حكومة كركوك تواجه رفضا سياسيا يعيد الأزمة إلى بدايتها
أربيل – دخلت أزمة تشكيل الحكومة المحلية في محافظة أربيل، فصلا خلافيا جديدا مع رفض قوى سياسية نتائج الاجتماع الذي عُقد في العاصمة بغداد وتمخض عنه تشكيل الحكومة، معتبرة أنه "غير قانوني" وفيه الكثير من المشاكل ولا يمثل سكان المحافظة الغنية بالثروات النفطية، وأكد البعض اللجوء إلى القضاء.
وأعلن كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والجبهة التركمانية العراقية عن رفض الحكومة المحلية التي تم تشكيلها مؤخراً.
وقال محمود محمد، المتحدث الرسمي باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان "فيما يتعلق بالمتغيرات وآخر التطورات المتعلقة بتشكيل حكومة كركوك المحلية، فقد لاحظنا فور إعلان نتائج الانتخابات في كركوك أن النتائج لا تعكس الإرادة الحقيقية لأهالي كركوك. ومنذ ذلك الحين بذلت جهود كثيرة للوصول إلى حلّ مناسب في كركوك، لأن الوضع فيها وضع استثنائي والحل يجب أن يكون حلاً استثنائياً يخدم رخاء واستقرار ورفاهية أهالي المدينة".
وأضاف "عقدت عدة لقاءات مع الطرفين العربي والتركماني. وفي اللقاء الأخير مع الرئيس بارزاني بتاريخ 4 أغسطس/آب 2024 وبحضور الممثلين العرب والتركمان كافة، تم التأكيد على أن الحلول يجب أن تكون مبنية على حقوق المكونات كافة في كركوك وفي إطار التوافق الوطني وكان رأي الرئيس بارزاني تعيين محافظ كردي ومحايد ومقبول من جميع الأطراف الفائزة".
الحزب الديمقراطي الكردستاني تم يعتبر اجتماع بغداد لتعيين محافظ كركوك وحكومتها المحلية دون اطلاع الأطراف كافة وبغياب ممثلي التركمان وبعض العرب والحزب الديمقراطي الكردستاني، هو أمر غير قانوني وفيه مشاكل
ومساء السبت، تم انتخاب ريبوار طه عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني محافظاً لكركوك، وإبراهيم محمد الحافظ عن المكون العربي رئيساً لمجلس المحافظة.
وتعتبر كركوك واحدة من أكثر المحافظات تعقيداً سياسياً وتنوعاً عرقياً في العراق، تُعرف المدينة بتنوعها السكاني، حيث تتعايش فيها قوميات عدة، أبرزها الكرد والعرب والتركمان، بالإضافة إلى أقلية مسيحية. وهذا التنوع السكاني ينعكس بوضوح على المشهد السياسي وجعل من الانتخابات المحلية عملية معقدة وحساسة للغاية.
وقال محمد "نتيجة للمناقشات تم الاتفاق على أن يكون منصب محافظ كركوك ثلاثياً. وطالب كل جانب بأن يكون المحافظ من طائفتهم لأول مرة، وأصر الرئيس على أن يكون المحافظ كردياً أول مرة. كما طلب الرئيس بارزاني منهم الاتفاق مع الاتحاد الوطني الكردستاني في حال عدم موافقتهم على شرط ألا يكون المحافظ كردياً محايداً في البداية، لكنهم جميعاً رفضوا الاتفاق مع الاتحاد الوطني على تعيين المحافظ".
وأشار إلى أنه "عُقدت بعد ذلك عدة اجتماعات أخرى، ورغم اكتمال النصاب القانوني في كل مرة لتعيين المحافظ، إلا أن دور جهود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووساطته كان يؤخذ بعين الاعتبار".
واعتبر أن "ما تم بتاريخ 10 أغسطس/آب في فندق الرشيد ببغداد لتعيين محافظ كركوك وحكومتها المحلية دون اطلاع الأطراف كافة وبغياب ممثلي التركمان وبعض العرب والحزب الديمقراطي الكردستاني، هو أمر غير قانوني وفيه مشاكل".
وختم "نعتقد أن ما تم لا يمكن أن يكون الحل المناسب للتغلب على مشاكل كركوك. إن حل مشاكل المدينة والقضاء عليها ومعالجة آلام ومعاناة أهالي كركوك لا يمكن أن يتم عن طريق المساومة والعواطف والألاعيب السياسية. الحل ليس بالاحتكار وعدم محاولة تهميش الأحزاب وعلى الجميع المشاركة في إدارة كركوك بحسن نية ومن أجل خدمة الشعب".
وتتمتع المحافظة بموقع إستراتيجي وثروات نفطية هائلة، مما يجعلها محط أنظار القوى السياسية المحلية والإقليمية. كما كانت وما زالت محل نزاع بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، وتعتبر من أبرز مناطق النزاع، وهذه التوترات تعكس نفسها في كل عملية انتخابية محلية، حيث تتباين أولويات ومواقف القوميات المختلفة حول قضايا الإدارة والسيطرة على الموارد.
بدوره، أكد رئيس الجبهة التركمانية العراقية حسن توران عدم اعترافهم بجلسة انتخاب المحافظ ورئيس مجلس محافظة كركوك التي انعقدت السبت في العاصمة بغداد، مضيفا في تصريحات صحفية الأحد أنهم سيتقدمون بطلب لدى المحكمة لإبطال نتائجها واعتبر أن "الاجتماع والانتخابات التي جرت في بغداد باطلة".
ولفت إلى أن المادة 13 من قانون انتخابات مجلس المحافظة تنص على توزيع إدارة كركوك بشكل عادل بين جميع المكونات، بغض النظر عن نتائج انتخاباتها.
وقال "انتخاب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة في بغداد وليس كركوك، دون أي توافق بين مكونات الاجتماع المعني، في ظل غياب التركمان يعد مخالفة واضحة للقانون". وذكر أن أكبر الأعضاء سنا لم يكن حاضرا في الاجتماع، مؤكدًا أن نتائج الجلسة غير قانونية وأنهم سيلجؤون للقضاء لإبطال النتائج.
وتعثرت في السنوات السابقة محاولات إجراء الانتخابات المحلية في كركوك، قبل أن يشمل نطاق اتفاق سياسي المحافظة بانتخابات المجالس في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، وأفضت لانتخاب 16 عضواً، حيث العرب بـ 6 مقاعد، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بـ 5 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكردستاني بمقعدين، والتركمان بمقعدين ايضاً بينما ذهب مقعد كوتا للمسيحيين.
وعقب الانتخابات فشلت القوى السياسية بالوصول إلى تسمية المحافظ ورئيس المجلس، مما دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تبني مبادرة سياسية أفضت لاجتماعات في بغداد انتهت باختيار الكابينة المحلية، ولكن بمقاطعة كتل رئيسية، وهي خطوة من شأنها أن تزيد التعقيد في المحافظة المتوترة.