خريبكة السينمائي يعري العنف الأسري بأفريقيا

أفلام من المسابقة الرسمية بالمهرجان تكشف جانبا من ظاهرة العنف الأسري من زاويا غير مألوفة.

خريبكة (المغرب) - تحتفي فعاليات مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية بالإبداع السينمائي الأفريقي وتحولاته العميقة من خلال عرضها لأفلام تضيء على مواضيع متنوعة تهم المجتمعات في القارة الأفريقية.

ويستكشف الفيلم الرواندي الطويل "أوموكاني" الذي عرض الأحد في إطار المسابقة الرسمية للدورة الخامسة والعشرين للمهرجان، ظاهرة العنف الأسري من زاوية غير مألوفة وجديدة.

ويروي الفيلم الذي يمتد لـ84 دقيقة، قصة زوجين يواجهان مشكلات في الثقة، تتفاقم لتتحول إلى عنف أسري عندما ينعدم الصبر ويعوض الصمت الحوار والتواصل، ما سيضطر أحد الطرفين إلى مواجهة العواقب بمفرده.

وسعى مخرج العمل، جون كوييزي، من خلال هذا الفيلم، إلى رسم ملامح زوجين عاديين ارتكبا خطأ الهروب من واقع الخلافات اليومية، لينتهيا في نهاية المطاف إلى الوقوع في فخ الصمت والحقد المتراكم.

وشدد بطل الفيلم، دانيال كاغا، على أهمية الحوار بالنسبة إلى الأزواج، مذكرا بأن التوترات اليومية يمكن أن تؤدي إلى عواقب مأساوية.

وأوضح كاغا في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن "ظاهرة العنف الأسري لا تزال، للأسف، منتشرة على نطاق واسع في شرق أفريقيا"، مضيفا أن هدف الفيلم هو التوعية بهذه الإشكالية من أجل المساهمة في مكافحة هذه الآفة الاجتماعية.

وأشاد الممثل، الذي يحل لأول مرة بالمغرب، بجودة التنظيم ومستوى الضيوف في هذا الحدث الكبير للسينما الأفريقية، قائلا "لقد وصلت اليوم فقط، وكان لي شرف لقاء منتجين وممثلين ومخرجين مرموقين".

وأضاف أن تنظيم مهرجان بهذا الحجم يجسد الجهود التي يبذلها المغرب في المجال السينمائي، لاسيما على مستوى الاستثمار وتوفير الوسائل اللازمة لتطوير هذه الصناعة.

وإلى جانب فيلم "أوموكاني"، تتنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان 15 فيلما طويلا من 12 بلدا أفريقيا، من بينها ثلاثة أفلام مغربية هي "راضية" لخولة أسباب بنعمر، و"وشم الريح" لليلى تريكي، و"دكار كازا" لأحمد بولان، بالإضافة إلى "شاي أسود" لعبدالرحمن سيساكو ممثلا لموريتانيا ضيف شرف هذه الدورة، و"قصة الخريف" لكريم مكرم من مصر، و"قنطرة" لوليد مطار من تونس، و"صانكو، حلم الرب" لفوسيني مايغا من مالي، و"كفى" للمخرجة أليماطا ويدراوغو من بوركينا فاسو.

وشهد اليوم الثاني من المهرجان الذي تتواصل فعالياتها إلى غاية الثامن والعشرين من يونيو/حزيران الجاري، إطلاق المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، بفرصة اكتشاف فيلم "إرث" الذي يتناول مسألة الإرث في تشاد.

ويروي الفيلم لمخرجه أرون باداكي زيغولي، قصة سابورا، فتاة تبلغ من العمر 18 سنة ومولعة بالموسيقى، يتم تعيينها بموجب وصية كوارثة وحيدة، رغم أن الإرث محصور تقليديا في الرجال، ما يعرضها لمشاكل مع محيطها الذكوري الذي يعارض هذه الوصية.

