خامنئي يساند زيادة سعر البنزين ويصف المحتجين بـ'الأعداء'

السلطات الإيرانية اعتقلت 40 شخصا في مدينة يزد في وسط البلاد بعد صدامات مع الشرطة خلال مظاهرات خرجت في المدن الإيرانية احتجاجا على رفع اسعار البنزين.

طهران - اتهم المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي اليوم الأحد "معارضي الجمهورية الإسلامية والأعداء" بتخريب البلاد، في إشارة للمتظاهرين الإيرانيين الذين خرجوا للشوارع احتجاجا على رفع السلطات أسعار البنزين.

وأيد خامنئي قرار زيادة أسعار البنزين وتقنين توزيعه، وهو قرار اتخذته الحكومة بشكل مفاجئ وأثار تظاهرات في عدة مدن إيرانية واجهتها قوات الأمن بالقمع ما أسفر عن مقتل محتج وجرح عدد آخر.

وقال خامنئي بحسب ما نقل عنه التلفزيون الرسمي "لست خبيرا وهناك آراء مختلفة، لكنني قلت إنه إذا ما اتخذ قادة الفروع الثلاثة قرارا، فإنني أؤيده".

وأضاف "هذا القرار جعل بعض الناس يشعرون بقلق دون شك.. ولكن أعمال التخريب وإشعال الحرائق يقوم بها مثيرو الشغب وليس شعبنا. الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما أعمال التخريب وانتهاك القانون ويواصلون فعل ذلك".

وأوضح المرشد الإيراني أن زيادة سعر البنزين استندت إلى رأي الخبراء ويجب دعمها في وقت قالت فيه وسائل إعلام إيرانية إن البرلمان سيعقد جلسة مغلقة اليوم الأحد لبحث الزيادة، فيما سيحضر أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني جلسة مجلس الشورى الإسلامي اليوم، والتي ستتناول الأحداث الأخيرة في البلاد.

وتأتي تصريحات خامنئي تزامنا مع توقيف السلطات 40 شخصا في مدينة يزد في وسط البلاد بعد صدامات مع الشرطة خلال تظاهرات.

وذكرت وكالة إسنا شبه الرسمية عن المدعي العام في مدينة يزد محمد حداد زاده، اليوم الأحد قوله إنّ الموقوفين "مثيرو شغب" متهمون بتنفيذ أعمال تخريب ومعظمهم ليسوا من سكان المدينة.

وقال "في أعقاب التغيير في أسعار البنزين أعرب بعض الناس عن معارضتهم (للقرار) في تجمعات هادئة لكن بعد ذلك قام البعض وهم من غير سكان يزد بأعمال تخريب عن سوء نية في بعض أجزاء مدينة يزد".

ولم توضح الوكالة متى حصلت التوقيفات مكتفية بالقول إنها وقعت حديثا.

والجمعة، اندلعت احتجاجات في المدن الإيرانية بعد ساعات من إصدار المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي، قرارا برفع سعر لتر البنزين العادي إلى 15 ألف ريال (13 سنتا أميركيا) من عشرة آلاف بالإضافة إلى تقنينه في بلد يرزح تحت وطأة العقوبات الأميركية.

وخرجت تظاهرات جديدة السبت في مدن دورود وكرمسار وكركان وإيلام وكرج وخرم آباد ومهديشهر وقزوين وقم وسنندج وشاهرود.

وفي طهران، شوهد متظاهرون وهم يغلقون أحد الطرق، بينما تجمع آخرون حول مركبة محترقة. وكانت هناك مشاهد مماثلة في شيراز وأصفهان (وسط).

والسبت قالت منظمة "نتبلوكس" للأمن السيبراني(غير حكومية) على تويتر إن إيران تواجه حاليا "انقطاعا شبه كامل للإنترنت بعد 12 ساعة من الانفصال التدريجي عن الشبكة".

وتأتي اجتجاجات الإيرانيين في وقت يبحث فيه النظام في طهران عن طرق جديدة لتطويق المظاهرات في العراق ولبنان بعد أن خرجت عن سيطرتهم وعن سيطرة وكلائهم هناك، حيث مثل الحراك الشعبي اللبناني والعراقي الرافض للنظام السياسي الطائفي الذي حرصت إيران على نشره ودعمه لبسط نفوذها، تهديدا لها ولنظامها، وسرعان ما انتقلت العدوى الاحتجاجات إلى مدنها.

