خريف دون أمطار في تونس يحيي المخاوف من تفاقم أزمة الجفاف

تأخّر التساقطات المطريّة في أغلب مناطق البلاد يدفع السلطات التونسية إلى التمديد في قرار تقسيط المياه إلى أجل غير مسمى.

تونس - يثير انحباس الأمطار مخاوف المزارعين في تونس من تواصل موجة الجفاف التي تعيشها البلاد منذ نحو 4 سنوات، فيما اضطرت السلطات التونسية إلى تمديد قرار تقسيط المياه ومنع استعمالها في العديد من الحالات، في خطوة تهدف إلى تجنيب البلاد أزمة مائية كبرى في ظل تراجع منسوب السدود.

وعلى غير العادة انقضى شهر أيلول/سبتبمر الماضي دون تهاطل الأمطار في أغلب مناطق البلاد التونسية، ما اعتبره العديد من مزارعي الحبوب في الشمال الغربي على وجه التحديد مؤشرا سيئا بالنسبة إلى الموسم الجديد.

ويخشى أصحاب حقول الحبوب الذين شرعوا خلال الآونة الأخيرة في أعمال الحرث والبذر من تكرار سيناريو العام السابق،  الذي تكبدوا خلاله خسائر مالية كبيرة.

وتراجع إنتاج البلاد من الحبوب خلال الموسم الماضي بنحو 60 في المئة مقارنة مع الموسم الذي سبقه ولم تتجاوز الكميات المجمعة 2.7 مليون قنطار مقابل 7.5 مليون قنطار خلال العام 2022.

كما أعرب العديد من أصحاب حقول الزياتين في أغلب المناطق التونسية خلال الآونة الأخيرة عن مخاوفهم إزاء تواصل شح الأمطار طيلة الشهر الماضي، مشيرين إلى أن غياب التساقطات المطرية سيؤثر على إنتاج الزيت.

وتشير تقديرات الديوان الوطني للزيت إلى أن محصول الزيتون سيبلغ نحو مليون طن سينتج نحو 200 ألف طن من الزيت بتراجع بنحو 15 في المئة مقارنة بالسنوات السابقة.

وقال الخبير في المناخ عامر بحة لمنصة 'المشهد' إن "بداية خريف 2023 كانت جافة في أغلب المحافظات التونسية"، لافتا إلى أنه "باستثناء بعض الأمطار التي تهاطلت على عدد من المناطق في الساحل فإن نهاية فصل الصيف اتسمت بارتفاع في درجات الحرارة".

وأوضح أن "تونس تعاني تأثيرات التغيرات المناخية التي يعتبر حوض البحر الأبيض المتوسط أبرز المتضررين منها".

وكانت أرقام المعهد الوطني للرصد الجوي قد أشارت إلى أن إجمالي كميات الأمطار المسجلة خلال أغسطس/آب الماضي بلغت 181.8 مليمتر في كامل البلاد، متراجعة عن المعدل الطبيعي الذي يبلغ 320.9 مليمتر. 

وأعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مطلع الشهر الجاري "التمديد في القرار المتعلق باعتماد نظام الحصص الظرفي للمياه والتحجير الوقتي لبعض استعمالاتها وذلك إلى غاية إشعار أخر".

وفسّرت هذه الخطوة بـ"تواتر سنوات الجفاف وضعف الإيرادات بالسدود مما انعكس سلبا على مخزونها المائي الذي بلغ مستوى غير مسبوق إضافة إلى التأثيرات السلبية على تغذية الموائد المائية الجوفية وتدني مستوى منسوبها".

ويحجر القرار "استعمال المياه الصالحة للشرب الموزعة عبر شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه سواء للأغراض الفلاحية أو لري المساحات الخضراء أو لتنظيف الشوارع والأماكن العامة أو لغسل السيارات".

وينص على "اعتماد نظام حصص ظرفي للتزود بالمياه الصالحة للشرب الموزعة عبر شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لكافة المستعملين" وأوضحت الوزارة أن مخالفي القرار سيتعرضون لعقوبات.

وبلغت نسبة امتلاء السدود التونسية خلال يوليو/تموز الماضي 36.1 في المئة فيما قدّر المخزون الإجمالي للمنشآت المائية بـ837.7 مليون متر مكعب مقابل 976.5 مليون خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وضبطت السلطات التونسية برنامجا استثنائيا لتوفير حوالي 700 ألف قنطار من بذور الحبوب خلال الموسم الفلاحي الجديد منها 200 ألف قنطار بذور ممتازة لمجابهة نقص البذور الناجم عن تراجع إنتاج العام الماضي.

وأفاد الرئيس السابق لديوان الحبوب البشير الكثيري بأن "المخزون الاحتياطي من القمح الصلب بلغ نحو 500 ألف قنطار سيتم استغلاله كبذور خلال الموسم 2024/2023".
وأقرت السلطات التونسية زيادة إستثنائية بـ10 دينارات للقنطار كمنحة تشجيعية خاصة بالموسم الماضي للحبوب المسلمة وبمراكز التجميع بالجهات.
وأشار المصدر نفسه إلى أنه "ستتم جدولة ديون المزارعين الذين تحصلوا على قروض خلال الموسم الماضي في المناطق التي صنفت مجاحة حلال موسم 2023/2022".