خرافة الدعم الإيراني لغزة.. بالمال والسلاح

من نافل القول أن جميع الأذرع الإيرانية في العراق ولبنان واليمن وغزة لا تزيد عن كونها أرواق تفاوضية إيرانية للضغط على أمريكا بهدف تمرير مصالح إيران في العراق واليمن ولبنان.

بقلم: عبدالله أبو شرخ

" إزعاج الناس بالحقيقة أفضل من خداعهم بالأكاذيب"

" ليست وظيفة الفكر أن يلعن الشر الكامن بالموجودات، بل أن يستشعر الخطر الكامن في كل ما هو مألوف وأن يجعل من كل ما هو راسخ موضع إشكال – ميشيل فوكو

ثمة أسطوانة مشروخة يتم تسويقها في الإعلام من قادة الفصائل في غزة مثل هنية ومزهر وأبو ظريفة، أولئك الذين كانوا قيادة مسيرات العودة وكسر الحصار الكارثية، وهي أن إيران دعمت غزة بالمال والسلاح، فهذا على الأقل اعتراف من هؤلاء القادة بوصول أموال وأسلحة، لكن أحدا لم يسأل يا مشيل فوكو أين تذهب الأموال بالضبط وفيم يستخدم السلاح على وجه الدقة؟

من الثابت المعلوم أن الأموال الإيرانية لا تذهب لبناء المشافي (رفح بحاجة ماسة لمستشفى) ولا تذهب لبناء مدارس ( يوجد 50 طالبا بكل فصل دراسي  )، كما أن هذه الأموال لا تذهب أبدا لإصلاح وتطوير البنية التحتية (غزة تغرق بكاملها بعد مطر ربع ساعة)، والشيء المفهوم والملموس أن الأموال الإيرانية لا تذهب لتشغيل اليد العاملة والخريجين ( المهندسون فقط المسجلون في النقابة بلغ عددهم حسب آخر إحصائية 18 ألف مهندس / ة منهم 11 ألف عاطلون عن العمل.

الشيء المسكوت عنه هو استثمار الأموال في مشاريع غير خدماتية مثل المنتجعات السياحية الفاخرة المدرة للمال والأرباح أو لبناء مساجد فاخرة ( مقرات حزبية أكثر منها دور عبادة) أو لبناء مقرات أمنية للقمع وانتهاك حرية التعبير عن الرأي، أو نشاهد مظاهر الثراء المليوني الفاحش على شكل أرصدة بنكية وسيارات فارهة وفيلات فاخرة فيما ينقطع الإنترنت طيلة أسبوع عن ناشط وطني لديه آلاف المتابعين بسبب عدم امتلاكه بضعة شواكل ثمن فاتورة خط النفاذ لحرامية الاتصالات  أما السلاح الإيراني فهو قد ذهب للقمع الوحشي لحراك (بدنا نعيش) في دير البلح وجباليا.

خروج المسيرة المليونية الأعظم في تاريخ غزة يوم انطلاقة فتح ال 55 له قراءة عميقة أكثر وعياً من كونها انطلاقة فتح، وهي أن الخروج المليوني (مليون ومائتان وثلاثة وثمانين حسب تقديرات الأقمار الصناعية) لم يكن تلبية لانطلاقة تنظيم فتح بقدر ما كان تعبيرا عن الرفض المطلق لحكم غزة وفصائل غزة ومظاهر الفساد الفاحش التي فصلناها قبل قليل. مليونية غزة كانت لكل كارهي حكم غزة من آلاف مؤلفة من الفتحاويين والمهمشين والفقراء والمعدمين جراء الفساد المالي في غزة، وهو خروج يمكن ترجمته لرفض واحتجاج عارم ضد الهيمنة الإيرانية، تماما مثلما خرجت الملايين قبل أسابيع في العراق ولبنان ومن قبل ضد الحكم الإخواني الفاسد في السودان

