حياد حماس مقابل صفقة تبادل أسرى؟

من شأن الصفقة المفترضة أن تعزز تفوّق حركة حماس على الجهاد الإسلامي للظفر بود إيران الراعية لكلتا الحركتين.
غزة

أثار صمت حركة حماس على العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الجهاد الإسلامي في قطاع غزة عدة تساؤلات، إلا أن بعض المراقبين ربطوا بين هذا الصمت، وبين الاقتراب من التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع الحكومة الإسرائيلية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في مقابلة مع القناة الإخبارية الإسرائيلية 12 إن "مسألة عودة الأولاد قضية حرجة، يجب أن تكون جزءا من الحل من أجل رؤية طويلة الأجل".
ويقصد غانتس بـ"الأولاد" المعتقلين الإسرائيليين لدى حماس. 
وتعتقل حماس 4 إسرائيليين بينهم جنديان يُعتقد إنهما قتلا خلال حرب 2014، لكن حماس لم تكشف عن مصيرهم إلى حد الآن. وهما الجنديان هدار غولدين وأورون شاؤول، إضافة إلى المواطنيْن أفيرا مانغستو وهشام السيد.
وأضاف غانتس في مقابلته التلفزيونية أنه "يجب أن نستفيد من الضغط الذي خلق على قطاع غزة من أجل عودة الأبناء، سنواصل القيام بذلك عبر المعلومات الاستخباراتية، من الناحيتين العملياتية والسياسية".
واستدرك بالقول "أريد أن أوضح أن حماس ليست شريكا لإسرائيل، بل هي في مرمى نيران إسرائيل".

حماس تعوّل على نجاح الوساطة المصرية في ملف تبادل الأسرى كما نجحت في صفقة جلعاد شاليط التاريخية

وتفيد مصادر مصرية أن حماس دفعت باتجاه تسريع مفاوضات غير مباشرة  حول تبادل للأسرى مع إسرائيل قبل شن تل أبيب عملياتها العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، من خلال التلميح إلى أن أحد الجنديين الإسرائيليين على قيد الحياة.
وشن الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة أسفرت عن مقتل 46 فلسطينيا بينهم نساء وأطفال، وردت عليه سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، برشقات صاروخية وقذائف هاون باتجاه المدن الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وتوقف القتال بين إسرائيل وحركة الجهاد دون أن تتدخل حماس التي تسيطر على القطاع، الأمر الذي أثار استغراب البعض حول التزام حماس "الحياد" خاصة وأن من بين الضحايا مدنيون من سكان غزة.
وتعول حماس على نجاح الوساطة المصرية في ملف تبادل الأسرى كما نجحت في العام 2011 بالتوسط في صفقة أسرى بين إسرائيل وحماس شملت إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية.
ويقول محللون إسرائيليون إن الصفقة المحتملة مع حماس ستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير ليبيد ووزير الدفاع بيني غانتس في الانتخابات الإسرائيلية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
ولطالما كان ملف الأسرى وسيلة إغراء في الحملات الانتخابية الإسرائيلية خاصة وأن ليبيد ينافس بنيامين نتانياهو الذي يُعتبر خصما شرسا. 
ويضيف هؤلاء المحللون أن حماس ستستفيد هي الأخرى من إبرام صفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، بأن تعزز سيطرتها على القطاع وتُنسي الفلسطينيين خيبتها من تقاعسها في مؤازرة حركة الجهاد.
وتداولت الصحافة الإسرائيلية عبارة "اللعبة المزدوجة لحماس"، في محاولة منها لقراءة الموقف المحايد لحماس إزاء الغارات الإسرائيلية الأخيرة على غزة.

الثناء على الحكومة الإسرائيلية لتحييد حماس ودعوات لتغيير سياستها تجاه غزة 

وذهب بعض الصحفيين الإسرائيليين إلى اعتبار أن حماس إنما أرادت بذلك الموقف استغلال الوضعية السياسية لإسرائيل وفرض صفقة لتبادل الأسرى من جهة، ومن جهة أخرى، ضمان تحسين الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية في القطاع عبر زيادة العمال الغزاويين في تل أبيب وتيسير عمليات نقل البضائع عبر المعابر فضلا عن ضمان الخدمات الصحية لأهالي غزة في المستشفيات الإسرائيلية.
كما قد تعزز الصفقة تفوق حماس على حركة الجهاد التي تنافسها على طلب الود الإيراني، خاصة وأن الإفراج المفترض عن مئات الأسرى الذين ستطالب حماس بالإفراج عنهم يقابله واقع مخيّب لحركة الجهاد، حيث إن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير لم يتم على أساس تعهّد تل أبيب بالإفراج عن الأسيرين من قيادة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، بسام السعدي وخليل عواودة.
وبدأت أصوات تتعالى من الداخل الإسرائيلي تثني على الحكومة لنجاحها في إبقاء حماس على الحياد، معتبرة إياه إنجازا يجب أن يُتبع بـ"تغيير السياسة الإسرائيلية تجاه حماس بعيدا عن منطق الحصار والقمع لأهالي غزة الذين يجب أن يُمنحوا مزيدا من تصاريح العمل مع السعي لإعادة إعمار القطاع.
ويبدو أن تلك الأصوات تدعم ليبيد الذي اقترح عام 2021 عندما كان وزيرا للخارجية، خطة بعنوان "الاقتصاد مقابل الأمن".
وتتضمن إعادة التأهيل الإنساني للقطاع، من خدمات الكهرباء والغاز، ومحطات تحلية المياه وتوفير خدمات صحية مقابل السلام.
كما تشمل الخطة في مرحلة ثانية إقامة جزيرة اصطناعية أمام شواطئ القطاع تسمح ببناء ميناء تجاري لاستقطاب استثمارات دولية وإنشاء مشاريع اقتصادية تساهم فيها إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
وفي حديثه مع القناة التلفزيونية 12، قال غانتس "طالما استمر الهدوء في الجنوب، سنمكّن سكان غزة من العمل والرفاه الاقتصادي الأساسي".