حملة تضامن من أنحاء ليبيا لرعاية أيتام درنة
درنة (ليبيا) – يتجمع حشد من الأهالي في غرب ليبيا لتوفير الرعاية وحليب الأم للأطفال الصغار الذين تيتموا بسبب الفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة الساحلية في العاشر من سبتمبر الجاري.
وفقد المئات من الرضع والأطفال الصغار المصابين بصدمات نفسية والديهم في درنة، حيث محيت أحياء بأكملها عن الأرض بعد انهيار سدين.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن المتطوعة منى العشي، “لا يرغب الأطفال الرضع في استخدام زجاجات الرضاعة الصناعية، مما اضطرنا للبحث عن أمهات مرضعات”.
وبدأت نوال الغزال، 62 عاماً، من سكان بنغازي، حملة لجمع حليب الأمهات من النساء اللاتي يرضعن أطفالهن بالفعل وتوزيعه على الأطفال الذين ماتت أو فقدت أمهاتهم.
وقالت الغزال، التي تولت رعايتها 70 طفلاً صغيراً منذ وقوع الكارثة "أقل ما يمكننا القيام به من أجل بلدنا والناس في درنة هو رعاية أطفالهم".
وأعربت مروة عبد الرزاق، عن استعدادها لاستقبال يتيم من درنة ووعدت بتقديم نفس الرعاية والاهتمام الذي تقدمه لابنتها.
ووفقا لليونيسيف، فإن الأطفال الذين يفقدون والديهم أو ينفصلون عن أسرهم يكونون أكثر عرضة لمخاطر مثل العنف والاستغلال.
لكن الصحافية الليبية نورا الجربي حذرت من التسرع في نقل الأطفال قبل استكمال إجراءات تصنيفهم كأيتام، ما يزيد من احتمال مطابقتهم مع أقاربهم.
وأفادت الجربي أن حوالي 400 طفل انفصلوا عن أسرهم في درنة يعيشون الآن في مدرستين تم تحويلهما إلى ملاجئ، ويأتي كل يوم أشخاص يائسون إلى المدارس بحثًا عن أقاربهم المفقودين.
وتتولى وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية رعاية الأطفال الأيتام في المقام الأول وترتيب رعايتهم على المدى الطويل مع أسر حاضنة، ولكن بعد سنوات من الانقسام السياسي والعنف، أصبحت الثقة في مؤسسات الدولة منخفضة.
وقال الناشط المدني عبد النبي أبو عرابة، إنه تلقى ما يقرب من ألف عرض حضانة عبر صفحته على فيسبوك واتصالاته الهاتفية. وبينما أشاد بتعاطف مواطنيه، أعرب أيضًا عن قلقه من أن بعض الحاضنين المحتملين عرضوا المساعدة بشكل متسرع بعد أن تأثروا بالحجم المروع لكارثة الفيضانات.
وشدد أبو عرابة على أن القدرة على تقديم الدعم المالي ليست المعيار الوحيد لكي تصبح حاضنا، ويجب أيضا تقييم الوضع الاجتماعي للشخص وسلوكه. وأشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تقوم عادة بإجراء مسح واسع النطاق للحاضنة المحتملة قبل اتخاذ القرار.

وبحسب مسؤولين، غمرت الفيضانات في درنة ما يصل إلى ربع المدينة. وقُتل آلاف الأشخاص، ولا يزال العديد منهم تحت الأنقاض أو في البحر، وفقًا لفرق البحث.
وتحدث المسؤولون الحكوميون ووكالات الإغاثة عن أعداد مختلفة من القتلى تتراوح بين حوالي 4000 إلى أكثر من 11000.
ونزح أكثر من 43 ألف شخص في المنطقة، بما في ذلك 30 ألفاً في درنة، وفقاً لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة. وانتقل العديد من الأشخاص إلى مدن أخرى في جميع أنحاء ليبيا، حيث استضافتهم المجتمعات المحلية أو لجأوا إلى المدارس.
وقالت السلطات المحلية إنها عزلت الجزء الأكثر تضرراً في درنة وسط مخاوف متزايدة بشأن الأمراض المنقولة بالمياه. وأطلقت السلطات الصحية حملة تطعيم استهدفت في البداية فرق البحث والإنقاذ إلى جانب الأطفال في درنة والمناطق المتضررة الأخرى.
وتجمع مئات المتظاهرين الغاضبين الاثنين، الماضي خارج المسجد الرئيسي في درنة، حيث انتقدوا الطبقة السياسية التي سيطرت على ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي ومقتله بعد تدخل حلف شمال الأطلسي في عام 2011.
وتعمل بشرى كريم، وهي متطوعة تبلغ من العمر 37 عاماً، على تحديد الأطفال الذين تمكنوا من الخروج من درنة مع أسرهم وبدونها وتقديم الدعم النفسي لمساعدتهم على الاندماج في المدارس قبل بدء العام الدراسي.
وقالت كريم إنه حتى لو تمكن الأطفال من فهم ما حدث لهم، فإن الواقع قد يصبح غير واضح مع مخيلتهم، مما يجعلهم عرضة لـ “اضطرابات حادة” تشمل الخوف والقلق وأعراض نفسية أخرى.
وتداولت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي روايات مفجعة لأطفال يروون اللحظة التي جرفتهم فيها مياه الفيضانات.
وأضافت كريم إنها تشجع الآباء على طلب المساعدة من المتخصصين المتطوعين في الدعم النفسي للأطفال والتأكد من حصول هؤلاء الأطفال على الدعم النفسي، سواء بشكل فردي أو في جلسات جماعية مع أطفال آخرين.