حميدتي يعتبر ترويج شائعات بشان مقتله دليلا على هزائم الجيش

قوات الدعم السريع تحذر من حملة شائعات تستهدفها لتشويه صورتها او الحط من المعنويات مع خسارة قوات الجيش لمواقعها الحساسة.
قائد قوات الدعم السريع يؤكد انه يقاتل الى جانب قواته في الميدان
مخاوف من تداعيات كارثية على مستقبل السودان في حال تواصلت الحرب
البرهان يصدر قرارا بإعفاء مدير عام قوات الشرطة في السودان
الدعم السريع تؤكد نجاحها في تامين قوافل المساعدات الانسانية

الخرطوم - كذب قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" مساء الأحد في تسجيل صوتي بث على صفحته الرسمية على الفايسبوك الإشاعات التي تتحدث عن إصابته او مقتله واصفا ذلك بالأكاذيب ومؤكدا بأنه موجود ويتجول بين قواته في كل مدن العاصمة الخرطوم.
وذكر حميدتي أن "الانقلابيين (في إشارة للجيش) يروجون للشائعات، أنا الآن موجود ومتجول بين قواتي في الخرطوم (وسط) وبحري (شمال الخرطوم) وأم درمان (غرب الخرطوم) وشرق النيل (شرق الخرطوم)".
وتابع "هم يروجون لمقتل محمد حمدان، وهذه إشاعات وأكاذيب، وتدل على هزيمتهم، وأنا حي وبصحة جيدة".

وفي وقت سابق الأحد، تداول ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، خبرا عن مقتل "حميدتي" جراء إصابته في الاشتباكات مع الجيش لكن مثل تلك الاشاعات تهدف للحط من معنويات قوات الدعم السريع التي حققت انتصارات هامة في الخرطوم وعدد من الولايات فيما تراجع الجيش وحلفاؤه من فلول النظام السابق والجماعات الاسلامية.
وحذرت قوات الدعم السريع من حملة شائعات تستهدفها لتشويه صورتها او الحط من المعنويات مشيرة بان ذلك دليل على تداعيات الهزائم الميدانية لقوات الجيش وخسارة كثير من مواقعها الحساسة.

واتهمت القوات كذلك في بيان الاثنين الجيش بالهجوم على مستشفى بوسط العاصمة السودانية الخرطوم بالطائرات مشيرة الى أن الهجمات قتلت وأصابت العشرات من الأبرياء.
وكان السودان غارقا قبل الحرب في فوضى سياسية واقتصادية. وبعد شهر من المعارك بين قوات الدغم السريع والجيش بات البلد مهددا بالانهيار، ما يثير قلق دول الجوار وسط الأزمات التي تعاني منها هي نفسها.
وأوقعت الحرب بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وحميدتي أكثر من 750 قتيلا وآلاف الجرحى، إضافة الى قرابة مليون نازح ولاجئ.
وفي جميع أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن في الخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل الى حد الجوع.
وثلث سكان البلاد الذين كانوا قبل الحرب يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، أصبحوا اليوم محرومين منها، فمخازن المنظمات الانسانية تم نهبها كما علقت العديد من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها.

ونجحت قوات الدعم السريع في تامين وصول نحو 110 من شاحنات البضائع والقوافل التجارية إلى مدينة نيالا بالتنسيق مع قوات الشرطة وذلك امتثالا لاتفاق في جدة برعاية سعودية وأميركية لحماية المدنيين والمساعدات الانسانية.

وقرر البرهان الاثنين إعفاء مدير عام قوات الشرطة عنان حامد محمد عمر من منصبه ما يشير الى ارتباك الجيش مع حديث عن هزائم ميدانية في مواجهة قوات الدعم السريع.
وجاء في بيان صادر عن مجلس السيادة أن البرهان قرر أيضا تكليف خالد حسان محيي الدين بمهام مدير عام قوات الشرطة. 
والتغيير في القيادات الامنية والعسكرية ليس من فراغ مع احتدام القتال في الرطوم وعدد من الولايات وما يتردد عن سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق حساسة.
والأحد أعفى البرهان محافظ البنك المركزي حسين يحيى جنقول وعين مكانه برعي الصديق أحمد أحد نواب جنقول. في حين ولم يتضح بعد سبب الإقالة.
كما اصدر قرار بمنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لقوات الدعم السريع". ووجه وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان لوضع القرار موضع التنفيذ.

كما أعلن البرهان، اليوم الاثنين، إنهاء خدمة عدة سفراء بوزارة الخارجية السودانية وذلك وفق بيان للناطق الرسمي باسم الجيش السوداني.
واوضح البيان إن قائد الجيش قرر "إنهاء خدمة السفير عبد المنعم عثمان محمد أحمد البيتي والسفير حيدر بدوي صادق من العمل بوزارة الخارجية".
ووجه كذلك وزارة الخارجية والجهات ذات الصلة بوضع القرار موضع التنفيذ.