وعرض كذلك الفيلم المغربي "وشم الرياح" وهو فيلم درامي من إخراج وكتابة المخرجة المغربية ليلى التريكي، وقد شاركها في كتابة السيناريو الكاتب الأميركي كيث كوننغهام. ويستند الفيلم إلى قصص واقعية لمهاجرين مغاربة عاشوا تجربة الاغتراب في أوروبا، ويركز على قضية الهوية والذاكرة والبحث عن الجذور المفقودة.

ويتناول الفيلم قصة "صوفيا" وهي مصورة شابة من طنجة تكتشف بالصدفة أن والدتها الفرنسية، التي كانت تظن أنها متوفاة، لا تزال على قيد الحياة، فتبدأ رحلة تحقيق للبحث عن الأجزاء المفقودة من هويتها وكشف أسرار عائلتها.

وقد عرض هذا الفيلم المغربي الذي يشرك فيه الممثل السوري محمود نصر، لأول مرة على الصعيد الدولي ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي 2024، كما شارك رسميًا في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة خلال أكتوبر/تشرين الأول 2024. وقد فاز بجائزة "أفضل أول عمل"، وهو إنجاز مهم للمخرجة في أول أفلامها الطويلة.

وكتب محمود نصر على حسابه بإنستغرام "في ترحالك لا نهاية لوشم الريح على روحك .. روحك دليلك، فدعها تجذبك بصمت إلى ما تحب فهي لن تضلك أبدا".

أما في فئة الأفلام القصيرة، تم عرض ثلاثة أفلام هي فيلم "الاستجواب" لجان لوك راباتيل من الطوغو، ومن إثيوبيا فيلم "الميدالية" لروث هوندوما، ومن جمهورية أفريقيا الوسطى فيلم "صورة لامرأة بلا وجه" لسعدية كوسانكو.

ويواصل المهرجان خلال هذا الأسبوع عرض أفلام من دول عديدة من بينها مصر وتونس وموريتانيا والتوغو والصومال وغيرها، ومن بينها فيلم "قصة الخريف" الذي يمثل مصر في المهرجان وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج والمؤلف كريم مكرم، بعد سلسلة من الأفلام القصيرة والتسجيلية التي عرضت في مهرجانات محلية ودولية.

ويناقش الفيلم موضوع الاغتراب والوحدة، عبر حكايات متقاطعة لعدة شخصيات تنتمي لطبقات اجتماعية مختلفة، ويعكس واقعًا إنسانيًا يعانيه الكثيرون.

وينظم مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويستقبل خلال هذه الدورة 350 سينمائيا من 45 بلدا، في احتفاء بالإبداع السينمائي الأفريقي، وبمواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.

وتنعقد هذه الدورة تحت شعار "من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات: تجاذبات السينما الأفريقية"، حيث تهدف إلى فتح نقاش عميق حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن، والسرديات، والخيال السينمائي في القارة الأفريقية.

وتتنافس الأفلام المختارة على ست جوائز مرموقة للمهرجان؛ وهي الجائزة الكبرى "عثمان صامبين"، وجائزة لجنة التحكيم "نور الدين الصايل"، وجائزة الإخراج "إدريسا ويدراوغو"، وجائزة السيناريو "سمير فريد"، وجائزة أفضل دور نسائي "أمينة رشيد"، وجائزة أفضل دور رجالي "محمد البسطاوي".

وتتولى لجنة تحكيم الفيلم الطويل مهام تقييم الأفلام المتنافسة، وهي لجنة متعددة الجنسيات برئاسة المخرج الرواندي جويل كاريكزي، وتضم إلى جانبه كلا من المخرج المغربي محمد عهد بنسودة، والممثلة المالية فاتوماتا كوليبالي، والسينمائي البوروندي ليونس نكابو، والمخرج السنغالي كلارنس توماس ديلغادو.

أما لجنة تحكيم الفيلم القصير، فيترأسها الناقد السينمائي بلال مرميد، ويشاركه في عضويتها الممثل التشادي يوسف دجاورو، والمخرجة المالية ديارا مولدي.

ومهرجان السينما الأفريقية بخريبكة هو مهرجان سينمائي للسينما الأفريقية يُقام في مدينة خريبكة بالمغرب منذ تأسيسه في العام 1977، ويعتبر أحد أقدم وأهم مهرجانات الأفلام في المغرب.