حملة اعتقالات واسعة تستهدف المعارضة التركية في إزمير بعد إسطنبول
إسطنبول – قامت السلطات التركية بحملة جديدة ضد المعارضة باعتقال أكثر من 120 من أعضاء بلدية إزمير، معقل حزب الشعب الجمهوري بغرب تركيا، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من عملية مماثلة استهدفت بلدية اسطنبول.
وصدرت 157 مذكرة توقيف بالإجمال بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية وبينها صحيفة جمهوريات وشبكة "إن تي في" الخاصة.
وأفاد مراد باكان نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة الذي يتولى إدارة ثالث أكبر مدن تركيا، عبر إكس باعتقال رئيس البلدية السابق وعدد من "كبار المسؤولين" في البلدية.
وأضاف "تم توقيف رئيس بلدية المدينة السابق تونج سويار ومسؤولين كبار.. ورئيسنا في المحافظة شينول أصلان أوغلو باكرا عند الفجر" مؤكدا "إننا نواجه عملية مشابهة لعملية اسطنبول".
وأوضح أن الاتهامات الموجهة إلى الموقوفين سبق أن "كانت موضع تحقيقات" مشيرا إلى أن "عناوين هؤلاء الأشخاص معروفة ... وإن تم استدعاؤهم للإدلاء بإفادات، فسوف يحضرون".
ورأى أن "هذا التوقيف عند الفجر ليس إلزاما قانونيا، بل هو خيار سياسي واضح".
ودعا المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري دنيز يوجيل "نقابة المحامين في إزمير إلى التضامن ضد أي ظلم أو انتهاك للحقوق" قد يتعرض له المعتقلون، معلنا توجهه إلى إزمير "على متن أول طائرة".
في 19 مارس، أوقف رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري والذي كان يعتبر الخصم الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة، لاتهامه بـ"الفساد" وهو معتقل منذ ذلك الحين.
كما اعتُقل أكثر من مئة مسؤول منتخب ومقرب من رئيس البلدية.
وأثارت هذه الاعتقالات احتجاجات واسعة النطاق لم تشهدها البلاد منذ تظاهرات جيزي في 2013، وشارك فيها عشرات الالاف في مدن تركية رئيسية، بما فيها إسطنبول وأنقرة وإزمير. وتم اعتقال آلاف الأشخاص.
كما افادت قناة "إن تي في" بتوقيف الامين العام السابق للبلدية ومدير شركة أشغال عامة محلية وعضو في غرفة تجارة إزمير.
ومدينة إزمير، التي تُعرف أيضا باسم سميرنا القديمة، ثالث أكبر مدينة في تركيا من حيث عدد السكان بعد إسطنبول وأنقرة (نحو خمسة ملايين نسمة) والواقعة على ساحل بحر إيجة، الشهيرة بمواقعها الأثرية وغناها الثقافي، تشتهر ايضا بانفتاحها وتنوع سكانها، وهي سمات تجعل استهدافها رمزيا، ويزيد من حدة التوتر السياسي.
وتشهد المنطقة حرائق عنيفة منذ عدة أيام، مما أدى إلى إجلاء أكثر من 50 ألف شخص إلى مناطق آمنة مجاورة، وهو ما يضيف تحديا إضافيا للمدينة وسلطاتها في خضم هذه الأزمة السياسية.
كما تقاضي الحكومة حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك، ويمثل القوة المعارضة المهيمنة في البرلمان، بتهمة "الاحتيال" مما يهدد بإقالة زعيمه الحالي أوزغور أوزيل الذي انتُخب أثناء مؤتمره الأخير في نوفمبر 2023.
ويرى حزب الشعب الجمهوري أن المحاكمة تهدف إلى الضغط عليه ومعاقبته على تنظيم الاحتجاجات في مارس، وعلى تنامي شعبيته في استطلاعات الرأي.
وأجّل القضاء التركي الاثنين النظر في احتمال إلغاء مؤتمر حزب الشعب الجمهوري، حتى الثامن من سبتمبر.
واعتبر أوزغور أوزيل الاثنين على إكس أنه "لا يمكن فصل اي مؤامرة ضد حزبنا عن انقلاب 19 مارس"، وهو التاريخ الذي تم فيه اعتقال رئيس بلدية إسطنبول.
وتُثير هذه التطورات قلقا متزايدا بشأن مستقبل الحريات السياسية وحقوق المعارضة في تركيا، وتُشير إلى مرحلة جديدة من المواجهة بين الحكومة والمعارضة قبيل أي استحقاقات انتخابية قادمة.