حمة الهمامي يصف علاقة الشاهد بالنهضة بـ"تحالف الثعالب"

المعارض اليساري حمة الهمامي لا يستبعد استغلال يوسف الشاهد لسلطاته للتستر على النهضة في قضية الاغتيالات السياسية.
النهضة تواجه اتهامات باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي
الشاهد يوظف حكومته لخدمة مصالحه الانتخابية
الجهاز السري للحركة الإسلامية ورقة هامة لحسم الانتخابات

تونس -  وصف المعارض التونسي البارز حمة الهمامي التحالف بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة الإسلامية "بتحالف الثعالب لكونه بين طرفين محتالين"، محملا أطراف الحكم المسؤولية عن تدهور الأوضاع بالبلاد.

وأكد الهمامي وهو الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة، جدية الاتهامات الموجهة لحركة النهضة وقياداتها فيما يتعلق بـ"الجهاز السري" وعلاقته بالاغتيالات التي طالت سياسيين بارزين بعد ثورة ينار 2011.

وقال الهمامي "الاتهامات ضد النهضة... وتحديدا في قضية الجهاز السري وعلاقته بالاغتيالات السياسية، وخاصة اغتيال القياديين البارزين في الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013 ليست كيدية، وإنما مدعومة بوثائق ومستندات قانونية، أي أن الأمر ليس مجرد صراع أيديولوجي أو محاولة لتشويهها قبل الانتخابات (المقررة خلال العام الجاري)... الاتهامات الموجهة للنهضة لم تأت من فراغ".

وقدمت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذان هزّت حادثتا اغتيالهما الرأي العام التونسي، وثائق عديدة وفي غاية الأهمية إلى المحكمة وهي تتعلق بمصطفى خضر الذي وجه له قضاة التحقيق مؤخرا تهمة الضلوع في اغتيال البراهمي. ومن بين هذه الوثائق ليس فقط ما يؤكد علاقة خضر بقيادات النهضة وإنما أيضا "ما يثبت تأسيسها لجهاز سري لمراقبة خصومها واختراق أجهزة الدولة ومفاصل المجتمع ومتابعة الأحزاب والجمعيات والمنظمات والإعلاميين وكوادر الأمن والجيش وغير ذلك".

ونشرت صفحة تابعة للجبهة الشعبية، التي كان بلعيد من مؤسسيها، على فيسبوك في أكتوبر من العام الماضي تسجيلا صوتيا قالت أنه للمدعو مصطفى خضر يثبت وجود جهاز سري يعمل لصالح حركة النهضة.

ويبين التسجيل حوارا بين شخصين حول تناول معطيات أمنية بخصوص ناشطين سياسيين معارضين لحركة النهضة وشخصيات لديها شعبية تعمل ضد حركة النهضة.

وقالت هيئة الدفاع في ندوة صحفية عقدت منذ شهر في تونس إن "مصطفى خضر على علاقة وثيقة بالحركة الإسلامية وهو زعيم الجهاز السري لها"، في المقابل نفى العديد من القياديين في النهضة تلك الاتهامات.

وقال الهمامي "اعتدنا من النهضة، نفت بالبداية أي معرفة لها بخضر، ولكن مع تضييق الخناق عليها اضطر الغنوشي مؤخرا للاعتراف بأن خضر يرتبط بعلاقة إنسانية مع بعض قيادات الحركة".

واستنكر بشدة موقف النهضة من قضية "المدرسة القرآنية" في الرقاب في محافظة سيدي بوزيد والتي كشفت السلطات مؤخرا عن تجاوزات خطيرة ارتكبت داخلها في حق أطفال قصر.

وقال "الجميع يعلمون بقضية المدرسة القرآنية التي أثارت استياء الرأي العام التونسي بعدما شهدت احتجاز عدد من الأطفال في ظروف بالغة السوء صحيا وبيئيا بهدف ملء أدمغتهم بأفكار متطرفة تهدف لأفغنة ودعشنة جيل كامل... ومع ذلك تطوعت قيادات بالنهضة في البداية للدفاع عنها، ولكن بعد الانتقادات الشعبية القوية لهذه المواقف اضطرت إلى إصدار بيان لإدانة الواقعة".

ومنذ ست سنوات، ظل ملف اغتيال بلعيد محلّ تجاذبات سياسية بين الأحزاب اليسارية وحركة النهضة الإسلامية، لتتحوّل القضية من مسارها القضائي إلى مسار سياسي صرف محكوم بالعديد من المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية خاصة بعد انتخابات عام 2014.

وقلل الهمامي من شأن الحديث عن محاولات التوظيف السياسي في اتهامات تورط النهضة في الاغتيالات السياسية، ولفت إلى أن الأمر الذي يتيعن التركيز عليه هو مدى صحة هذه الاتهامات.

وأوضح أن "كافة المؤسسات القضائية والتنفيذية تجري تحقيقات حول هذه الاتهامات، بما في ذلك مجلس الأمن القومي، برئاسة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي"، مشيرا إلى أن "النهضة تدّعي أن السبسي يحاول استغلال سلطاته والسعي لتشويهها، لكن الأهم بالنسبة للتونسيين هو مدى جدية هذه الاتهامات".

