حماس بين الحياد والتحييد في معركة غزة

تساؤلات حول درجة التنافس بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي لكسب ود الراعي الإيراني بالمال والسلاح.
غزة

ينقسم المحللون والمتابعون للأحداث الأخيرة في غزة حول مسألة عدم انخراط حركة حماس في المعركة ضد إسرائيل.
وتتوزع الآراء بين من يقول إن إسرائيل نجحت في تحييد حماس، وهي ليست المرة الأولى، وبين من يقول إنه تكتيك تتبعه الفصائل الفلسطينية خاصة تلك الموالية لإيران، في انتظار اللحظة الصفر التي تنخرط فيها جميعا ومعا في معركة واحدة.
وشنت إسرائيل الجمعة، غارات على قطاع غزة استباقا لعمليات عسكرية ستنفذها حركة الجهاد الإسلامي ردا على اعتقال قائدها بسام السعدي بالضفة الغربية.
ونجحت الوساطة المصرية في التوصل إلى هدنة مساء الأحد بعد تبادل للقصف بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي أسفر عن مقتل 44 فلسطينيا وجرح 3 إسرائيليين جراء إطلاق وابل من الصواريخ نحو معظم الجنوب الإسرائيلي الأمر الذي أجبر سكان مدن كبرى على غرار تل أبيب وعسقلان على مغادرة بيوتهم. 
ومنذ الساعات الأولى لبداية العملية قال المتحدث باسم حماس حازم قاسم استباقا لتساؤلات حول موقع حماس من المعركة الدائرة إن "المقاومة تخطط وتعمل من خلال غرفة العمليات، وإدارة المعركة تجري بتوافق فصائلي".

هآرتس تقول إنه ما دامت حماس خارج المعركة فإن الضرر سيكون محدودا

وأكد الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حماس، إبراهيم المدهون، في تصريحات إعلامية أن "حماس في قلب المعركة"، مشيرا إلى أن "التصدي للعدوان الإسرائيلي يتم بتنسيق عال بين الفصائل والأجنحة العسكرية من خلال غرفة العمليات المشتركة".
ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا ورد فيه "أنه ما دامت حماس خارج المعركة، فإن الضرر سيكون محدودا، لذلك من الأفضل أن تتوقف العملية العسكرية".
ونقلت صحيفة العرب اللندنية الأحد، عن مصادر قريبة من حركة حماس، أن "الحركة تشعر بالقلق من التنافس بينها وبين حركة الجهاد على كسب الود الإيراني، وأن حماس تريد أن تحصل على هذا الدعم لتقوية نفسها وتنويع أوراق المناورة لديها، وتريد أن تحصل عليه لوحدها بصفتها الحاكم الفعلي في القطاع ولا يمكن أن تقبل بأيّ منافسة من أيّ جهة أخرى."
وأشار زفيكا هايموفيتش، القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي، إلى وجود خلافات كبيرة مع الجهاد الإسلامي يمكن أن تدفع حماس للنأي بنفسها عما يجري.
وأضاف هايموفيتش الذي خدم في عمليات سابقة ضد غزة في عامي 2012 و2014 أن "المصلحة المباشرة الفورية لحماس تقضي بعدم انضمامها إلى هذه العملية"، لافتا إلى أنه "إذا انضمت حماس إلى هذه العملية فسيتغير الوضع تماما".
وتتمتع حماس بحضور أقوى في غزة التي تسيطر عليها أمنيا وإداريا وسياسيا. وتملك ترسانة أسلحة متنوعة وخاضت خمسة صراعات مع إسرائيل منذ مواجهة عام 2009.
وكانت حركة الجهاد الإسلامي في كل مرة تدخل المواجهة إلى جانب حماس.
وأكد متابعون أن إسرائيل حرصت منذ اللحظة الأولى للهجوم على غزة على "تحييد" حماس"، بإعلانها أن الهجوم يستهدف حركة الجهاد الإسلامي فقط.
وهو في نظرهم تكتيك نجحت إسرائيل في فرضه على قطاع غزة مرتين. 

ليست هذه المرة الأولى التي تتخلى فيها حماس عن الجهاد الإسلامي في مواجهة إسرائيل 

المرة الأولى التي وجدت فيها الجهاد نفسها لوحدها في مواجهة إسرائيل كانت عام 2019 والثانية في هذه الحرب التي توقفت مبدئيا ليل الأحد.
وقالت إسرائيل في 2019، عندما قتلت القائد في سرايا القدس بهاء أبو العطا، إنها تستهدف الجهاد فقط.
ونجحت إسرائيل منذ المرة الأولى في استخدام هذا التكتيك، وفي تحييد حماس عندما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "لا يستهدف حماس، وأن عليها أن تبقى خارج اللعبة"، وهو ما تم فعلا.
وقال عاموس هرئيل المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، إن إسرائيل تسعى جاهدة لإنهاء العملية بأسرع ما يمكن متجنبة انخراط حماس.

وحذّر الصحافي الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في إسرائيل يوسي ميلمان، من تعقّد الوضع في حال انخرطت حماس في المعركة، معتبرا أن "حياد حماس يمثل الإنجاز رقم 1 في المعركة". 
ويعتقد محللون أن "تقاعس" حماس عن مؤازرة الجهاد سيضر بصورتها بين الفلسطينيين الذين يعتبرونها الحركة الأقوى عدة وعتادا، والقادرة على تغيير بعض قواعد الاشتباك مع إسرائيل التي تبدو في وضعية مريحة بسبب "انفرادها" بحركة الجهاد دون مؤازرة حقيقية لا من فتح ولا من حماس.
ويصنف الغرب حركتيْ حماس والجهاد الإسلامي منظمات الإرهابية. كما بات معلوما أن الحركتين تعملان كأذرع لإيران داخل الأراضي الفلسطينية وتحصلان في المقابل على أموال وأسلحة من نظام طهران.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في حديث للتلفزيون الإسرائيلي الجمعة، حركة الجهاد الإسلامي، بأنها "وكيل إيراني يريد تدمير دولة إسرائيل".