خامنئي يلوح بتحريك ميليشيات ايران في الخارج

الزعيم الإيراني يدعو الى الوحدة الوطنية في محاولة لتهدئة الاحتجاجات الداخلية مثنيا على الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وملوحا بالاستمرار في تحويل المنطقة العربية الى ساحة لتصفية الحسابات مع واشنطن.

طهران - يستمر المسؤولون الإيرانيون في اطلاق وعيدهم ضد الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها ما يهدد بتصعيد التوتر في المنطقة مجددا.
وفي هذا الاطار قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الجمعة، إن الحرس الثوري يمكن أن ينقل معركته خارج حدود إيران، في رد فعل على مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في هجوم أميركي والاضطرابات الداخلية بسبب إسقاط طائرة.
وفي أول خطبة جمعة يدلي بها منذ ثماني سنوات، قال خامنئي لآلاف الإيرانيين الذين كانوا يهتفون "الموت لأميركا" إن الدول الأوروبية "لا يمكن الوثوق بها".
وقال خامنئي "يجب أن تستمر المقاومة حتى تتحرر المنطقة تماما من طغيان العدو" في إشارة إلى الولايات المتحدة مكررا مطالبته القوات الأميركية بالانسحاب من العراق والشرق الأوسط.
ويبدو ان تصريحات خامنئي اشارة الى ميليشياتها وحلفائها في الخارج خاصة في اليمن والعراق ولبنان بالاستعداد لتوجيه ضربات جديدة للمصالح الاميركية والغربية ما سيؤدي في النهاية الى توتير الاجواء.
وجعلت ايران من دول عربية ساحة لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة ما اضر بمصلحة شعوب تلك الدول التي طالبت في مظاهرات بمواجهة التدخلات الايرانية.
وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس، أحد وحدات الحرس الثوري المسؤولة عن عمليات إيران في الخارج، في ضربة جوية بطائرة مسيرة في الثالث من يناير كانون الثاني. وأنشأ سليماني جماعات مسلحة تنحي الولايات المتحدة باللائمة عليها في هجمات على القوات الأميركية.
وردت إيران بضربات صاروخية على أهداف أميركية في العراق في الثامن من يناير/كانون الثاني، أسفرت عن وقوع إصابات لكن دون سقوط قتلى من القوات الأميركية.
وقال خامنئي إن القدرة على "توجيه الصفعة للقوة المتكبرة المتغطرسة تشير إلى القدرة الإلهية"، مضيفا أن اغتيال سليماني كشف عن "الطبيعة الإرهابية" لواشنطن.
وأضاف أن فيلق قوات القدس "مؤسسة إنسانية ذات حوافز إنسانية كبرى وواضحة" وتحمي الناس في أنحاء المنطقة. وقال "إنهم مقاتلون بلا حدود".
وفي أجواء التوتر التي أعقبت الضربات الصاروخية الإيرانية على أهداف أميركية، وفي وقت كانت القوات الإيرانية تتوقع فيه عمليات انتقامية أميركية، أسقطت دفاعات الحرس الثوري الجوية طائرة ركاب أوكرانية بطريق الخطأ.
واعترفت إيران بالخطأ بعد أيام من وقوعه، وهو ما أشعل شرارة احتجاجات في أنحاء البلاد قوبلت في بعض الأحيان بقمع عنيف.
المهرجون الأميركيون
وكتب ترامب تغريدات على موقع تويتر باللغتين الفارسية والإنجليزية لدعم المتظاهرين، وهو ما أثار رد فعل حادا من خامنئي.
وقال الزعيم الأعلى الإيراني "هؤلاء المهرجون الأميركيون يكذبون بقولهم إنهم يقفون إلى جانب الشعب الإيراني.. وعليهم أن يروا من هو الشعب الإيراني".
وعادة ما يستعمل خامنئي عبارات حادة ضد الاميركيين وضد الرئيس ترامب ما يشير الى الوضع النفسي الصعب للقادة الايرانيين.

الاحتجاجات في ايران
احتجاجات متواصلة اثرت سلبا على قداسة كان يتمتع بها خامنئي

ويحاول المسؤولون الإيرانيون التخفيف من وقع تأثير حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية على الوضع الداخلي خاصة مع استمرار الاحتجاجات الشعبية المنددة بالحادثة وبتورط النظام في كسب عداءات خارجية.
وفي هذا الاطار قال خامنئي الجمعة أنه لا يجب أن تطغى المأساة "المريرة" للطائرة الأوكرانية التي أُسقطت بطريق الخطأ في طهران على "تضحية" الجنرال قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أميركية في بغداد قبل خمسة أيام من حادث الطائرة.
ووصف خامنئي الطائرة بأنه "حادث مرير" وقدّم تعازيه إلى عائلات الضحايا. واعتبر في خطابه أن "البعض حاول (استخدام الحادث) بشكل يجعل (العالم) ينسى الشهادة العظيمة والتضحية" التي قدّمها سليماني، في إشارة إلى التظاهرات المناهضة للسلطات الإيرانية التي نُظمت في الأيام الأخيرة. 
واهتزت 'القداسة' التي كان يتمتع بها خامنئي لعقود على وقع الأزمات التي تعصف بإيران منذ العام 2018 وعجز النظام الذي توجهه وتديره المؤسسة الدينية عن احتواء تلك الأزمات والتوترات المحلية والدولية.

وشهدت إيران موجة احتجاجات ما أن تهدأ حتى تنفجر مجددا وكان أحدثها تلك التي انطلقت نهاية الأسبوع الماضي تنديدا بإسقاط القوات الإيرانية طائرة ركاب أوكرانية ومقتل جميع من كانوا على متنها وبينهم إيرانيون بصاروخ واصفة الحادث بأنه 'خطأ'.

وبدأ الخناق يضيق على المرشد الأعلى في إيران وعلى النظام مع تنامي الاحتجاجات في الداخل وكسر الإيرانيين لحاجز الخوف، حيث رفعت شعارات مناوئة لخامنئي ولقادة النظام وسط دعوات لرحيلهم وانهاء عقود من قبضة المؤسسة الدينية على الحكم.
وبعدما نفت طهران لأيام ما أعلنته دول غربية حول إسقاط الطائرة بصاروخ، عادت القوات المسلحة الإيرانية واعترفت صباح السبت بمسؤوليتها عن المأساة، متحدثة عن "خطأ بشري".
وبعد أسبوع من الكارثة دعا الرئيس الايراني حسن روحاني إلى "الوحدة الوطنية" في كلمة نقلها التلفزيون الحكومي مباشرة على وقع تنامي الاحتجاجات المنددة باسقاط الطائرة الأوكرانية ومقتل جميع من كانوا على متنها وعظمهم إيرانيون.
وبخصوص الملف النووي قال الزعيم الايراني إنه لا يمكن الوثوق بالدول الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة وإن سعيها لممارسة ضغوط على إيران لن تفلح.
وقال خامنئي إن الدول الأوروبية "لا يمكن الوثوق بها" بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا آلية تسوية النزاعات في الاتفاق النووي وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.