حلقة إماراتية تتناول القرصنة ورقيا وإلكترونيا

الحلقة تسلط الضوء على دور النشر الإلكتروني في تعزيز القيم المعرفية في المجتمع، وإسهاماته في رفعة الشأن المعرفي لدى كافة الفئات.
الناشر العربي في هذه الأيام يواجه مشكلات عديدة تتعلَّق بالإنتاج والتوزيع
محمد رشاد: القرصنة الإلكترونية أضحت واضحة المعالم وأشد خطورة من نظيرتها الورقية

سلَّطت الحلقة الافتراضية التي عُرِضَت على منصة مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ضمن أنشطتها خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب، وحمل عنوانها هذا التساؤل "هل يعزز النشر الإلكتروني من قيمة المعرفة؟" الضوء على دور النشر الإلكتروني في تعزيز القيم المعرفية في المجتمع، وإسهاماته في رفعة الشأن المعرفي لدى كافة الفئات، بما يلبي تطلعات الأفراد للوصول إلى حصيلة معرفية تواكب مستجدات العصر الذي يتميَّز بتوسُّع نطاق المعلومات فيه وعدم كفاية الكتب الورقية لاستيعاب المستجدات المعرفية التي تتجدَّد باستمرار. 
كما تناولت الحلقة بالبحث مقومات الصناعة الرقمية للنشر الإلكتروني وأثر جائحة كوفيد 19 في دفعها نحو التطور والتحول السريع، ولاسيما بعد أن فرضت على العالم مبدأ التباعد، وأكدت ضرورة وحتمية إيجاد بدائل لتبقى عجلة المعرفة دائرة دون توقف. 
الحلقة التي تحدَّث فيها كلٌّ من جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومحمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، مدير الدار المصرية اللبنانية، وجمال الشحي، المدير العام لدار كُتَّاب للنشر، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، ومحمد بن عبدالله الفريح، مدير شركة العبيكان للنشر والترجمة، وأدارها الإعلامي حسين درويش، أكدت أهمية احترام الملكية الفكرية للناشرين والمؤلفين، وضرورة سنِّ القوانين الصارمة لمواجهة القرصنة الفكرية، وحتمية انضمام جميع الدول العربية إلى المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية.
وقال جمال بن حويرب إنه ينبغي لعملية الرقمنة في عالم النشر أن تأخذ مسارها الصحيح في العالم العربي من الناحية القانونية والحقوقية، وأنَّ فوضى النشر غير المشروع على الفضاء الإلكتروني أدى إلى جعل النشر الإلكتروني عبئاً على الناشرين، بسبب السرقات التي اجتاحت العالم الافتراضي للملكية الفكرية. مبيناً أنه حان الوقت كي يتمَّ سنُّ القوانين التي تحمي حقوق الناشرين والمؤلفين لنصلَ إلى الهدف المنشود الذي يعزِّز قيمة المعرفة، ويشجِّع المبدعين على بذل المزيد من الجهود لنشر نتاجاتهم دون أن يعيشوا هاجس التعدي على حقوقهم.
سرعة انتشار
ومن جهته، أكد محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، مدير الدار المصرية اللبنانية، أنَّ أخطر مشكلة تواجه الناشرين في الوقت الحالي هي القرصنة، سواء ورقية أم إلكترونية، إلا أنَّ الإلكترونية أضحت واضحة المعالم وأشد خطورة من نظيرتها الورقية؛ لأنَّ معظم الكتب التي صدرت عن العالم العربي موجودة على المواقع الإلكترونية بشكل غير مشروع. 
أما بشأن القوانين فرأى رشاد أنَّ معظم الدول العربية سنَّت القوانين لحماية الملكية الفكرية. إلا أنَّ النشر الإلكتروني يتسم بالسرعة الهائلة في الانتشار، وأنَّ الكتاب الورقي في العالم العربي أخذ مدة زمنية كبيرة حتى انتشر، بخلاف الكتاب الإلكتروني الذي توسَّع خلال فترة زمنية محدودة، وهنا لا بدَّ أن تواجه هذه السرعة في انتشار النشر الإلكتروني بسن قوانين تحمي حقوق الملكية الخاصة بالناشرين والمؤلفين على المستوى الرقمي؛ لأنَّ استفحال ظاهرة القرصنة تُكبِّد الناشرين خسائر فادحة، وتدفع كثيراً منهم إلى اللجوء لمصادر دخل أخرى، مما يضر بدوره بالنتاجات الإبداعية وتجعل المبدعين يحجمون عن التأليف، وهذا من أخطر العواقب التي تنشأ عن عدم احترام الملكية الفكرية للنشر بشكل عام. 

