفير العام".

وقال "تابعنا بأسف ما يصدر عن بعض الأطراف (في إشارة إلى قوات حفتر) من تصريحات وبيانات مستفزة تتحدث عن التوجه لتطهير المنطقة الغربية وتحرير العاصمة طرابلس".

وشدد على أنه "لا حل عسكري للأزمة الليبية والحرب لا تجلب إلا الدمار للبلد والمعاناة للشعب".

وتتواجد قوات حفتر في عدة نقاط في المنطقة الغربية أقربها إلى طرابلس بلدة الأصابعة المجاورة لمدينة غريان والتي لا تبعد عن العاصمة سوى نحو 80 كلم وكثفت في الفترة الأخيرة من تحركاتها في المنطقة بعد سيطرتها مؤخرا على المدن والبلدات الرئيسية في إقليم فزان (جنوب غرب).

ولفت السراج إلى أن "هذا التصعيد الممنهج يأتي قبل أيام معدودة من عقد الملتقى الوطني الجامع (للحوار) الذي يرى فيه الليبيون بصيص أمل ومخرجا من الأزمة وفرصة لتوحيد المؤسسات وطريقا يوصل للانتخابات، لكن هذه الأطراف بخطابها هذا ستعمل على تقويض كل ذلك".

وتنظم بعثة الأمم المتحدة، مؤتمرا للحوار في مدينة غدامس الليبية (جنوب غرب)، بين 14 و16 أبريل/نيسان ضمن خارطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط.

ومنذ سنوات، يشهد البلد الغني بالنفط صراعا على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب) وقوات حفتر المدعومة من مجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق(شرق).