حلفاء حزب الله يلغمون مسار تشكيل الحكومة بالاعتراضات

التأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة قد يشكل ضربة مبكرة لمسعى فرنسا الرامي للتوصل إلى اتفاق بين سياسيين عنيدين على إصلاحات تؤدي لاجتثاث الفساد في مقابل مساعدات خارجية يحتاجها لبنان بشدة ليخرج من أسوأ أزمة على الاطلاق.
حزب الله يلتزم الصمت حتى الآن تجنبا للمزيد من الضغوط
التنافس يعرقل تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان عشية الموعد النهائي
مقاطعة أمل وحزب الله تحرم الحكومة من الدعم الشيعي الواسع
عون وأديب اتفقا على التريث لإعادة بلورة التشكيلة الحكومية
بري يريد اختيار وزير المالية وهو منصب يتولاه شيعي من اختياره منذ 2014
لبنان لم يخرج من دائرة المحاصصة الطائفية والتنافس على الحقائب

بيروت - عرقل التنافس بين الطوائف اللبنانية التحرك لتشكيل حكومة جديدة اليوم الاثنين عشية الموعد النهائي المتفق عليه مع فرنسا مما يقوض الجهود الرامية لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة.

والتقى رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بالرئيس ميشال عون لإجراء مشاورات بعد اعتراض اثنين من أبرز السياسيين على الطريقة التي يشكل بها أديب الحكومة.

ودفع هذا الاعتراض على ما يبدو أديب لعدم تقديم قائمة بأسماء الوزراء الجدد كما كان منتظرا، وفق ما ذكرت مصادر سياسية.

وقد يمثل التأخير ضربة مبكرة لمسعى فرنسي يهدف للتوصل إلى اتفاق بين سياسيين عنيدين على إصلاحات تؤدي لاجتثاث الفساد في مقابل مساعدات خارجية يحتاجها لبنان بشدة ليخرج من أسوأ أزمة يشهدها منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأول من سبتمبر/أيلول خلال زيارة لبيروت جاءت بعد الانفجار المدمر الذي وقع بمرفأ العاصمة في الرابع من أغسطس/آب، إن السياسيين اللبنانيين اتفقوا على تشكيل حكومة في غضون 15 يوما وهو إطار زمني طموح إذ أن الأمر عادة ما يستغرق شهورا. وقال مسؤول في قصر الإليزيه يوم أمس الأحد "15 يوما تعني غدا"، أو الثلاثاء.

وأضاف "ما زال على الأحزاب أن تتوافق". وقال أديب للصحفيين عقب اجتماعه بعون "إن شاء الله نأمل كل خير" وهو تصريح عام يشير إلى ضبابية المشهد وتعقيداته، فلو أن رئيس الوزراء المكلف توصل لتوافق ما كان ليؤجل الاعلان عنه خاصة في ظل الضغوط المحلية والدولية وعلى ضوء وضع هو الأسوأ على الاطلاق لا يحتمل معه لبنان المزيد من الأغاز السياسية.

تحالف المصالح والنفوذ أدخل لبنان في أسوأ أزمة
تحالف المصالح والنفوذ أدخل لبنان في أسوأ أزمة

وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع إن أديب قال لعون إنه سيعود خلال أيام قليلة، فيما يجري الرئيس مشاورات مع الفصائل المختلفة، لكن عون في حدّ ذاته يواجه انتقادات من الشارع ومن بعض السياسيين الذي كشفوا أنه يسعى لايجاد موقع لصهره جبران باسيل الذي يتهمه المحتجون بالفساد.

وعبرت أحزاب شيعية ومسيحية أمس الأحد عن اعتراضها على الطريقة التي يحاول بها رئيس الوزراء السنّي المكلف تشكيل الحكومة دون إجراء المشاورات التقليدية.

وقالت مصادر إن أديب الذي عُين يوم 31 أغسطس/آب بعد تدخل ماكرون قبيل زيارته لبيروت، يعمل على تشكيل حكومة اختصاصيين ويعتزم إجراء تغيير شامل في قيادة وزارات أُسندت لنفس الطوائف على مدى سنوات.

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو سياسي شيعي بارز وحليف لجماعة حزب الله المدعومة من إيران، إن حركة أمل التي يقودها لن تشارك في حكومة تُشكَّل بناء على الأسس المقترحة حاليا. لكنه أعلن في المقابل أن الحركة ستتعاون في الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في البلاد.

ويفسر البعض إعلانه الاستعداد للتعاون، بأنها مجرد لغة دبلوماسية حتى لا يحمل المسؤولية عن التعطيل الحاصل.

ولم تصدر تصريحات تذكر عن حزب الله المدعوم من إيران وهو جماعة مسلحة تتمتع بنفوذ سياسي كبير وتعتبرها واشنطن جماعة إرهابية في حين تقول باريس إن لها دورا سياسيا مشروعا.

لكن يبدو أن حزب الله الذي يلتزم الصمت ويراقب التطورات، يقدم حركة أمل وحلفائه المسيحيين كواجهة تجنبا للمزيد من الضغوط خاصة بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على وزيرين سابقين (من حليفيه أمل والمردة) كانا على صلة به ووفرا له الغطاء المالي والسياسي.

ومن شأن أي مقاطعة من بري وحزب الله أن تحرم الحكومة من الدعم الشيعي الواسع في نظام سياسي طائفي مبني على التوافق بين الجماعات المسلمة والمسيحية بالبلاد.

وقال مصدر سياسي إن عون وأديب اتفقا على أن "كل الأطراف تأخذ نفسا لإعادة بلورة هذه التشكيلة (الحكومية) بطريقة تحميها وتؤمن فرص النجاح".

وقال سياسي بارز إن أديب أبلغ عون بأنه سيُجري المزيد من المشاورات، مضيفا أنه لو خضع لمطالب بري فإن فصائل أخرى سترغب في أن يكون لها دور في اختيار الوزراء، مضيفا "سنعود إلى نقطة الصفر".

ويريد بري اختيار وزير المالية وهو منصب يتولاه شيعي من اختياره منذ 2014. وسيكون لمن يتولى هذه الحقيبة دور أساسي في صياغة خطة الإنقاذ الاقتصادي للبنان.

وقالت مصادر سياسية إن بري أصبح أكثر إصرارا بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مساعده علي حسن خليل الذي كان يتولى المنصب في السابق.