وأشار إلى أنه ينبغي أن ترقى التشريعات القانونية في الدول العربية إلى المستوى الذي يمكِّن الناشرين والمؤلفين من ملاحقة من يتعدَّى على حقوقهم بما يتلاءم مع الأضرار الناتجة عن عمليات النهب الفكري الذي يتعرضون له. مؤكداً أنه لا بدَّ من انضمام جميع الدول العربية إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الملكية الفكرية، إن كنا نتحدث عن مسار يؤدي إلى نتائج مثمرة في مواجهة القرصنة والتعدي على حقوق المؤلفين، وهذا كله يصبُّ في خدمة الإبداع والمعرفة. 
وأضاف رشاد أنَّ اتحاد الناشرين العرب يطالب بأن تكون حماية الملكية الفكرية ثقافة معرفية تُدَرَّس ضمن المناهج الدراسية في العالم العربي، كي ينشأ الطلاب على احترام حقوق الغير وعدم التساهل في استنزاف والتعدي على جهود الآخرين تحت أي ذريعة كانت. 
محفزات الحماية
ولفت محمد بن عبدالله الفريح إلى أنه لا يمكن للكتاب الإلكتروني أن يعزز حضوره رقمياً عربياً ودولياً إلا بوجود محفزات للحماية، ووجود قوانين وأنظمة رادعة لعمليات الانتهاك الموجود، مؤكداً أنه لن يفلح الكتاب العربي في تعزيز حضوره في ظل ضعف القوانين وتطبيقها على الأرض.
وأضاف الفريح أنَّ النشر الفوضوي للكتب العربية على المواقع الإلكترونية يؤدي إلى إحجام المنصات العالمية المتخصصة ببيع الكتب عن قبول هذه الكتب، كما أنه يؤدي إلى نزول مستوى تقييم المحتوى على عدد كبير من محركات البحث والجهات العالمية التي تعتمد على ما يسمّى "تنظيف المحتوى الرديء"، بمعنى أنهم يرون أنَّ تكرار الكتاب على عدد من المواقع يصنفه ضمن المحتوى الرديء؛ لأنه غير متوافر على المنصات المعترف بها والتي تحمي حقوق الملكية الفكرية. 
وأوضح أنَّ الناشر العربي في هذه الأيام يواجه مشكلات عديدة تتعلَّق بالإنتاج والتوزيع، وتحويل المحتوى العربي من ورقي على رقمي مكلف وليس بالعملية اليسيرة، وأنَّ معظم الناشرين يعانون ذلك. مشيراً إلى أنَّ النشر بشكل عام والإلكتروني بشكل خاص هو عملية تكاملية تحتاج إلى تضافر عدة عوامل كي يحكم عليها بالنجاح، من قوانين وأنظمة وتطبيق القوانين وأنظمة حماية ملكية فكرية عالية المستوى ووجود ناشرين لديهم مستوى من الوعي لتحقيق ما يجري اليوم سواء على المستوى الدولي أو على مستوى المحتوى النظيف والرديء أو حتى على مستوى الاتفاقيات بين المؤلفين والناشرين. كل هذه المنظومة مجتمعة يمكن أن تسهم في مساعدة المحتوى العربي على انتشاره وظهوره دولياً بما يخدم المعرفة العربية.
الحلقة الأضعف
أما جمال الشحي، المدير العام لدار كتَّاب للنشر، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، فقال "نعلم أنَّ الحلقة الأضعف بالنسبة لنا اليوم هو عالم النشر الإلكتروني رغم كل الجهود الموجودة، وقد كشفت جائحة كوفيد 19 عن تجذر هذه الأزمة بالنسبة للناشرين العرب، وأنه ينبغي أن يتمَّ نشر التوعية على النطاق العربي بقيمة حقوق الملكية الفكرية كما يجب إبراز الإبداعات العربية على منصة موحدة تخدم الناشرين والمؤلفين العرب على حد سواء. 
وأضاف الشحي أنَّ العرب يملكون محتوى كبيراً ولكنهم يفتقرون إلى المنصات الإلكترونية الاحترافية الحديثة التي يستطيع أن يستعين بها الناشر العربي وهو مطمئن إليها. موضحاً أنَّ المؤلفين الشباب أضحوا يميلون إلى النشر الإلكتروني أكثر من الورقي، وأنَّ لهم أدواتهم الخاصة التي يملكونها للترويج لإبداعاتهم ونتاجاتهم الفكرية. مؤكداً أنَّ النشر الإلكتروني أضحى قيمة مضافة في عالم النشر، وأنه واحد من المسالك التي يُستعان بها على إيصال المحتوى إلى المتلقين، حيث أصبح الناشر الآن لديه فرص كبيرة في إتاحة المحتوى بعدة طرق وبعدة أشكال كالكتاب الرقمي والكتاب الصوتي والفيديو وغير ذلك.