وأظهرت مقاطع مصورة بثت على مواقع للتواصل الاجتماعي في إيران قيام محتجين بإشعال النار في مبان واشتباكهم مع قوات مكافحة الشغب. وفي مقاطع فيديو أخرى أغلق محتجون الطرق وأشعلوا حرائق في شوارع بطهران ومدن أخرى. وردد البعض هتافات ضد كبار المسؤولين، فيما أحرق محتجون آخرون صورة لخامنئي في احد شوارع طهران.

وقال التلفزيون الرسمي إن الشرطة اشتبكت مع من وصفهم بمثيري الشغب في بعض المدن وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وأشار النظام الإيراني إلى أن الهدف من تقنين توزيع البنزين ورفع أسعاره هو جمع أموال تستخدم لمساعدة المواطنين المحتاجين.

واعتاد خامنئي على اللجوء إلى نظرية المؤامرة، حيث دأب على اتهام الولايات المتحدة أو إسرائيل بتحريك المظاهرات في بلاده كلما احتج الإيرانيون أو عبروا عن رفضهم لتجاوزات المسؤولين

ويرى إيرانيون كثيرون أن البنزين الرخيص في الدولة المنتجة للنفط حق لهم وأشعلت زيادة سعره مخاوف من حدوث المزيد من الضغوط المعيشية، على الرغم من تأكيدات السلطات أن عائد الزيادة سيستخدم في مساعدة الأسر الفقيرة.

وباتت قدرة الإيرانيين على شراء لوازمهم أضعف بوضوح منذ العام الماضي عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى وعودة العقوبات الأميركية عليها.

وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض الريال واستشراء الفساد ألحقت سياسة (الضغوط القصوى) التي تنتهجها واشنطن المزيد من الضرر بالاقتصاد الإيراني.

ويحرص رجال الدين الذين يحكمون إيران إلى منع تكرار الاضطرابات التي حدثت في أواخر عام 2017 في 80 مدينة وبلدة بسبب تدني مستوى المعيشة وترددت فيها دعوات لرجال الدين كي يتركوا الحكم.

وقال المسؤولون الإيرانيون إن 22 شخصا لقوا حتفهم في تلك الاحتجاجات.

ويتنقل الإيرانيون في المدن والبلدات بسيارات خاصة أو سيارات أجرة في الغالب. ونقلت تقارير إعلامية عن الحكومة قولها إن تعريفات سيارات الأجرة ووسائل النقل العام لن يطرأ عليها تعديل.

وانخفض سعر الريال الإيراني بشكل كبير مقابل الدولار على إثر العقوبات الأميركية وباتت نسبة التضخم في إيران تزيد عن 40 بالمئة بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة تسعة بالمئة هذا العام وأن يعاني من الركود في 2020.

وأكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني السبت أن 75 بالمئة من الإيرانيين يعيشون حاليًا "تحت الضغط" وأن عائدات رفع أسعار البنزين ستخصص لهم لا لخزينة الدولة.

وحاول روحاني رفع أسعار الوقود في كانون الأول/ديسمبر الماضي لكن مجلس الشورى عرقل الخطوة غداة تظاهرات هزّت إيران على مدى أيام.

ورأى رئيس مجلس الشورى آنذاك أن الخطوة لا تحظى بشعبية و"لا تصب في مصلحة البلاد."

ويأتي قرار رفع أسعار الوقود وتقنينه في فترة تحمل حساسية مع استعداد إيران لانتخابات تشريعية في شباط/فبراير.

وأشار رئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت إلى أن الإجراء تقرّر من قبل المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يضم الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية وهو ما يوحي بأن القرار حظي بموافقة أبرز أركان النظام.

وأفاد موقع الحكومة الرسمي أن المجلس اجتمع مجدداً السبت وحضّ على "التعاون بين الجميع لتطبيق الخطة بنجاح".

من جهتهم، أعرب أعضاء مجلس الشورى عن انزعاجهم واعتبرت النائبة بروانه سلحشوري في تغريدة أن المجلس "فقد سلطته".

وفي ولايته الأولى، أعرب روحاني عن معارضته لنظام التسعيرة المزدوجة للبنزين الذي تبناه سلفه محمود أحمدي نجاد قائلاً في تغريدة سنة 2015 إنه "تسبب بالفساد ولهذا وضعنا سعراً موحداً".

وكانت حكومته ألغت كذلك بطاقات الوقود التي فُرضت في عهد أحمدي نجاد، لتعاود العمل بها هذا العام مع نفيها شائعات أن الخطوة تعد بمثابة تمهيد لتقنين توزيع الوقود ورفع أسعاره.