حملة التحرر من الحجاب: رفع الوصاية عن النساء

تصحيح الصورة السائدة عن الحجاب حيث يجهل الكثيرون أنه أداة يتحكم بها الذكور على أجساد الإناث بفرضه على الفتيات الصغيرات.

بقلم: منصور الحاج

في مطلع شهر فبراير من كل عام، تشارك مئات المسلمات والخارجات من الإسلام في يوم التحرر من الحجاب المعروف بـ NoHijabDay وينشرن صورا وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي يعبرن فيها عن سعادتهن بحصولهن على حقوقهن في التعبير والاختيار.

وعلى الرغم من بساطة الفكرة والمحتوى في تلك الصور والفيديوهات إلا أنها تثير حفيظة قطاع كبير من المؤدلجين والمتشددين الذين يرون في التحرر من الحجاب كبيرة من الكبائر فيكرسون أوقاتهم وجهودهم في نشر تعليقات مسيئة للمتحررات تتضمن تنمرا وقذفا وتهديدات بالقتل والاغتصاب.

وبالنظر إلى تلك التعليقات يتضح مدى سوء أخلاق أنصار الحجاب وافتقارهم لأبسط قواعد المنطق وأدنى مقومات الحكمة في معارضتهم لحق النساء في نزع الحجاب وارتداء ما يروق لهن من ملابس.

من أبرز الأمثلة على الانحطاط الأخلاقي لأنصار الحجاب فيديو حصد أكثر من مليون مشاهدة و19 ألف تعليقا خصصته عارضة الأزياء البريطانية من أصول عربية دينا طوكيو لقراءة التعليقات المسيئة التي نشرها مئات المعترضين على قرار تحررها من الحجاب.

اللافت في تلك التعليقات هو أن جميعها مكتوبة باللغة الإنكليزية الأمر الذي يعكس ضحالة الثقافة الدينية لشريحة كبيرة من المسلمين الذين يعيشون في الغرب وعدم تشربهم لقيم الحرية والتسامح والمساواة السائدة في بلدانهم فتركزت تعليقاتهم على شكل دنيا وطالت أخلاقها وشرفها وعائلتها وتضمنت دعوات عليها بالموت والخلود في جهنم.

لقد كشفت حملة يوم التحرر من الحجاب التي دشنتها الناشطة الكندية ياسمين محمد على موقع "تويتر" عن الوجه القبيح لأنصار الحجاب وبددت ادعاءاتهم بأنه حرية شخصية وأن للمسلمات الحق في ارتدائه أو التحرر منه متى أردن ذلك.

لم يثن الهجوم الواسع الذي شنه أنصار الحجاب ضد المشاركات في الحملة الكثيرات من الخروج إلى العلن والانضمام إلى جموع المتحررات اللواتي وإن اختلفت لغاتهن وجنسياتهن فإنهن يشتركن في معاناتهن من التسلط الذكوري ومن القوانين المقيدة للحريات في الدول التي نشأن فيها.

لا تهدف الحملة، بحسب ياسمين محمد، إلى تشجيع النساء في كل مكان على التحرر من الحجاب نظرا لأن ذلك قد يعرض ملايين النساء لمخاطر جمة قد تصل إلى حد القتل على أيدي الأقارب أو الأزواج إنما لحث من يعشن في دول تكفل الحريات على نشر قصص معاناتهن مع الحجاب والتعبير عن مدى سعادتهن بتمكنهن من التحرر منه.

من ضمن المشاركات في حملة هذا العام الناشطة السعودية رهف محمد المقيمة في كندا والتي تصف نفسها بأنها "نسوية ليبرالية ومسلمة سابقة" حيث نشرت تغريدة مرفقة بصورة لها بدون حجاب إلى جانب أخرى تظهر فيها وهي ترتدي النقاب قالت فيها: "إن التغيير الأبرز في حياتي هو التحول من فتاة أجبرت على ارتداء ملابس سوداء والعيش تحت رحمة الرجال إلى امرأة حرة".

