حكومة هادي أمام اختبار تثبيت سلطتها بعد هجوم عدن

الهجوم الدموي على مطار عدن قد يشكل فرصة لتوحيد الحكومة خلف فكرة أن هناك عدوا أخطر أمام الأطراف المشكلة لها جميعا.
التحالف العربي يرد على هجوم عدن بغارات على معاقل الحوثيين
الحكومة اليمنية الجديدة تتقلب بين الانقسامات والتحديات
أمام الحكومة اليمنية تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية

الرياض/عدن - بعد أقل من شهر على ولادتها، تقف الحكومة اليمنية الجديدة التي تعرضت لاستهداف عند وصولها إلى مطار عدن جنوب اليمن، أمام مجموعة من التحديات الداخلية، من السياسة إلى الأمن والاقتصاد.

وأدى الهجوم الذي استهدف مطار عدن بتفجيرين على الأقل الأربعاء إلى مقتل 26 شخصا لدى نزول أعضاء الحكومة اليمنية من طائرة أقلتهم للعاصمة المؤقتة للسلطة المعترف بها دوليا لتباشر مهامها منها.

وشكلت الحكومة الجديدة مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه بعد معارك وخلافات بين فرقاء المعسكر الواحد، برعاية السعودية التي تقود في اليمن تحالفا عسكريا منذ مارس/آذار 2015 دعما للسلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين الحوثيين الموالين لإيران.

وتضم الحكومة المؤلّفة من 24 وزيرا إلى جانب رئيسها معين عبدالملك، أعضاء موالين للرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي وآخرين مؤيدين للمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى ممثلين لأحزاب أخرى.

ويرى ماجد المذحجي من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية أن "ما يميز هذه الحكومة أنها تعكس جميع الأطراف"، موضحا أنها تضم حتى المنادين بالانفصال عن الدولة اليمنية الموحدة في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة مع الشمال سنة 1990.

ويشير المحلل إلى أن "نطاق عمل الحكومة سيكون في المناطق المحررة (الخاضعة لسيطرة الحكومة)" بعيدا عن مناطق المتمردين الحوثيين الذين سيطرون على كامل الشمال اليمني باستثناء مأرب.

وأبصرت الحكومة النور هذا الشهر بدعم من السعودية بعد مخاض عسير على أمل إنهاء الخلافات في معسكر السلطة الساعية لمنع المتمردين من السيطرة على آخر معاقلها الشمالية.

الهجوم على مطار عدن رسالة ارهاب حوثية للحكومة اليمنية الجديدة
الهجوم على مطار عدن رسالة ارهاب حوثية للحكومة اليمنية الجديدة

وبحسب المذحجي فإن "السعودية الضامن الأساسي لبقاء الحكومة موحدة".

ويشكو السكان في اليمن وخصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، من ارتفاع الأسعار والانهيار الحاد في قيمة العملة المحلية حيث بلغ سعر الصرف في عدن 675 ريال للدولار الواحد في الأيام الأخيرة.

وإلى جانب ذلك، تهدّد المجاعة في بلد يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة، ملايين اليمنيين الذين باتوا بغالبيتهم يعتمدون على المساعدات للاستمرار.

ويرى المذحجي أن الحكومة الجديدة لديها "ثلاث أولويات أساسية"، إذ يتوجب عليها التعامل مع الوضع الاقتصادي المنهار عبر "وقف النزيف في سعر العملة اليمنية مقابل الدولار وإعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية في المناطق المحررة".

وبالإضافة إلى ذلك، يتوجب على الحكومة أيضا "إفراغ عدن ومحيطها من المعدات العسكرية الثقيلة والدفع بها على الجبهات" التي تقاتل المتمردين الحوثيين بعدما كانت تُستخدم للاقتتال بين فرقاء المعسكر الواحد.

وأخيرا يتوجّب على الحكومة وقف "الخسائر على الأرض" أمام الحوثيين الذين بدؤوا بالتقدم في عدد من الجبهات خصوصا في مأرب.

وعملت السعودية منذ أكثر من عام على تشكيل الحكومة الجديدة لإنهاء الخلافات والتفرغ لمقاتلة الحوثيين الذين كثّفوا هجماتهم ضد المملكة في الأشهر الأخيرة عبر الصواريخ والطائرات المسيرة.

وتواجه الحكومة تحديا عسكريا كبيرا يتمثل في استعادة المبادرة على الأرض ووقف تقدمهم المتواصل منذ سنوات.

وقد تمكن المتمردون من إحراز تقدم على الأرض هذا العام حيث سيطروا في مطلع مارس/اذار الماضي على مدينة الحزم كبرى مدن محافظة الجوف القريبة من مأرب في شمال اليمن.

لكن التحدي الأكبر هو "الحفاظ على الحكومة موحدة وتجاوز الانقسامات السياسية بين الأطراف المشكلة فيها، خصوصا الحساسيات بين التجمع اليمني للإصلاح (اخواني) والمجلس الانتقالي الجنوبي"، بحسب المذحجي.

أكثر من ملف ملح في انتظار رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك
أكثر من ملف ملح في انتظار رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك

ويتهم المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي بالسماح بتنامي نفوذ الإسلاميين وتأثيرهم على قراراتها السياسية والعسكرية خصوصا من قبل حزب "التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

لكن الهجوم الذي وقع الأربعاء قد يشكل "فرصة لتوحيد الحكومة خلف فكرة أن هناك عدوا أخطر أمام الأطراف المشكلة لها جميعا"، وفقا للمحلل.

ميدانيا، قصفت طائرات مقاتلة تابعة للتحالف العربي أهدافا في العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون اليوم الخميس ردا على هجمات على مدينة عدن الجنوبية الساحلية أمس الأربعاء.

واتهم التحالف جماعة الحوثي التي يقاتلها منذ ست سنوات بشن الهجوم على مطار عدن وهجوم آخر على القصر الرئاسي.

وقال سكان إن ضربات التحالف اليوم الخميس أصابت مطار صنعاء وعدة مواقع أخرى في المدينة وما حولها، مضيفين أنهم سمعوا دوى انفجارات وحلقت طائرات في السماء لبضع ساعات.

وقال تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين إن الطائرات قصفت 15 موقعا على الأقل في أحياء مختلفة بالعاصمة. ولم ترد تقارير فورية عن سقوط قتلى أو جرحى.

لكن الوضع كان أقل تواترا في السنوات الأخيرة مع جمود الصراع في حين سيطرت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على أغلب المراكز السكانية وتمركزت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المدعومة من الرياض وبعض القوى الغربية، في عدن.

وقال التحالف أمس الأربعاء إنه أسقط طائرة مسيرة مفخخة أطلقها الحوثيون حاولت استهداف قصر المعاشيق، مضيفا في بيان "قيادة القوات المشتركة للتحالف تدين وتستنكر الهجوم الإرهابي الجبان الذي وقع بمطار عدن اليوم (الأربعاء)، كما أن هذه المحاولة الإرهابية البائسة لاستهداف قصر المعاشيق تؤكد مسؤولية الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران عن الاعتداء الإرهابي الجبان على مطار عدن الدولي أثناء وصول دولة رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة اليمنية".