من جهة أخرى، يمكن فهم العداء الظاهر في الإعلام بين إيران وأمريكا بتساؤلات عميقة وجادة عن حلقة الوصل القطرية لإدارة المفاوضات بين واشنطن وطهران، ضمن تفاهمات سرية غير معلنة هدفها تقاسم المصالح بين إيران والإدارة الأمريكية في العراق، وهو ما ظهر جليا في سماح واشنطن في السنوات الأخيرة للحشد الشعبي ومليشيات إيران بالقضاء على داعش الذين انتهت مهمتهم ووجبت تصفيتهم على غرار بن لادن والزرقاوي والبغدادي  هذه التفاهمات السرية التي ترعاها قطر من خلال علاقتها الوطيدة بأمريكا و (إسرائيل) من جهة، وعلاقتها الوطيدة مع إيران وفصائلها من الجهة الأخرى.

قد تبدو الصورة واضحة في تقليص الرد على اغتيال سليماني في رد متوسط لا يؤدي لاشتعال المنطقة كضرب قاعدة أمريكية فارغة أو سفينة هامشية على يد الحوثيين، تماما مثلما تقصف (إسرائيل) بعنف موقع السفينة على شاطيء غزة وهو الموقع الفارغ الذي تم قصفه مئات المرات بهدف نشر الوهم عن حرب غير حقيقية، أو مثل رد حزب الله بقصف عربة عسكرية إسرائيلية فارغة.

من نافل القول أن جميع الأذرع الإيرانية في العراق ولبنان واليمن وغزة لا تزيد عن كونها أرواق تفاوضية إيرانية للضغط على أمريكا بهدف تمرير مصالح إيران في العراق واليمن ولبنان.

خلاصة القول:

  • الخروج المليوني يوم الانطلاقة ال 55 عبر كان أكبير بكثير من تنظيم فتح وهو عبر عن حالة احتقان شديدة ضد الفقر والظلم والفساد وسوء الإدارة في غزة، وهو لا يختلف في جوهره عن خروج الملايين في لبنان والعراق ضد التغول الإيراني
  • ولهذا السبب فإن خيمة عزاء سليماني لفصائل غزة لا تمثل الشعب الفلسطيني في غزة بقدر ما تمثل المنتفعين من المال الإيراني الذي أوضحنا في هذه المقالة فيم ينفق وأين يصرف
  • كيف نفهم تضامن فصائل غزة مع إيران بخيمة عزاء لقاسم سليماني واستنكارا للجريمة الأمريكية - بقبول وجود عسكري أمريكي على أرض غزة في صورة مستشفى!
  • التغول الاستيطاني الصهيوني في الضفة وتهويد القدس والأغوار يتزامن مع تغول إيراني على العراق ولبنان مع تغول تركي في ليبيا وتغول أمريكي في كل الخليج، وهذا كله بسبب ضعف وهشاشة المشروع القومي العربي.
  • حادثة اغتيال قاسم سليماني أعادت شحن جماهير الممانعة في صالح إيران بعد أن استمرت تظاهرات العراق ضد النفوذ الإيراني لأكثر من شهرين سقط فيها 600 شهيد عراقي من كافة الطوائف والمذاهب بمن فيهم الشيعة.
  • موقفنا القومي والوطني والفلسطيني هو مع ثورة عراقية عارمة ضد النفوذ والاحتلال الأمريكي - الإيراني لأرض العراق. العراق وثرواته يجب أن يعود خالصاً للعراقيين وحدهم
  • كما ينظر الموقف الوطني الفلسطيني والقومي العروبي بعين التقدير والرضا والاحترام لعمليات تسليح وتحديث الجيش المصري العظيم لأن مصر وجيشها هي القلعة العربية الأخيرة لمواجهة الأخطار والتحديات.
  • الربيع الصهيوني بقيادة الإخونج وداعش والنصرة هو تحالف مشبوه معادي لمصالح الأمة العربية، كما أن نفس التحالف يحاول خدمة أمريكا من خلال التحشيد الباطل والديماغوجي ضد الصين، رغم أن الصين دولة صديقة وحليفة للعرب.

كاتب فلسطيني