"حين تتوسد الحياة مُتّكأ" ويفيض النص حكمة

كتاب عريب عيد يمثل خلاصة التجربة التي قطفت الكاتبة زهورها من حدائق الحياة التي ينبت فيها الشجر الناعم والخشن والشوكي.
هذا النوع من الأدب حظي باهتمام لسهولة ألفاظه وقصر جملته ومقترحاته الجمالية الحداثية التي تتصل بالمفارقة والتكثيف والصورة وتنتمي لروح العصر
ميل النصوص لتلخيص خبرة الحياة التي تضعها في صف الحكمة

عمّان ـ ارتبطت النصية والنصوص بعصر السرعة الذي يسم أيامنا، ولكن تلك النصوص القصيرة أو الومضة كان لها مشابها في الأدب العربي القديم الذي كان يسمى أدب الرسائل. وقد تنوعت تسميات هذا النوع من الأدب بين الومضة في الشعر والقصة القصيرة جدا في السرد.
هذا النوع من الأدب حظي باهتمام لسهولة ألفاظه وقصر جملته ومقترحاته الجمالية الحداثية التي تتصل بالمفارقة والتكثيف والصورة وتنتمي لروح العصر.
غير أن الإضافة التي تميّز الكتاب الذي حمل عنوان "حين تتوسد الحياة مُتّكأ" للدكتورة عريب محمد عيد الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون"، هو ميل النصوص لتلخيص خبرة الحياة التي تضعها في صف الحكمة.
وتقول المؤلفة في الكتاب الذي يقع في 204 صفحات من القطع الوسط، "عندما يقطفُ المرءُ من تجارب الحياة زهورًا؛ ليستخلصَ رحيقها، ويتعطّر بما جَمُلَ من معانيها؛ فأغلبُ الظّنّ أنّه عاينَ مواقفَ كثيرة، وخاضَ جولاتٍ، ودارتْ به الأيام بحلوها ومُرّها".
فالكتاب بهذا المعنى يمثل خلاصة التجربة التي قطفت الكاتبة زهورها من حدائق الحياة التي ينبت فيها الشجر الناعم والخشن والشوكي.
ولا تبتعد الكاتبة في اختيارها للعنوان عن النزعة التأملية التي ينظر فيها للحياة التي تقف أمامه مثل شاشة كبيرة تتقلب فيها المشاهد والحكايات، فتلخصها في كلمات قليلة، وهذه "القليلة" هي خلاصة التجربة وروحها، ذلك أن زجاجة العطر برائحتها تحتاج إلى آلاف من البتلات التي يتم تكرار مائها لتنتج القليل من العطر.
وتعمد الكاتبة إلى بناء الجملة بإيقاع شعري، تنوع على الواحدة منها بينبوع المفردات وبحر الكلمات التي تمتد بسلاسة دون تكلف، كما تربط بين العنوان الفرعي لكل نص بامتدادات المعاني التي تنطوي عليها الجمل والكلمات ليشكّل كل نص نبتة في حديقة الكتاب وبستانه.
اشتمل الكتاب على نحو ثلاثين نصا، منها "من لجة التجارب، ولكم فيها زمردة"،"عزف على وتر الحياة"، "إيقاع وترانيم"،"وللوطن فينا ومضة"،"رؤى وأفكار"،"شذرات"،"نصوص مبتورة"،"قصاصات"،"بلا عنوان"،" يا حادي العقل تأمل"، و"عرى وروابط".
وتقول على الغلاف الأخير من الكتاب الذي صمّم غلافه الفنان بسام حمدان: "كنِ المنبعَ الأصلَ ما استطعْت؛ كُنِ الطّلَّ والهَطلَ والمطَرَ والماءَ، الّذي يُحيي ويروي، ولا يَحتاجُ في وجودِه وتكوينهِ وغزارتهِ وعطائهِ وشكلهِ وجوهره لغيرهِ؛ يُطلَبُ ويُحتاجُ إليهِ، مُكتفٍ بذاتهِ، سَحابٌ يُغدِقُ ويمنعُ بقدْرٍ وحسابٍ، كما يرتأي تصرّفًا، ويُغْدِقُ منحةً، ويُقدِّمُ هبةً، لِمّن استحقّ، ولمنْ حُقَّ لهُ ما سيكونُ. 
يشار إلى أن د. عريب عيد حاصلة على الدكتوراه في اللغويات، صدر لها: "الخطاب النبوي خريطة البيان العربي"، "النفس الأمّارة بالارتقاء"، و"علم اللّغة الحركيّ بين النّظريّة والتّطبيق".