ارتفاع حادّ في الأسعار 
وأصبحت السيولة نادرة. فالبنوك، التي تعرض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ الخامس عشر من نيسان/ابريل، فيما سجلت الأسعار ارتفاعا حادا وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفا بالنسبة للوقود.
ويعيش سكان الخرطوم الخمسة ملايين مختبئين في منازلهم في انتظار وقف اطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، فيما تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التي لا تطال حتى المستشفيات والمنازل.
وفي جدة بالسعودية، يجري الطرفان محادثات حول وقف إطلاق نار "انساني" للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات.
ولكنهما لم يتفقا حتى الآن سوى على قواعد إنسانية بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات.
ويقول الباحث علي فرجي "اذا لم يغير الطرفان طريقة تفكيرهما، فمن الصعب تصور ترجمة حقيقية على الأرض للالتزامات التي يوقعان عليها على الورق".
ويكرر الخبراء والدبلوماسيون أن كلّا من الجنرالين "مقتنع بأنه يستطيع حسم الأمر عسكريا".
إفلات من المحاسبة

الحرب اضرت بمرافق حيوية ودفعت المدنيين للمغادرة
الحرب اضرت بمرافق حيوية ودفعت المدنيين للمغادرة

ويرى مراقبون ان البرهان ودقلو يفضلان خوض نزاع طويل الأمد على تقديم تنازلات حول طاولة المفاوضات من أجل التوصل الى تسوية.
ويتهم الجيش السوداني بخرق اتفاقات متتالية لوقف اطلاق النار ويستعمل سلاح الطيران بكثافة في المناطق السكنية.
ويقول أليكس روندوس ممثل الاتحاد الأوروبي السابق للقرن الافريقي إن "الجيش وقوات الدعم السريع يخرقان الهدن بانتظام يدل على درجة غير مسبوقة من الافلات من المحاسبة، حتى بالمعايير السودانية للنزاع".
وعرف السودان الكثير من النزاعات. في دارفور، أسفر قمع أقليات عرقية مطلع الألفية في عهد عمر البشير (1989-2019) من قبل قوات الجيش وقوات دقلو المتحالفة آنذاك، عن سقوط 300 ألف قتيل ونزوح ما يزيد على 2.5 مليون شخص.
ولا تزال المنطقة إلى اليوم غير مستقرة. ومع اندلاع الحرب بين الجنرالين في الخرطوم، بات الجميع يقاتل في الاقليم الغربي في السودان، الجيش وقوات الدعم السريع والمقاتلون القبليون ومدنيون مسلحون.
وقال محمد عثمان من هيومن رايتس ووتش "نتلقى تقارير بأن قناصة يطلقون النار على أي شخص يخرج من بيته".
وأضاف أن "أشخصا جرحوا في المعارك قبل أسبوعين يموتون في منازلهم" لأنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن نازحي دارفور في المخيمات "باتوا يأكلون وجبة واحدة يوميا بدلا من ثلاث وجبات".
وحذرت الأمم المتحدة بأن الجوع سيطال 19 مليون سوداني في غضون ستة أشهر، اذا استمرت الحرب.
هجرة وانحسار التصنيع
وكل يوم، يدخل آلاف اللاجئين الى مصر وتشاد واثيوبيا وجنوب السودان وهي الدول الحدودية مع السودان، ما يثير قلق القاهرة التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، فيما تخشى الدول الأخرى أن تنتقل عدوى الحرب إلى حركات التمرد فيها.
ولم يعد هناك في الخرطوم لا مطار ولا أجانب بعدما تم إجلاؤهم جميعها على عجل في الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية اذ تعرضت كلها للنهب.
كما أغلقت الإدارات الحكومية "حتى اشعار آخر" ولم يتحدث الجنرالان إلا لتبادل الاتهامات عبر وسائل الاعلام.
وانتقلت بقايا الدولة الى بورتسودان، على بعد 850 كيلومتر شرقا على ساحل البحر الأحمر.
وهناك، يسعى فريق مصغر من الأمم المتحدة للتفاوض على مرور المساعدات الانسانية ويعقد بعض الوزراء وكبار المسؤولين مؤتمرات صحافية يومية يحرصون فيها على توجيه رسائل طمأنة.
ويؤكد فرجي أنه "مع تدمير معامل للصناعات الغذائية أو مصانع صغيرة، تسببت هذه الحرب بانحسار التصنيع جزئيا في السودان".
ويضيف "هذا يعني أن السودان سيصبح مستقبلا أكثر فقرا ولفترة طويلة".