خامنئي وروحاني يتوعدان بالانتقام لمقتل سليماني في بغداد

الغارة الأميركية استهدفت قائد فيلق القدس ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي خلال تنقلهما في سيارة نحو مطار بغداد.
خامنئي يتوعد قاتلي سليماني بـ"انتقام مؤلم"
متظاهرون يغنون ويرقصون في بغداد بعد مقتل سليماني
إيران تستدعي القائم بالأعمال السويسري للاحتجاج على اغتيال سليماني
سياسيون جمهوريون يشيدون بترامب والمعارضة تنتقده
الكونغرس الأميركي لم يتبلّغ مسبقاً بقرار اغتيال سليماني

بغداد - توعدت إيران بانتقام "قاس" ردا على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس والمسؤول عن امتداد النفوذ العسكري الإيراني في الشرق الأوسط، الذي استهدف إلى جانب أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق، في قصف جوي أميركي عند مطار بغداد فجر الجمعة.

وأكد التلفزيون العراقي الرسمي اليوم الجمعة مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس (وهو مستشار لسليماني) بقصف صاروخي استهدف سيارتهما على طريق مطار بغداد.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن الولايات المتحدة قتلت فجر الجمعة سليماني والمهندس في غارة جوية.
وقال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في بيان بثه التلفزيون الرسمي دعا فيه إلى الحداد لمدة ثلاثة أيام، "على كل الأعداء أن يعلموا أن جهاد المقاومة سيتواصل بدافع مضاعف وأن نصرا حاسما ينتظر المقاتلين في الحرب المقدسة".

كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستكون "أكثر تصميما على مقاومة الولايات المتحدة"، ردا على مقتل سليماني.

وقال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي "سننتقم انتقاما ساحقا للاغتيال الجائر لسليماني... سننتقم من جميع المتورطين والمسؤولين عن اغتياله".

ونقل التلفزيون الإيراني عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله إن اغتيال سليماني سيعزز المقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة والعالم.

وقال ظريف في بيان "وحشية وغباء القوات الإرهابية الأميركية في اغتيال القائد سليماني... ستجعل شجرة المقاومة في المنطقة والعالم أكثر ازدهارا دون أدنى شك". وغالبا ما تشير إيران إلى دول وقوى بالمنطقة معارضة لإسرائيل والولايات المتحدة على أنها جبهة "مقاومة".

وكتب الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في تغريدة على تويتر أن هذا الدبلوماسي أُبلغ بأن "اغتيال الجنرال سليماني" هو "مثال فاضح على إرهاب الدولة الأميركي، وأن النظام الأميركي مسؤول بالكامل عن عواقبه".

واستدعت طهران مسؤولا في السفارة السويسرية التي تمثل مصالح الولايات المتحدة في طهران في غياب علاقات دبلوماسية بين البلدين.

من جهتها أعلنت هيئة الحشد الشعبي العراقية في بيان إن جنازات رسمية ستقام غدا السبت للقتلى الذين سقطوا في ضربة جوية أميركية على مطار بغداد.

في المقابل أشاد سياسيون جمهوريون أميركيون نافذون بالغارة الأميركية التي أدت إلى مقتل سليماني بأمر من الرئيس دونالد ترامب، بينما دان خصومه الديمقراطيون بمن فيهم منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية جو بايدن هذه العملية.

ونشر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على تويتر تسجيل فيديو قال إنه لعراقيين "يرقصون في الشارع" احتفالا بمقتل سليماني.

وكتب بومبيو في تغريدة مرفقة بالتسجيل الذي يظهر فيه حشد يجري في شارع وهو يرفع أعلاما ولافتات "عراقيون - عراقيون - يرقصون في الشارع من أجل الحرية، معبرين عن امتنانهم لأن الجنرال سليماني لم يعد موجودا".

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات من موقع الاستهداف ظهرت فيها أشلاء إلى جانب جثث للمستهدفين في الغارة وأسلحة وأغراض أخرى.

وأشاد السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام أحد حلفاء ترامب المقربين بالعملية وقال "أنظر بتقدير إلى العمل الشجاع للرئيس دونالد ترامب ضد العدوان الإيراني".

وأضاف غراهام بعيد تأكيد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الرئيس ترامب هو من اصدر الأمر بقتل الجنرال سليماني "أقول للحكومة الإيرانية: إذا كنتم تريدون المزيد فستحصلون على المزيد"، مؤكدا أنه "إذا تواصل العدوان الإيراني وكنت أعمل في مصفاة إيرانية للنفط، فسأفكر في تغيير عملي".

وعلى غرار السناتور الذي يشغل مقعد كاليفورنيا الجنوبية في الكونغرس، وقف الجمهوريون صفا واحدا وراء استراتيجية ترامب.

وقال السناتور الجمهوري ماركو روبيو إن "التحركات الدفاعية التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد إيران ووكلائها تطابق مع التحذيرات الواضحة التي تلقوها، لكنهم اختاروا تجاهل هذه التحذيرات لأنهم يعتقدون أن انقساماتنا السياسية الداخلية تمنع رئيس الولايات المتحدة من التحرك". وأضاف "لقد أساؤوا التقدير".

أما السناتور الجمهوري توم كوتون، فقد رأى أن الجنرال سليماني "نال ما يستحقه".

في المعسكر الديموقراطي، دان خصوم ترامب القصف ومخاطر تصعيد مع إيران.

