حملة جديدة لمكافحة الفساد تحظى بثناء السعوديين

السلطات السعودية تصادر مبالغ ضخمة بعد اعتقال عشرات المتورطين في قضايا رشوة وفساد مالي بهدف القضاء على المحسوبية وتحفيز التنمية.
حملة سعودية لمكافحة الفساد تهدف للقطع مع سنوات من الإسراف والمساءلة الضعيفة
حملة مكافحة الفساد بالسعودية أعادت 66 مليار دولار لخزينة المملكة خلال 3 سنوات

الرياض - لقيت حملة سعودية لمكافحة الفساد أدت إلى عشرات الاعتقالات في الأشهر الأخيرة وصادرت مبالغ مالية، الثناء من السعوديين وخُصص رقم هاتفي مجاني من أجل الإبلاغ عن أي شبهات فساد.

وبعد مصادرة مبالغ مالية نقدية كبيرة كان بعضها مخبئا في أسقف زائفة وخزانات مياه، أبدى كثير من السعوديين ترحيبهم بحملة سعودية جديدة لمكافحة الفساد في المملكة، ويطلق عليها اسم "ميني ريتز".

وشهدت الحملة توقيف مسؤولين عسكريين كبار بالإضافة إلى موظفين بيروقراطيين صغار.

وأوردت التحقيقات التي نشرتها وسائل إعلام حكومية أن هيئة مكافحة الفساد الرسمية في البلاد قامت بضبط طالبي رشوة "متلبسين" في سلسلة مداهمات، وعثرت على مبالغ نقدية مخبأة في عليات أو مخزنة تحت الأرض وحتى في مسجد.

وأكد مسؤول محلي رفض الكشف عن اسمه أن "الرسالة التي يرسلها حكام (السعودية) للفاسدين هي؛ لن تذهبوا إلى الريتز بل ستذهبون إلى سجن حقيقي". وتابع "يتخوف كل من يتلقى رشى من أن يأتي عليه الدور".

وللتأكيد على جدية الحملة أعلنت "نزاهة" في اكتوبر/تشرين الأول الماضي اعتقال أحد موظفيها بسبب الفساد.

وواجهت المملكة التي تحتل المرتبة 51 من 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، عقودا من الكسب غير المشروع وممارسة "الواسطة" أو المحسوبية.

وبعد قضية نوفمبر/تشرين الثاني 2017 التي تم بموجبها احتجاز أمراء ورجال أعمال بارزين بشبهة ضلوعهم في قضايا فساد مالي، في فندق "ريتز كارلتون" الفخم في الرياض في إطار حملة تطهير غير مسبوقة، ضمن رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز سبل تنويع مجالات الاستثمار وتطويرها ومكافحة الفساد في المملكة.

وبعد أسابيع من احتجازهم أطلق سراح الأمراء ورجال الأعمال بعد توصلهم لتسويات مالية، بينما قالت السلطات إنها استعادت أكثر من 107 مليار دولار.

يخبرني العديد من رجال الأعمال السعوديين أن الفساد في المملكة تراجع

مصادر جديدة للدخل

تعزز الحملة الجديدة التي تستهدف الجميع من مسؤولين كبار في مجال الدفاع وصولا إلى موظفين صغار في البلديات ومجالات الصحة والبيئة، من قبضة ولي العهد السعودي.

وأكد أحد المراقبين في المملكة أن الحملة تسعى للتأكيد أنه "لا يوجد سوى قيادة واحدة".

وكان الأمير محمد أبلغ مجلس الشورى الشهر الماضي أن حملة مكافحة الفساد أعادت 247 مليار ريال سعودي (66 مليار دولار) في الأعوام الثلاثة الماضية بالإضافة إلى استرجاع أصول وعقارات وأسهم بمليارات غيرها.

ورأى ديفيد رونديل الذي شغل في السابق منصب رئيس البعثة في السفارة الأميركية في الرياض "أظن أن ثمة عددا قليلا من المعارضين السياسيين في شبكة الفساد، والأسباب الرئيسية لحملة القمع هي إنهاء الفساد وتحفيز التنمية وجمع الأموال".

وأضاف "يبدو أنها تنجح؛ يخبرني العديد من رجال الأعمال السعوديين أن الفساد تراجع، لم يزل تماما ولكنه تراجع وأصبح أقل قبولا اجتماعيا".

ويقول مراقبون محليون إن الحملة أساسية من أجل توجيه الدولة الغنية بالنفط بعيدا عن ثقافة استمرت لعقود من الإسراف والمساءلة الضعيفة وهو ما لا تستطيع المملكة تحمله في عصر انخفاض أسعار النفط.

وأكد ولي العهد لمجلس الشورى أن "سرطان" الفساد المتفشي يشكل "خطرا على التنمية والازدهار"، وأصبح يستهلك "5 بالمئة إلى 15 بالمئة" من ميزانية الدولة.