خطة حزب الله الصحية: ثلاث رسائل سياسية

عرض استعراضي: حزب الله لديه كادر طبي ليس عند بقية الجيوش وبالتالي تخيلوا ماذا لديه من عديد وقدرات مالية وفنية. البعد الاستعراضي في الخطة ليس خفياً.

- تحت تصنيف التصانيف الرئيسية، خاص، وجهة نظر شارك عبر فيسبوك شارك عبر تويتر “خطة حزب الله لمواجهة وباء – الـ كورونا”. الخطة التي أعلن عنها وعرض تفاصيلها رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين مساء الاربعاء، عبر محطة المنار، بدت اكثر من مجرد خطة لمواجهة الكورونا، هو بالتأكيد حرص على القول أن “كل اجراءات خطتنا تنسجم مع سياسات واجراءات وزارة الصحة وتدابير الحكومة والدولة اللبنانية” من دون ان يتضح ان كان هذا الانسجام يعبر عن تعاون او دعم من قبل وزارة الصحة لمتطلبات هذه الخطة.

أكثر من مجرد خطة، بسبب ما تضمنته من عديد وامكانيات بشرية، تتجاوز بإضعاف امكانيات وزارة الصحة نفسها، تحدث عن “كادر عدده 24500 شخص بين طبيب ومسعف وغيرهم من مقدمي الخدمات الطبية والصحية” هذا الرقم ينطوي على مبالغة، بل على رسالة، مفادها ان “حزب الله” الذي لديه هذا العديد من الكادر الطبي، فما بالكم بالكادر العسكري والأمني، في الجيوش لا يشكل الكادر الطبي الا نسبة ضئيلة من عديدها، وبالتالي تخيلوا ماذا لدى حزب الله من عديد وقدرات مالية وفنية. البعد الاستعراضي في الخطة ليس خفياً، بل شديد الوضوح، يقول صفي الدين جهزنا ٣٢ مركزا طبيا احتياطياً لمواجهة الكورونا.

 ماذا عن المراكز العاملة هي بالضرورة أكثر من الاحتياطي! يضيف صفي الدين "قمنا بتدريب 15 الف شخص على مكافحة كورونا" ولا تتوقف الخطة عند هذا الحد، بل طالت المخيمات الفلسطينية، واكثر من ذلك، المغتربون اللبنانيون ايضا يقعون تحت دائرة الخطة التي شكل لجنة لمتابعة اوضاعهم الصحية ازاء جائحة الكورونا في دول العالم.

كل ما تقدم وسواه من مضامين خطة “حزب الله” لمواجهة وباء الكورونا، ينطوي بدرجة اساسية على جملة رسائل سياسية ومعنوية، قبل ان تكون صحية. الرسالة الأولى الى جمهوره، ان الحزب” لم يزل قويا وقادرا ومتفوقا على الجميع بما فيهم الدولة، بعد صفعات معنوية وعسكرية عدة تلقاها حزب الله منذ انتفاضة ١٧ تشرين، وتراجعه في سوريا، وتراجع قدراته المالية وعطاءاته.

الرسالة الثانية، لعموم اللبنانيين، بأن الأزمة الاقتصادية والمالية، بل الانهيار، لن يؤثر على دور ونفوذ حزب الله، بل يجعله في موقع من يستطيع ان يملأ فراغ الدولة وعجزها ليس عسكريا وامنيا فحسب، بل حتى على المستوى الطبي والاغاثي، اذ لم يفت السيد صفي الدين ان يقول ان جمعية الامداد التابعة لحزب الله تعيل ثمانية عشر الف عائلة.

الرسالة الثالثة والأهم، هي تعويضية والتفافية على كل الاسئلة التي احاطت بموقف “حزب الله” الفعلي من الدور الاميركي، او انقلابه على موقفه من مسألة تعاون لبنان مع صندوق النقد الدولي من الرفض الى القبول وربما الاستجداء لاحقا، والاتصال الاخير الذي اجراه قبل يومين، وزير المالية غازي وزنة طلبا للمساعدة من الصندوق، هو البداية. ولا ينتهي الأمر عند فضيحة اطلاق الفاخوري، التي لم يستطع حزب الله ان يقنع جمهوره انه لم يكن شريكا فيها.

الرسائل الثلاث هذه يفرضها حال انكفاء فرص الاستعراض العسكري، والعجز المتمادي عن الاجابة على اسئلة الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، وعدم قدرته على رفص ما يجري من محادثات بين الحكومة وواشنطن في هذا الشأن، الى جانب التحديات التي تفرضها انتفاضة اللبنانيين المستمرة، هو في مرحلة يحتاج الى تظهير فائض قوة ما لديه على هذا الصعيد، لا سيما بعد اغتيال قاسم سليماني، فالحزب  المفتون او المسكون مرضيا بفائض القوة، يسعى  لتظهيره في ما سماها امينه العام، الحرب على الكورونا، ولكن ليس نحو التسليم بالدولة وشروطها، بل بمزيد من تظهير ان الدولة عاجزة وان الدويلة هي القادرة وهي الجديرة بالاستمرار.

نُشر في صفحة الجنوبية اللبنانية