خاتمي يدعو لفتح«صفحة جديدة» مع العراق

وفاق طال انتظاره

طهران - ذكرت التقارير الاثنين أن الرئيس الايراني محمد خاتمي دعا إلى فتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع العراق ونسيان صفحة السنوات الثمانية المريرة من الحرب، وجاءت هذه الدعوة في الوقت الذي يقوم فيه وزير الخارجية العراقي بزيارة طهران.
وقالت شبكة خبر التلفزيونية الاخبارية في إيران أن الرئيس خاتمي حذر من أي "تدخل في وحدة الاراضي العراقية"، وذلك بالاشارة إلى هجوم أمريكي محتمل ضد العراق في إطار الحملة على الارهاب.
وقال خاتمي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية العراقي ناجي صبري أنه يجب إقامة العلاقات السلمية مجددا بين العراق وإيران ونسيان حرب الثماني سنوات التي جرت بين البلدين في السنوات من 1980-1988 والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا على الجانبين.
وأكد خاتمي على النوايا الحسنة لايران ورغبتها في التطلع للامام وليس النظر للخلف وفي نسيان الحرب. وقال صبري في وقت سابق أن زيارته لطهران تستهدف إزالة الخلافات المتبقية بين الدولتين.
وتعد زيارة صبري الثانية التي يقوم بها وزير خارجية عراقي لايران. وكانت الاولى في كانون أول/ديسمبر عام 1997 في إطار قمة منظمة المؤتمر الاسلامي ولم تعتبر زيارة رسمية.
يذكر أن الدولتين سعتا إلى توحيد الصف بعد أن استنتجتا أن التحالف ضد الارهاب بزعامة أمريكا يمثل تهديدا لكليهما.
وبعد مرور 12 عاما على وقف إطلاق النار بين الجانبين والذي تم بوساطة الامم المتحدة، لم تتوصل الدولتان المسلمتان بعد لتطبيع كامل للعلاقات بينهما بسبب المشكلات العالقة الخاصة بأسرى الحرب والمفقودين.
يذكر أن إيران توفر المأوى لجماعة "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" الشيعية العراقية، كما تستضيف العراق جماعة مجاهدي خلق الايرانية المتمردة، وربما أجبرت الجماعتين على ترك معاقلهما بمجرد تطبيع العلاقات بين الدولتين.
من ناحيته أعلن وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الاثنين في مشهد، شمال شرق ايران، استئناف الرحلات الجوية بين طهران وبغداد قريبا لنقل الحجاج الايرانيين الراغبين بزيارة العتبات المقدسة في العراق.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن الوزير العراقي قوله "في اعقاب المفاوضات التي اجريناها في طهران، فان الرحلات الجوية ستستأنف قريبا لنقل الايرانيين الراغبين بزيارة العتبات المقدسة" الشيعية في العراق.
واضاف الوزير الذي يختتم الاثنين زيارة من ثلاثة ايام الى ايران ان "مجيء الزوار الايرانيين مهم جدا بالنسبة الينا، إنه عامل اساسي في تطوير العلاقات بين البلدين المسلمين".

مسألة الأسرى تعد مسألة اسرى الحرب واللاجئين العراقيين البالغ عددهم بضع مئات الآلاف في ايران من الموضوعات الهامة التي ناقشها وزير الخارجية العراقي مع الطرف الإيراني بهدف تسوية "المشاكل العالقة على الصعيد الانساني" بين البلدين والناجمة عن الحرب.
وبحث صبري مسألة اسرى الحرب مع نظيره الايراني كمال خرازي، وهي مسألة لا تزال عالقة بعد 13 عاما على انتهاء الحرب الايرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات وحصدت حوالي مليون قتيل.
ولم يرد الكثير من المعلومات حول مضمون المحادثات ونتيجتها. وجاءت زيارة صبري بعد بوادر مهمة اشارت الى حلحلة في العلاقات بين البلدين، مع قيام طهران بالافراج عن حوالي 700 اسير عراقي قبل اسبوع.
ومع ان الخلاف ما زال مستمرا حول عدد الاسرى واللاجئين، الا ان طهران اعربت عن "نيتها الحسنة" واستعدادها لتلقي "اثباتات" من العراق حول الارقام التي يعلن عنها.
وتقدر بغداد عدد الاسرى الذين ما زالوا في ايران بحوالي 29 الفا بينهم عشرون الفا غير مسجلين، اضافة الى ستين الفا من المفقودين وهو ما تنفيه طهران التي تقدر من جهتها عدد اسراها في العراق بنحو 3206، الامر الذي تنفيه بغداد.
وحضر الجنرال عبد الله النجفي رئيس لجنة اسرى الحرب اللقاء الذي اعرب صبري خلاله عن "عزم بغداد على تجاوز المراحل الضرورية لتطبيع العلاقات مع ايران"، وفق ما اورد التلفزيون الايراني.
واشار مصدر دبلوماسي الى ان طهران وبغداد تريدان التوصل "في اسرع وقت ممكن" الى حل لمسألة اللاجئين.
واعلن نائب وزير الداخلية الايراني المكلف شؤون المهاجرين حجة الاسلام حسن علي ابراهيمي للصحافيين السبت في ديزفول (جنوب غرب) ان عدد العراقيين المسجلين بصفة لاجئين في ايران يبلغ 220 الفا، الا ان عددهم الاجمالي "يقارب 300 الف"، وهو اقل من التقديرات المتداولة عموما والتي تتراوح بين 400 و450 الفا.
واوضح الناطق باسم المفوضية العليا للاجئين في ايران محمد نوري ان "هناك رسميا 220 الف لاجئ عراقي في ايران، يتوزع العديد منهم على عشرين مخيما في غرب وجنوب غرب ايران".
وقال ان هؤلاء اللاجئين يندرجون في اربع فئات: المعارضون الشيعة في الجنوب الذين قصدوا ايران هربا من حملة القمع في اذار/مارس 1991 بعد حرب الخليج، والمعارضون السنة، والاكراد الذين يتضاءل عددهم باستمرار والعراقيون من اصل ايراني، مشيرا الى ان الوضع "ليس واضحا".
وشكل البلدان اخيرا "لجنة مشتركة" مكلفة التحقق من ملفات اللاجئين من الطرفين.
وافادت السفارة العراقية في طهران اخيرا عن "عودة العديد" من العراقيين من ايران، بهدف الافادة من العفو الذي اصدره الرئيس صدام حسين في تموز/يوليو 1999.
وقال ابراهيمي ان هناك حوالى عشرين الف لاجئ ايراني في العراق بينهم "1600 طلبوا العودة الى بلادهم".
غير ان مصادر انسانية اعتبرت ان الارقام الحقيقية "اكثر ارتفاعا"، الا انه "يصعب تقديرها" اذ يضم كل من البلدين الاف المعارضين غالبا ما يكونون ناشطين، ولا يمكن اعتبارهم من "الاسرى" او "اللاجئين".
ويمثل هؤلاء الاشخاص ومعظمهم من مجاهدي خلق (المعارضة المسلحة الايرانية ومقرها في العراق) وناشطي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق (مقره في طهران) احدى العواقب الرئيسية في وجه التطبيع السياسي بين البلدين.
وتتهم ايران المجاهدين الذي نفذوا عمليات عدة بما في ذلك في طهران بانهم "ارهابيين".
وسيتطرق صبري الى هذه المسألة الحساسة جدا بين البلدين مباشرة في محادثاته مع وزير الاستخبارات الايراني علي يونسي.