كما نشرت الناشطة اليمنية السمراء بسمة ناصر صورتين لها قبل وبعد تحررها من الحجاب وغردت: "لقد كنت ضحية الدين والعادات والتقاليد ولكني حررت نفسي من قيود السلطة الأبوية. جسدي ملكي أنا فقط". وفيما أيد الآلاف قرار بسمة وأثنوا على شجاعتها، نشر أنصار الحجاب رجالا ونساء تعليقات مسيئة وعنصرية تعرضوا فيها للون بشرتها وتنمروا عليها بعبارات نابية.

لم تقتصر الحملة على المتحررات فقط بل شاركت فيها نساء أجبرن على ارتداء الحجاب وأخريات كن شاهدات على حالات عنف تعرضت لها مسلمات بسبب رفضهن الخضوع لأوامر ولاة أمورهن. نشرت إحدى المنقبات تغريدة شكرت فيها المشاركات في الحملة ثم أضافت: "أنا حزينة. زوجي المتسلط يجبرني على ارتداء النقاب فيما يرتدي هو السروال القصير".

أما المغردة سمر فقد نشرت تغريدة قالت فيها: "أتذكر، حين كنت في التاسعة من عمري، تعرض صديقتي التي كان أبواها متدينين للضرب بسبب عدم ارتدائها للحجاب بعد مغادرتها المدرسة. عندما رأيتها في اليوم التالي، كانت عيناها داميتان. حينها، كانت تبلغ من العمر تسع سنوات".

مغردة أخرى تدعى أمل شاركت في الحملة بصورة ترتدي فيها النقاب وأخرى تُظهر فيها نصف وجهها وعلقت عليهما بالقول: "أجبرت على ارتداء النقاب من قبل عائلتي. يوما ما، سأمتلك الجرأة على إظهار وجهي كاملا".

تشدد ياسمين محمد على أهمية الحملة في نشر الوعي بحقوق النساء وكشف الظلم الذي يتعرضن له في الدول والمجتمعات الإسلامية والتعريف بالمناضلات اللواتي يطالبن بحقهن في رفض ارتداء الحجاب ويتعرضن في سبيل ذلك للقمع والسجن والترهيب.

كما تساهم الحملة في تصحيح الصورة الخاطئة السائدة في المجتمعات الغربية عن الحجاب حيث يجهل الكثيرون أنه أداة يتحكم بها الذكور على أجساد الإناث بفرضه على الفتيات منذ سن مبكرة وإجبار الملايين على ارتدائه في العديد من الدول العربية والإسلامية بل وحتى في أوروبا وأميركا ومعاقبة من يقررن التحرر منه.

في رسالتها إلى من يقللون من شأن الحملة الذين يرون أن الحجاب مجرد قطعة قماش ولا يستحق كل هذا الاهتمام تقول ياسمين: "عندما ترى مستعبدا مقيد اليدين فإن تلك الأغلال تمثل الجانب المرئي فقط للعبودية. إن الحجاب أيضا هو الجانب المرئي للاستعباد والفصل الجنسي والإذلال الذي تتعرض له المرأة التي تعامل كمواطن من الدرجة الثانية. عندما تتحرر النساء من تلك الأغلال، عندها يكون باستطاعتهن التقدم إلى الأمام وتحسين أوضاعهن. لهذا أقول دائما أن المرأة حين تحرر رأسها من الحجاب يمكنها أيضا تحرير عقلها".

التحية للمتحررات من الحجاب وهنيئا لمن حصلن على حقوقهن في التعبير والاختيار والتحية لكل التائقات نحو الحرية اللواتي شاركن في الحملة بأسماء مستعارة فلقد وصلت أصواتكن إلى أسماع الملايين الذين تعرفوا عبركن أن من يعارضون تحرركن إنما يخشون على فقدان سلطتهم في التحكم بأجسادكن.

نُشر في شبكة الشرق الأوسط للإرسال

"هنيئاً للمتحررات من الحجاب"