حماية البيانات الإنسانية مسألة حياة أو موت لهيئات الإغاثة

في ظل انتشار التطبيقات الرقمية، استخدام البيانات الإنسانية بنية سيئة له تبعات مأسوية وفي حال وقوعها بين أيدي الجهات الخطأ قد تعرض المجموعات المعنية إلى هجمات موجهة.
الصليب الأحمر ينادي بإنشاء 'مساحة إنسانية رقمية'
مطالبة بحماية دولية للبيانات الشخصية
مستوى حماية البيانات الانسانية محل نقاشات حادة

واشنطن – في ظل انتشار التطبيقات الرقمية على نطاق واسع، بات لدى العاملين في الجهات الإنسانية معركة جديدة تتمثل بحماية البيانات الشخصية، وهي مسألة "حياة أو موت" بحسب خبراء في هيئات الإغاثة الدولية.
وتستعين هذه اللجنة في أنشطتها الميدانية على غرار باقي الهيئات الإنسانية بالبيانات الشخصية التي باتت أداة أساسية لفهم أفضل لحاجات السكان الذين يعانون.
غير أن استخدام هذا المصدر الشديد الأهمية بنية سيئة قد تكون له تبعات مأسوية، كما قد يحصل على سبيل المثال خلال النزاعات، بحسب تحذير خبراء خلال اجتماع دولي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في الأيام الماضية في جنيف.
وفي حال وقعت بين أيدي الجهات الخطأ، قد تعرض معلومات موجودة في حوزة هيئات العمل الإنساني بهدف تكييف مساعداتها، بما يشمل الوضع الصحي أو الخصائص الإتنية والدينية، المجموعات المعنية إلى هجمات موجهة.
كذلك قد تكون معلومات عن أشخاص مفقودين موضع بحث حثيث من فصيل ما للعثور على عدو مثلا…
وقال مسؤول حماية البيانات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر ماسيمو ماريلي إن "تحديد البيانات الشخصية ومتابعة أوضاع الأشخاص الذين قد يهمون أطراف النزاع أمر يطرح إشكالية كبيرة"، حتى أنه قد يكون "مسألة حياة أو موت".
وعلى غرار هيئات إنسانية أخرى، تنادي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإنشاء "مساحة إنسانية رقمية" حيث يمكن للبيانات الشخصية الإفادة من القدر عينه من الحماية الدولية كالمنشآت الصحية أو سيارات الإسعاف على سبيل المثال.
وفي جنيف، خطا مندوبو الصليب الأحمر والهلال الأحمر مع مسؤولين من العالم أجمع خطوة في هذا الاتجاه من خلال القبول بتعزيز حماية البيانات المجموعة في إطار الجهود الرامية إلى جمع العائلات الممزقة جراء النزاعات والكوارث الطبيعية.
غير أن مستوى حماية البيانات الانسانية كان موضع نقاشات حادة.
وكان مشروع القرار ينص على أن تلتزم الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف عدم اشتراط الحصول على هذه البيانات، غير أن النص الذي أقر يكتفي بـ"حض" الدول على الامتناع عن طلبها. وهذه انتكاسة دبلوماسية متصلة بممانعة أميركية، وفق مصدر مطلع على المحادثات.
غير أن المسؤول المكلف العلاقات العامة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إيوان واتسون اعتبر مع ذلك أن القرار الذي أعتمد يشكل "تقدما هاما في النقاش بشأن حماية الأوساط الإنسانية للبيانات الشخصية".
وهو لفت إلى أن هذا القرار يشكل "نقطة انطلاق ممتازة لمحادثات مستقبلية".
وتتباين المقاربات على صعيد حماية البيانات بصورة كبيرة تبعا للبلدان، وتسعى بعض الدول إلى استغلال الكميات الهائلة من البيانات التي تجمعها الهيئات الإنسانية باسم حماية الأمن الوطني أو إنفاذا لسياسة الهجرة المتبعة فيها.
وأكدت كاثرين أندرسن المستشارة في وزارة الخارجية النروجية التي أدت دورا مهما في البحث عن إجماع في جنيف، أن بلدها "راض" عن نتيجة النقاشات، غير أنها أقرت بأن المفاوضات كانت "صعبة جدا".
وقد أبدى آخرون قلقا أكبر.
وقال ناتاناييل ريموند من معهد "يال إنستيتيوت فور غلوبل أفيرز" "نحن في لحظة تنطوي على خطر شديد لكنها تفتح فرصا كبيرة".
ومن شأن إمكانات جمع البيانات المتاحة بصورة متنامية عبر الأجهزة المحمولة الذكية، إضافة إلى الازدياد الكبير في قدرات الحساب المعلوماتية، أن تتيح للمنظمات غير الحكومية العمل بفعالية أكبر.
ويستعين العاملون في القطاع الإنساني، عوضا عن توزيع المواد الغذائية الأساسية مباشرة على النازحين أو الناجين من الكوارث، بعمليات التحويل الإلكتروني للأموال خصوصا عن طريق الهواتف الذكية، لمساعدة المحتاجين ودعم التجارة المحلية.
غير أن البيانات المجموعة عبر هذه العمليات تحوي قدرا كبيرا من المعلومات القابلة للتحليل.
والقلق كبير خصوصا أن الهيئات الإنسانية تستعين أيضا بصورة متزايدة بالبيانات البيومترية خصوصا للحد من التزوير في عملية توزيع المواد الغذائية.
وقال ناتاناييل ريموند إن إمكانات حصول انتهاكات "لا محدودة"، متحدثا عن حالة عسكري قد يحاول استعادة أطفال جنود مسرحين بالاستعانة بمثل هذه البيانات.
وأضاف "هذه ساحة معركة"، علينا حماية هذا الحيز الإنساني الجديد".