وقال جو بايدن النائب السابق للرئيس والمرشح للانتخابات التمهيدية للديمقراطيين إن "ترامب ألقى للتو إصبع ديناميت في برميل بارود وعليه أن يقدم توضيحات للشعب الأميركي"، مؤكدا أنه "تصعيد هائل في منطقة خطيرة أساسا".

من جهته، أكد بيرني ساندرز المرشح الآخر للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أن "التصعيد الخطير لترامب يقربنا أكثر من حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط". وأضاف السناتور المستقل أن "ترامب وعد بإنهاء الحروب التي لا تنتهي لكن عمله هذا يضعنا على طريق حرب أخرى".

أما الرئيس الديمقراطي للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت أنجل، فقد عبر عن أسفه لأن ترامب لم يبلغ الكونغرس بالغارة الأميركية في العراق.

وكتب أنجل في بيان أن "القيام بعمل على هذه الدرجة من الخطورة بدون إشراك الكونغرس يثير مشاكل قانونية خطيرة ويشكل ازدراء بصلاحيات الكونغرس".

وقال بن رودس الذي كان من مستشاري الرئيس السابق باراك أوباما المقربين "لا شك أن يدي سليماني ملطختان بالدماء، لكنها لحظة مخيفة فعلا"، معتبرا أن "غيران سترد على الأرجح في أماكن عديدة. أفكر في كل الطاقم الأميركي في المنطقة في هذه اللحظة".

وظهر نائب رئيس الحشد أبو مهدي المهندس الثلاثاء في مقدمة المظاهرة التي اقتحم فيها مناصرون لفصائل عراقية شيعية السفارة الأميركية في بغداد، إلى جانب رئيس تحالف فتح هادي العامري، وأمين عام عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، احتجاجاً على الضربات الأميركية التي استهدفت الأحد قواعد لحزب الله العراقي الموالي لإيران في شمال العراق وقتل فيها 25 مقاتلا.

وأثار الهجوم غير المسبوق على السفارة الأميركية في بغداد والذي ألقى خلاله المحتجون الحجارة على جدران السفارة وكتبوا عليها عبارات وأضرموا النيران حولها، مخاوف من اندلاع حرب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة، على أرض العراق.

ل
نائب الحشد الشعبي شارك في مظاهرة اقتحام السفارة الأميركية في بغداد

وانسحب المتظاهرون الأربعاء من محيط السفارة الأميركية بعد يومين من العنف، فيما نفذت قوات من المشاة البحرية الأميركية "المارينز" الخميس انزالا جويا في السفارة ببغداد.

كما انتشرت القوات العراقية الخاصة الخميس لتأمين السفارة الأميركية فيما لم يستبعد وزير الدفاع الأميركي مارك أسبر قيام الفصائل الشيعية الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأميركية للانتقام.

ويتردد سليماني الذي ساعد بلاده على خوض حروب بالوكالة عبر الشرق الأوسط بإلهام مقاتلي الفصائل في الميدان والتفاوض مع القادة السياسيين، بشكل متواتر على بغداد وزادت زياراته هناك منذ اندلاع الاحتجاجات التي فشلت السلطة العراقية في إخمادها، فيما يتهم العراقيون قائد فيلق القدس الإيراني بهندسة عمليات القمع التي مارستها الميليشيات ضد المحتجين وقتل فيها المئات.

ويعتبر الحشد الشعبي وعصائب أهل الحق وحزب الله من بين أكبر الميليشيات العراقية المدعومة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وهي تأتمر لسليماني حيث كان يشرف عليها بشكل مباشر.

وتظهر تلك الميليشيات ولاءها للتام لإيران وللمرشد الإيراني علي خامنئي، بشكل علني. وتعمل تلك الفصائل سواء في العراق أو سوريا تحت إشراف فيلق القدس الإيراني بقيادة سليماني.

وكان سليماني مسؤولا عن عمليات سرية في الخارج وكثيرا ما كان يشاهد في ميادين القتال وهو يوجه الجماعات الشيعية العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وولد سليماني في مدينة قم جنوب شرقي إيران في عام 1955، من أسرة فلاحية فقيرة، وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط. ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
وبعدها التحق بفيلق الحرس الثوري أوائل عام 1980. وشارك في الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، وانضم إلى ساحة المعركة بصفته قائد شركة عسكرية.

وسرعان ما صعد نجم سليماني في صفوف الحرس الثوري الإيراني ليصبح قائد فيلق القدس، وهو منصب ساعد من خلاله إيران على تشكيل تحالفات مع وكلائها في الشرق الأوسط في وقت تعرضت فيه لضغوط نتيجة العقوبات الأميركية التي أصابت اقتصادها بالشلل.

وصنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية في 2019، في إطار حملة لممارسة أقصى الضغوط لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها النووية.

وكان لسليماني رد حاسم في هذا الشأن: أي مفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون "استسلاما كاملا".

وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري بشار الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011 كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، الأمر الذي وجدت فيه الولايات المتحدة وإسرائيل صعوبة لكبح جماحه.

وعين خامنئي سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.

وكان سليمان مسؤولا أيضا عن عمليات جمع المعلومات والعمليات العسكرية السرية التي نفذها فيلق القدس وفي 2018 تحدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب علنا.

وقال في مقطع فيديو نشر على الإنترنت "أقول لك يا سيد ترامب المقامر.. أقول لك.. أعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه".

وأضاف "ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها".