حلاق جوال يحيي مهنة اندثرت في لبنان

شاب يجوب شوارع بيروت بحثا عن زبائن يرغبون في تصفيف شعرهم حاملا معه كل ما يلزمه من أدوات.
مَعلَم على شكل حلاق جوال
الطقوس القديمة تلفت النظر

بيروت - يجوب "أبو طويلة" منطقة برج البراجنة في ضواحي بيروت بحثا عن زبائن يرغبون في تصفيف شعرهم، وقد صار هذا الحلّاق الجوال من معالم منطقته الشعبية الواقعة جنوب العاصمة.
يحمل "أبو طويلة" على دراجته كلّ ما يلزمه من أدوات لقصّ الشعر أو تصفيفه، على ناصية الشارع أو مداخل المباني.
ويقول "أبو طويلة" واسمه الحقيقي محمد خالد جحجاح لمراسل وكالة فرانس برس "الفكرة جميلة لأنها قديمة جداً، وهذا ما يعجب الناس، أنا أحبّ كل شيء قديم، وفي حال سنحت لي الظروف أن أفتح صالونا للحلاقة سيكون على النمط القديم".

لم أعد احتاج لترك العمل للذهاب إلى الحلاق. لا أحتاج للذهاب إلى صالون والانتظار في الصف، إضافة إلى أنه يذكّرنا بالحلاقين أيام زمان

وهو بهذا يحيي مهنة الحلاقين الجوالين التي اندثرت في لبنان.
منذ سنوات طويلة أعجب أبو طويلة، ذو المظهر الحسن والحديث اللبق، بمهنة تصفيف الشعر، ويقول "كنت أرى الحلاق قرب بيت أهلي، كنت أحب أن أراقبه، صرت أعود من المدرسة أضع حقيبتي وأنزل إليه، قال لي تعال إلى الصالون بعد المدرسة إن كنت تحبّ هذه المهنة، لكنني قررت ترك المدرسة والعمل معه، وهو علّمني المهنة وعرّف الناس عليّ".
بعد إقفال الصالون، ينطلق أبو طويلة بمظهره الجذّاب على دراجته الهوائية المرتّبة، ويستوقفه الزبائن من هنا وهناك، إضافة إلى الراغبين بالتعرّف عليه والحديث معه.
ويقول أبو سعيد أحد زبائنه "أنا مسرور لوجوده، هو ماهر ومتوفر دائما، حين يكون لدي وقت أطلبه ويأتي على الفور، ولم أعد احتاج لترك العمل للذهاب إلى الحلاق. لا أحتاج للذهاب إلى صالون والانتظار في الصف، إضافة إلى أنه يذكّرنا بالحلاقين أيام زمان.
لا ننام قبل العيد
بدأت هذه الفكرة تراود محمد حين كان يرى دراجة قديمة متهالكة لا يعرف ما يفعل بها.

ويقول "جدّدتها ولوّنتها، وطلبت من عمي النجّار أن يصنع لي صندوقاً وضعته عليها، ووضعت الأغراض، وبدأت أخرج إلى الشارع للعمل عليها".
يستيقظ أبو طويلة عند التاسعة من صباح كل يوم، يستحمّ وينزل إلى المقهى، يشرب القهوة ثم ينطلق إلى العمل في الصالون. في وأوقات الفراغ وبعد انتهاء الدوام، ينطلق على دراجته لتلبية طلبات زبائنه أو ليستوقفه زبائن جدد في الشارع.
يراوح عدد زبائنه بين خمسة في اليوم الواحد وعشرة وعشرين إلى ثلاثين.
ويقول "تختلف الأمور بحسب الأيام، في الوقت الحالي العمل خفيف خلال شهر رمضان، لأن الناس ينتظرون العيد... قبل العيد تمّر علينا ثلاثة أيام لا ننام فيها من ضغط الزبائن".
يبدي الشاب ذو القبعة الغربية والتسريحة المنمّقة وفاءً لدراجته التي جعلته مشهورا في الحيّ، ويقول "إن فتحت صالون حلاقة، سأحافظ عليها، لأنها هي التي أوصلتني إلى هنا".