وحمل الهمامي، الذي يشغل موقع الأمين العام لحزب العمال، الصراع السياسي بين أطراف الحكم مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وتابع "كل أزمات بلادنا حاليا سببها الصراع السياسي المتعفن على كراسي السلطة بين أطراف الحكم، أي بين حزب النداء ومعه مؤسسة الرئاسة، والنهضة، وأخيرا الشاهد، فكل طرف يسعى لتوسيع سيطرته على أجهزة الدولة ليكون هو الفائز بانتخابات 2019".

وشدد الهمامي على أن "هذه الصراعات أوصلت البلاد إلى تسجيل أقل نسبة نمو وأكبر نسبة مديونية وتضخم، مع استشراء الفساد بشكل عام ونقص واضح للأدوية والسلع الغذائية الرئيسية"، مشيرا إلى التوترات الاجتماعية الشديدة التي دفعت النقابات والاتحاد العام للشغل لتنفيذ احتجاجات وإضرابات".

وتعيش تونس منذ سنوات على وقع اضرابات متتالية لقطاعات حيوية مختلفة بسبب الأزمة الاقتصادية. وألغي إضراب عام لموظفي القطاعات الحكومية كان مقررا يومي 20 و21 فبراير إثر التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية).

والعام 2016، حصلت تونس التي تعاني صعوبات مالية على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 204 مليار يورو على أربع سنوات، مقابل وعود بإصلاحات واسعة ضمنها تقليص حجم كتلة أجور الوظيفة العامة.

ورغم التقدم المسجل في تونس على المستوى الديموقراطي منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011، إضافة إلى تحسن النمو مؤخرا، فان السلطات التونسية تواجه صعوبات كبيرة في الاستجابة لتطلعات التونسيين الاجتماعية وخصوصا مع تنامي نسبة التضخم التي بلغت 7.5بالمئة.

يوسف الشاهد ورقة النهضة الرابحة للمناورة في الانتخابات المقبلة
يوسف الشاهد ورقة النهضة للمناورة في الانتخابات المقبلة

ويرى الهمامي أنه "من المبكر الحديث عن قدرة أي من طرف حسم المعركة الانتخابية لصالحه، خاصة مع وجود تطورات يومية وانعكاسات دولية وإقليمية في المنطقة" واستنكر "الصراع المحموم من جانب الجميع للسيطرة على وسائل الإعلام العامة والخاصة".

واتهم الهمامي الشاهد باستخدام ما وصفه بـ"الأساليب غير الشرعية والقذرة للضغط على وسائل الإعلام وتوظيفها لصالحه بالانتخابات عبر ترهيبهم، إما بالأجهزة الأمنية أو المنظومة الجبائية".

ولم يستبعد المعارض التونسي استغلال الشاهد لسلطاته للتستر على النهضة في قضية الاغتيالات السياسية، إلا أنه رجح في الوقت نفسه عدم صمود التحالف بينهما لوقت طويل نظرا لتضارب المصالح مع اقتراب الانتخابات.

وأوضح الهمامي أن "الشاهد لم يدل بأي تصريح حول ملف التنظيم السري للنهضة رغم تفجره شعبيا وإعلاميا، وطبعا هذا يأتي في إطار استمرار المصالح المتبادلة بين الجانبين. ولكن هذه العلاقة أشبه بتحالف الثعالب لكونها بين طرفين محتالين. ومع تضارب المصالح مع اقتراب الانتخابات نتوقع تفكك أواصر هذا التحالف".

وساءت علاقة الشاهد منتصف العام الماضي بحزبه نداء تونس الذي طالب برحيله وحكومته، ما دفعه للجوء إلى حركة النهضة التي يبدو أنها اختارته لكي يكون حليفا لها بدلا من الرئيس الباجي قائد السبسي.

ورفضت النهضة إقالة حكومة الشاهد وساندته بأصواتها داخل البرلمان أثناء جلسة لتجديد الثقة، طالب بها الرئيس قائد السبسي كحل لإنهاء الأزمة السياسية.

واستنكر الهمامي ما يتردد عن أن الجبهة استغلت قضيتي الاغتيالات والإضرابات لمواجهة خصومها، خاصة وأن نتائجها السابقة لا تؤهلها لمواجهتهم في معركة انتخابية قائمة على تقديم البدائل الواقعية.

وعن السبل التي ستنتجها الجبهة في الفترة القادمة يرى الهمامي أن عمل الجبهة وتكتلها مع قوى مدنية وأهلية ونقابية وسياسية سيساعد في الضغط على الحكومة من أجل الاستقالة.

يذكر أن حمة الهمامي طالب الاثنين الماضي خلال مؤتمر صحفي لحزب الجبهة الشعبية، الحكومة بالاستقالة، محمّلا إياها مسؤولية "تدهور" الأوضاع على جميع المستويات.