حكومة أردوغان تُضيق الخناق القضائي على أكبر أحزاب المعارضة

زعيم حزب الشعب الجمهوري الشعبي يصف الاعتقالات التي طالت ثلاثة رؤساء بلديات بأنها 'عملية قذرة من تنفيذ سياسي'.

أنقرة - اعتُقل ثلاثة رؤساء بلديات ينتمون إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، اليوم السبت في إطار تحقيق حول اتهامات بالفساد، فيما تأتي هذه الاعتقالات ضمن حملة أوسع تهدف إلى تضييق الخناق على المعارضة، بدأت باعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بتهم فساد وأثارت أعنف احتجاجات شهدتها أنقرة منذ أكثر من عشرة أعوام. 

وكتب رئيس بلدية أنقرة المنتمي لحزب الشعب الجمهوري منصور ياواش على إكس "تم اعتقال رؤساء بلدياتنا في أضنة زيدان كرالا وفي أنطاليا محيي الدين بوتشيك وفي آديامان عبدالرحمن توتديري".

وقال كرالا خلال اقتياده إلى سيارة الشرطة ردّا على سؤال لصحافي عن سبب توقيفه "عندما يكون الصحافي أو السياسي نافذا، يقومون بإسكاته". وهذه التوقيفات الجديدة تأتي ضمن تحقيق حول اتهامات بالفساد اعتُقل على أساسها في مارس/آذار أكرم إمام أوغلو الذي أثار سجنُه تظاهرات حاشدة في تركيا رفعت خلالها لافتات تطالب بتغيير سياسي عميق. 

وإمام أوغلو هو مرشح حزب الشعب الجمهوري لانتخابات 2028، وأكبر منافس سياسي للرئيس رجب طيب إردوغان. وتشدد الحكومة التركية ضغوطها على الحزب المعارض الذي حقق فوزا ساحقا على حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية عام 2024.

وكتب رئيس بلدية أنقرة في منشوره "في نظام ينحني فيه القانون ويتأرجح تبعا للسياسة، وتطبق فيه العدالة على فئة ويتم تجاهلها بحق أخرى، لا ينبغي لأحد أن يتوقع منا أن نثق بسيادة القانون أو نؤمن بالعدالة"، مضيفا "لن نرضخ للظلم ولا لانعدام القانون ولا للمناورات السياسية".

وشنت السلطات التركية حملة على المعارضة مطلع يوليو/تموز واعتقلت أكثر من 120 من أعضاء بلدية إزمير، معقل حزب الشعب الجمهوري بغرب تركيا وثالث كبرى المدن في البلد، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على عملية مماثلة استهدفت بلدية إسطنبول. وأصدر القضاء مذكّرات توقيف في حقّ 157 شخصا في هذه القضيّة تمّ اعتقال 137 منهم.

وأدان حزب المساواة وديموقراطية الشعوب "ديم" المؤيد للأكراد وثالث أكبر حزب في البرلمان الاعتقالات في بيان شديد اللهجة. وكتبت الرئيسة المشاركة للحزب تولاي حاتم اوغولاري على إكس أن "اضطهاد المسؤولين المنتخبين يجب أن يتوقف".

وأضافت أن "عدم احترام قرارات الشعب في صناديق الاقتراع وعدم الإقرار برغبة الشعب يحدثان انقسامات عميقة في المجتمع"، متابعة "هذه العمليات لا تمثل حلا، بل تسدّ الطريق أمام ديموقراطية حقيقية في تركيا".

واضطلع حزب ديم في الأشهر الأخيرة بدور رئيسي في نقل الرسائل بين الزعيم الكردي عبدالله أوجلان وأنقرة بهدف إنهاء النزاع المستمر مع الأكراد وتسهيل المحادثات التي أفضت في مايو/أيار إلى إعلان مسلحي حزب العمال الكردستاني وضع حد لنزاعهم المسلح الذي أودى بقرابة 40 ألف شخص.

واعتقالات السبت هي أحدث حلقة في سلسلة من المناورات القانونية التي تستهدف حزب الشعب الجمهوري. وبدأت محكمة في أنقرة الاثنين النظر في قضية يُتهم فيها الحزب بشراء أصوات في الانتخابات لاختيار قيادته عام 2023، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء فوز زعيم الحزب أوزغور أوزيل الذي برز لدوره في قيادة احتجاجات مارس/آذار.

وقال أوزيل اليوم السبت إن التوقيفات الأخيرة "عملية قذرة من تنفيذ سياسي" في إشارة إلى المدعي العام في إسطنبول أكين غورليك. وأمر غورليك، وهو قاض كان نائب وزير العدل في 2022 قبل تعيينه في منصبه الحالي في أكتوبر/تشرين 2024، بفتح أغلبية التحقيقات في حقّ حزب الشعب الجمهوري.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن رئيسي بلديتي أضنة وأديامان مرتبطان بقضية فتحها مكتب المدعي العام في اسطنبول بشأن الاشتباه بتزوير مناقصات ورشوة.

وأفاد موقع "بيرغون" الإخباري بأن الشرطة اعتقلت أيضا نائب رئيس بلدية منطقة بُيوك تشكمجه في إسطنبول أحمد شاهين في إطار التحقيق نفسه.

وأضاف المصدر نفسه أن رئيس بلدية أنطاليا احتُجز على خلفية تحقيق منفصل فتحه المدعي العام في المدينة السياحية بشأن اتهامات بالرشوة، كما اعتقلت الشرطة ابنه.

والثلاثاء، شارك أكثر من 10 آلاف شخص في تجمّع احتجاجي نظمه حزب الشعب الجمهوري أمام مقرّ بلدية إسطنبول بمناسبة مرور 100 يوم على توقيف إمام أوغلو.

واتّهم إردوغان الحزب باستغلال الاحتجاجات لصرف الأنظار عن التحقيقات في قضايا فساد. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول اليوم السبت "إن أعضاء الحزب يحاولون التستّر على جرائمهم وتبييض صورة مجرميهم باحتجاجات في الشارع في مسعى إلى النيل من مؤسساتنا القضائية".