حمّى السيلفي أمام المعالم السياحية تجتاح العالم

انتشار التقاط الصور الذاتية قرب معالم تاريخية وأثرية في البرازيل وكوريا الجنوبية ومصر وايطاليا، والظاهرة تحتوي على عدة سلبيات.
السيلفي في كوريا الجنوبية أشبه بهواية وطنية

القاهرة – من ريو دي جانيرو إلى أهرام الجيزة مرورا بروما، تجتاح "حمّى السيلفي" العالم إذ بات التقاط الصور الذاتية هواية مفضلة لدى ملايين الزوار الذين يتوافدون إلى المعالم السياحية العالمية، غير أن هذا المنحى المتعاظم دونه محاذير وسلبيات كثيرة.
تحت تمثال المسيح الفادي المطل على ريو دي جانيرو وخليج غوانابارا، يلتقط عشرات السياح صورا ذاتية لهم مع إطلالة خلابة تزيدها أنوار شمس المغيب إشراقا.
ويمكن رؤية الأذرع تعلو بالعشرات لأشخاص يلتقطون صورا لأنفسهم فقط أو برفقة أزواجهم أو أفراد عائلاتهم. وتتعانق عصي السيلفي العائدة إلى زوار يحاولون التصوّر مع تمثال المسيح الفادي أو جبل كوكا دي أسوكار في الخلفية من دون ان يظهر خلفهم جيرانهم الذين يمارسون الهواية التصويرية عينها.

 هذا يعطي صورة خاطئة على مواقع التواصل الاجتماعي. الناس لا يحمّلون سوى الصور الجميلة  

ويلتقط فيليب المهندس الفرنسي الشاب صورة له أمام التمثال الضخم المصنوع من الحجر الأملس على نسق الفن الزخرفي.
وهو يقول "زملائي كانوا يمازحونني بالقول إني أشبه المسيح. لذا كان عليّ أن ألتقط صورة سيلفي (إلى جانب التمثال) لأرسلها لهم".
غير أن لهذه الهواية محاذيرها. ويوضح فيليب "هذا يعطي صورة خاطئة على مواقع التواصل الاجتماعي. الناس لا يحمّلون سوى الصور الجميلة تحت أشعة الشمس أو في ريو أو على الشاطئ".
ويضيف "بعض الناس يصابون بالاكتئاب لأنهم يشعرون بأن حياتهم تافهة" مقارنة بتلك التي يعيشها الآخرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الجانب الآخر من ريو، أمام "متحف الغد" وهو أحد المعالم البارزة في هذه المدينة البرازيلية الكبرى، تقر المتخصصة في التجميل تاتيانا دا سيلفا دي باولا بأنها تلتقط ما بين مئة ومئتي صورة سيلفي يوميا.
وهي تقول "أنا ألتقطها بداية لأرى كيف أبدو. ثم أنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكي يراها أصدقائي وأفراد عائلتي".
ويبدو أن البرازيليين مولعون بصور السيلفي، لكنهم ليسوا وحدهم كذلك.
على مسافة 9 آلاف كيلومتر من ريو، في قلب العاصمة الإيطالية روما، تعتبر نافورة تريفي ممرا إلزاميا لهواة السيلفي.
ومن بين هؤلاء، قصد البريطانيان فيفوس وساره روما من مانشستر للاحتفال بعيد زواجهما العاشر. ويقول "نحن سعيدان بصورة السيلفي التي التقطناها، لكن وسط جموع كهذه اضطررنا للانتظار لفترة طويلة قبل أن تخلو الخلفية من الناس".
إلى جانبهما، اختار الإيطاليان إليا وكيارا الآتيان من جنوب روما تعقيد المهمة عبر أخذ صورة سيلفي لوالديهما… اللذين يلتقطان صورة ذاتية.
حتى أن التدفق الكبير للزوار إلى هذه النافورة التي خلدها فيديريكو فيليني في "لا دولتشه فيتا" يتسبب بتوترات في بعض الأحيان، كما حصل في آب/أغسطس عندما اضطر شرطيون بلديون لفض إشكال بين مجموعتين من السياح كانتا تتنازعان على أحقية الوقوف عند نقطة "استراتيجية" لالتقاط سيلفي.
وفي أثينا، بين ملايين السياح، يُقبل المشاهير على التقاط صور ذاتية مفعمة بالرومانسية عند هضبة الأكروبول، وبينهم مؤسس "فيسبوك" مارك زاكربرغ وزوجته في أيار/مايو وقبلهما العضو السابق في فرقة "البيتلز" بول ماكارتني وزوجته.
أما في مصر، وتحديدا أمام هرم خوفو في الجيزة قرب القاهرة في آخر "العجائب السبع" التي لا تزال موجودة حتى اليوم، تسحب سهيلة أحمد الآتية من بنغلادش هاتفها الذكي لتقوم بما يفعله الملايين غيرها من السياح.
وهي تقول "لست مولعة بصور السيلفي، لكن بات من السهل جدا التقاط صورة لأنفسنا في أي مكان، خصوصا هنا أمام الهرم. أي مكان أفضل من هذا لالتقاط سيلفي؟".
وفي الولايات المتحدة، باتت نقطة ماثر بوينت في متنزه غراند كانيون الشهير في ولاية أريزونا الأميركية من أبرز المعالم التي اجتاحتها "حمى السيلفي" في الولايات المتحدة.
وتقول السائحة البريطانية كاثرين كيلي "المنظر جميل جدا من هنا، لا أرى الفائدة من التقدم إلى نقطة أبعد"، وذلك إثر رؤيتها شابة متهورة تخطو إلى نقطة أبعد في المكان.
وفي كوريا الجنوبية، باتت صور السيلفي أشبه بالهواية الوطنية، حتى أن الرئيس مون جاي-إن التقط تسجيل فيديو ذاتيا لمناسبة يومه المئة في الحكم.
وفيما تبدو كوريا الشمالية البلد الوحيد الذي لم تصبه هذه الحمّى العالمية، التقط زعيم البلاد كيم جونغ أون صورتي سيلفي على الأقل إحداها مع وزير من سنغافورة والثانية مع صحافي روسي.