حفر كبيرة وانهيارات أرضية غامضة تثير مخاوف الجزائريين
الجزائر – يتواصل الجدل في الجزائر العاصمة، بعد ظهور حفر غامضة وانهيارات أرضية في الشوارع أثارت هلع السكان وشط حديث وتكهنات بشأن وجود شبكة أنفاق سرية تمتد تحت المدينة، لا يعرف تفاصيلها حتى الان.
وظهرت في أحياء مختلفة من العاصمة الجزائر حفر وثقوب واسعة حيرت سكانها، وخلفت تساؤلات حول "أنفاق سرية" شيدت في عصور ماضية.
وقد بدأت الحوادث بانهيارات كبيرة في الطريق السيار الوطني رقم 5، استدعت تدخلا سريعا من طرف الهيئات المختصة التي ردمته فورا. تلتها ظهور حفرة ضخمة في بلدية باب الوادي، ثم حفرة أخرى في بلدية الأبيار أدت إلى إغلاق شارع رئيسي بالكامل.
ففي بلدية باب الوادي ظهر ثقب كبير، بعد انهيار الأرضية فجأة وبشكل كامل، واعتقد سكان المنطقة أن الأمر يتعلق بمجرد انهيار للتربة، أو تلف الأرضية، غير أن عمق الحفرة الكبير أثار شكوك سواء لدى المواطنين أو حتى المصالح المحلية التي سارعت لإحاطة المكان بحواجز.
وبعد يومين من الحادثة، ظهرت حفرة أخرى كبيرة في بلدية الأبيار، ما أدى إلى إغلاق الشارع الرئيسي بشكل كامل، في انتظار تدخل المصالح المختصة وعلى رأسها اللجنة التقنية للبناء.
وأبدى سكان المناطق المتضررة قلقهم الشديد من هذه الظاهرة الغامضة، خاصة بعد تداول صور الحفر الضخمة.
ورجح البعض أن تكون الجزائر تحتوي على انفاق شبيهة بما تم الكشف عنه في مدينة وهران شمال غرب الجزائر، حيث أزاحت السلطات الستار عن أعمق سلسلة أنفاق أرضية يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر للميلاد، كانت عبارة عن ملاجئ ومخازن للأسلحة منذ الحرب العالمية الثانية.
وبحسب ناشطين فإن المدن الجزائرية فقدت وهجها خلال العشريتين الماضيتين، وتحولت إلى خليط من نسيج عمراني غير متجانس يجمع بين هندسة قديمة متقنة تتهاوى ومشاريع جديدة مكثفة أسقط منها عامل الجودة والتنوع بسبب حاجة ملحة للسكن، كما أصبحت المدن الكبرى مطوقة بحزام من القصدير والسكن الهش الناجم عن نزوح سكاني فرضته الأزمة الأمنية، فيما أنتج البناء الذاتي حظيرة غير مكتملة.
وتحدث ناشطون عن انهيارات أدت إلى سقوط قتلى وعشرات الجرحى ودمار هائل، وجاء في تدوينة:
ونشر ناشط مقطعا فيديو أظهرت انهيار مبنى مشيرا الة أنه حذر مرات عدة من الكوارث السكنية إذ يجب إخلاء البنايات الآيلة للسقوط فورا و ردمها.
وتعتبر الجزائر وقسنطينة ووهران وعنابة مدة كبيرة لكنها تبقى بعيدة عن مقاييس المدن العالمية، بسبب ما يسمه المختصون غياب سياسية تعميرية والاكتفاء بعمليات إعادة إسكان غير مدروسة، أعادت استنساخ أحياء قصديرية في شكل عمارات تفقد للجمالية والبعد الاجتماعي.
وشددت هيئة المهندسين المعماريين على ضرورة إعادة النظر في المخططات العمرانية وتطالب بالابتعاد عن الخبرة الأجنبية البعيدة عن الواقع الجزائري والتراجع عن مشاريع المدن الجديدة لعدم توفر ما يكفي من الآليات للتحكم فيها، فيما يرى مختصون أنه لا بد من دراسات اجتماعية قبل إقرار عمليات إعادة الإسكان لتحاشي عدم التأقلم مع التركيز على ضرورة مراعاة الخصوصية الجزائرية في البناء.
وقال الخبير الدولي في العمران جمال شرفي، رئيس المجلس العربي الأعلى للعمارة والعمران، في تصريحات لموقع العربية نت أن الفرنسيين أثناء استعمارهم للجزائر عام 1830، قاموا ببناء المدينة على غرار العاصمة الفرنسية باريس، حيث أنشأوا شبكة معقدة من أنفاق الصرف الصحي وقنوات تصريف مياه الأمطار تمتد من منطقة بوزريعة مروراً بالأبيار وصولاً إلى البحر.
ووصف هذه الشبكة التحت أرضية بأنها “متاهة حقيقية” تم استخدامها خلال العشرية السوداء (1990-2000) كملاجئ من قبل المسلحين، مما دفع السلطات الأمنية إلى إغلاقها.
وأكد شرفي أن السلطات المحلية الحالية لا تمتلك أي مخططات لهذه الأنفاق التاريخية، وهو ما يفسر - عدم القدرة على التحكم في فيضانات الأمطار التي تشهدها العاصمة بشكل متكرر.
وحذر من أن هذه الحفر والانهيارات ليست ظاهرة طبيعية، بل هي نتيجة تراكمات بسبب إهمال تلك القنوات التاريخية وعدم صيانتها، داعياً إلى ضرورة الإسراع بتحديث مخططات المدينة التحت أرضية.
وقد سارعت السلطات المحلية إلى إغلاق الشوارع المتضررة وتشكيل لجان تقنية للتحقيق في الأسباب الحقيقية لهذه الانهيارات، بينما تواصل فرق الأشغال العمومية جهودها لردم الحفر وإصلاح الأضرار.