خبراء يرصدون مكامن متانة العلاقات المغربية السنغالية بعد الدعوة الاستثنائية

الرباط تعد ملاذا روحيا مرجعيا للسنغال ولغرب إفريقيا عامة وقوة اقتصادية تبذل كل ما في وسعها لتقاسم فرصها التنموية مع باقي دول القارة.

الرباط – رصد خبراء نقاط قوة العلاقات السنغالية المغربية استنادا للدعوة الاستثنائية التي تلقاها العاهل المغربي الملك محمد السادس لحضور حفل تنصيب الرئيس المنتخب باسيرو ديوماي فاي والتي مثله فيها رئيس الحكومة عزيز أخنوش برفقة بوفد رفيع يضم وزير الخارجية ناصر بوريطة.

وأكد الباحث السنغالي ماسامبا غاي، أن المملكة تعد ملاذا روحيا مرجعيا للسنغال ولغرب إفريقيا عامة وقوة اقتصادية تبذل كل ما في وسعها لتقاسم فرصها التنموية مع باقي دول القارة. وأضاف أن الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية القوية، والروحية على وجه الخصوص "متينة وتتخطى الزمن والحكومات والرجال".

وقال غاي الخبير في العلاقات بين المغرب وإفريقيا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الدعوة لحضور حفل التنصيب تشهد على قوة التعاون ومتانة أواصر الصداقة والأخوة القائمة بين السينغال والمغرب، والمتسمة بالاستدامة.

وتعود علاقات المغرب بأفريقيا عامة والسنغال بشكل خاص إلى ما قبل ظهور الإسلام، ومع مجيء الإسلام اكتسبت هذه العلاقة طابعا روحيا ساميا يتماشى مع تطور العالم بفضل مختلف السلالات المغربية الحاكمة، ولا سيما الشرفاء العلويين.

وكان للزوايا الصوفية في المغرب دور بارز في توطيد الروابط الروحية بين المملكة والسينغال، حيث أن فروع الزوايا في المغرب تمتد إلى عدة دول في إفريقيا، بما في ذلك السنغال.

وأكد المدير العام للمركز الإفريقي للذكاء الاستراتيجي عبد اللطيف حيدرة الثلاثاء، أن دعوة الملك محمد السادس لحضور مراسم تنصيب الرئيس السنغالي المنتخب باسيرو ديوماي فاي، تعكس تميز العلاقات العريقة ومتعددة الأبعاد القائمة بين المغرب والسنغال.

وقال الخبير إن الرباط ودكار تجمعهما علاقات متينة وعريقة جدا من المنتظر أن تتعزز بشكل أكبر مع الرئيس السنغالي الجديد. مؤكدا أن "متانة العلاقات بين المغرب والسنغال متجذرة في ثقافة وتقليد البلدين".

واختارت السنغال أن يكون العاهل المغربي الملك محمد السادس قائد الدولة الوحيد من خارج المنطقة، الذي تمت دعوته لحضور حفل تنصيب الرئيس السنغالي المنتخب، في تأكيد على المكانة التي يحتلها المغرب لدى دول القارة الأفريقية عموما والسنغال خصوصا.  

وتدل البادرة السنغالية على عمق الشراكة الاستثنائية ومتعددة الأبعاد القائمة بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والروحية.

ومن جهته أكد المدير الإقليمي لـ"معهد تمبكتو" الذي يوجد مقره بدكار الباحث السنغالي، بكاري سامبي، أن الدعوة تعد "دليلا ملموسا على الطبيعة الاستثنائية" للعلاقات القائمة بين السنغال والمغرب.

وأشار سامبي، إلى أن استدامة محور دكار – الرباط أضحت مهيكلة للتوازنات الإقليمية والسلام والاستقرار بالنظر إلى تقارب وجهات النظر والوعي التام برهانات دبلوماسية بناءة على الدوام يتقاسمها بلدانا".
وأوضح أن العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية السنغال تأخذ بعدا جديدا في ظل المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس، وخاصة المبادرة الأطلسية لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي التي تأتي في سياق يتميز بمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، وكذلك مع أفق انضمام السنغال إلى المجموعة الاستراتيجية للدول المنتجة للبترول والغاز".

وأضاف أنه علاوة على الأخوة الطبيعية التي تجمع بين البلدين، فإن المغرب أضحى شريكا استراتيجيا قويا، سيما في ظل الإمكانيات الهائلة التي يتيحها باعتبار موقعه كملتقى بين القارات. وخلص إلى أن الروابط بين المغرب والسنغال "تكرست على الدوام ضمن الاستمرارية ووفق طابع مستدام وذلك بفضل تجذرها التاريخي، وسيما بعدها الإنساني".

وقاد رئيس الحكومة المغربية عزيز اخنوش بعثة دبلوماسية استقبلها استقبل الرئيس السنغالي الجديد الثلاثاء بديامينياديو قرب دكار على هامش حفل أداء اليمين الدستورية ومراسم التنصيب .

وتحكم العلاقات بين البلدين أبعاد تاريخية وروحية وثقافية تشكل ثنائية استنثائية مغربية سينغالية. من حيث الاستدامة والتطور في الوقت ذاته خصوصا أن البلدين يشكلان محور الاستقرار في المنطقة وعصب التوازن فيها.

وأدى مرشح المعارضة في السنغال والمسجون السابق فاي اليمين الثلاثاء ليصبح الرئيس الخامس للبلاد وأصغرهم على الإطلاق، متعهدا باستعادة الاستقرار وتحقيق التقدم الاقتصادي.

وتغلب فاي (44 عاما) على مرشح الائتلاف الحاكم أمادو با بأغلبية ساحقة في الجولة الأولى من الانتخابات، مما يعكس الآمال الكبيرة في التغيير في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 18 مليون نسمة. وقال فاي بعد أن أدى اليمين في مراسم حضرها مع زوجتيه إن "نتائج الانتخابات أظهرت رغبة عميقة في التغيير".

وحضر المراسم أكثر من عشرة من رؤساء الدول والممثلين الإقليميين، منهم الرئيس النيجيري بولا تينوبو ورئيس غانا نانا أكوفو-أدو ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد.

وأصبح باسيرو ديوماي فاي، الفائز في الانتخابات الرئاسية في جولتها الأولى، التي جرت في 24 مارس، بنسبة 54.28 بالمئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على المرشح أمادو با (35.79 في المئة)، خامس رئيس للسينغال، منذ استقلالها سنة 1960.