حمدوك يقرّ بخلافات مقلقة بين الجيش وقوة الدعم السريع

رئيس الوزراء السوداني يقرّ بوجود أزمة تلامس سلطة الحكم المشترك بين المدنيين والعسكريين، متحدثا عن وجود "تشظي" داخل المؤسسات العسكرية وخلافات في تحالف الحرية والتغيير الذي قاد احتجاجات 2019.
خلافات بين قيادة الجيش وقوات الدعم السريع حول الدمج
الجيش السوداني يخطط لتشكيل قوة مشابهة لميليشيا الجنجويد
تحذيرات حمدوك المتواترة تأتي في ظل أزمة اقتصادية حادة    

الخرطوم - يبدو أن السودان يقف على عتبة أزمة سياسية خطير وقلاقل أمنية في ظل ما صدر من تحذيرات متواترة على لسان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي حذّر اليوم الثلاثاء من "تشظ" داخل المؤسسات العسكرية، واصفا ذلك بأنه "أمر مقلق جدا"، داعيا إلى تضييق مساحة الخلافات السياسية بين المدنيين والعسكريين، في تحذير يأتي بعد نحو أسبوع من حديثه عن احتمال اندلاع حرب أهلية.

وقال حمدوك في بيان "إن جميع التحديات التي نواجهها في رأيي، هي مظهر من مظاهر أزمة أعمق هي في الأساس وبامتياز أزمة سياسية"، مضيفا "التشظي العسكري وداخل المؤسسة العسكرية أمر مقلق جدا".

ويندرج بيان حمدوك في إطار الإعلان عن مبادرته التي أطلقها لتوحيد القوى السياسية التي تقود الوضع الانتقالي الهش عقب عزل الجيش للرئيس السابق عمر البشير في ابريل/نيسان 2019.

وأشار رئيس الوزراء السوداني إلى انقسام وسط "تحالف الحرية والتغيير" الذي قاد احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2018 التي أطاحت بالبشير.

وتهدف مبادرة رئيس الوزراء للدفع نحو إصلاح المؤسسة العسكرية وضمان دمج مقاتلي الحركات المسلحة فيها بما في ذلك قوات الدعم السريع شبه العسكرية وذات النفوذ الواسع في البلاد.

ونقلت تقارير إعلامية محلية أن هناك خلافات بين قيادة الجيش وقوات الدعم السريع حول دمجها في القوات المسلحة. ويدار السودان وفق اتفاق لتقاسم سلطة تم توقيعه بين العسكريين والمدنيين في أغسطس/اب 2019.

وأكد حمدوك أن الشراكة السودانية بين المدنيين والعسكريين "فريدة لكنها لم تعد تمضي في المسار الصحيح".

ومنذ توليها السلطة في 2019 تسعى حكومة حمدوك لمعالجة أزمة البلاد الاقتصادية وإنهاء عزلتها الدولية وتوقيع اتفاق سلام مع الحركات المسلحة.

ووقعت الحكومة العام الماضي اتفاق سلام مع مجموعة من الحركات المسلحة كانت تقاتل الحكومة في إقليم دارفور غرب البلاد، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق جنوب البلاد.

لكن الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبدالعزيز الحلو وهي الحركة المسلحة الرئيسية رفضت توقيع اتفاق سلام مع الحكومة وعلقت المفاوضات معها الأسبوع الماضي في جوبا عاصمة جنوب السودان.

وأشارت الصحافة المحلية إلى أن دمج قوات الدعم السريع في الجيش كان نقطة الخلاف الأساسية التي أدت إلى تعليق التفاوض بين الحركة والحكومة.

وأتى بيان حمدوك الثلاثاء في ظل غضب شعبي جراء الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة ومن بينها رفع الدعم عن المحروقات.

وتأتي تحذيرات حمدوك بعد أيام قليلة من إعلان الجيش خططا لتشكيل قوة مشتركة "لحسم الانفلاتات الأمنية" وفرض هيبة الدولة في العاصمة وعلى مستوى البلاد في الوقت الذي يخيم فيه شبح الأزمة الاقتصادية والتوترات الإقليمية على فترة انتقالية هشة.

وصدر الإعلان بأمر من الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، ونُشر في ساعة متأخرة من مساء الخميس الماضي.

ودقلو الملقب باسم "حميدتي"، هو قائد قوات الدعم السريع التي ستكون جزءا من القوة الجديدة مع الشرطة والقوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة و"ممثلين" من الجماعات المتمردة وممثل النائب العام بحسب نص القرار.

وفي كلمة ألقاها الأسبوع الماضي للدفاع عن إصلاحات تهدف إلى معالجة أزمة اقتصادية عميقة الجذور وتوطيد الاستقرار في مرحلة انتقال سياسي تمهد لإجراء الانتخابات، حذر حمدوك من مخاطر حدوث فوضى أو اندلاع حرب أهلية يغذيها موالون للقيادة السابقة.

وشهدت الخرطوم خلال الأيام الماضية حوادث عنف ونهب لممتلكات في ظل احتجاجات وإغلاق للشوارع وحرق لإطارات السيارات، ما دعا حمدوك إلى التحذير من انزلاق البلاد نحو عدم استقرار.