خطة فرنسية جديدة لمكافحة الإرهاب المحلي المتحرك

النائبة العامة لباريس ونقابات القضاة الرئيسية توجه انتقادات حادة للخطة الأمنية الجديدة باعتبار أن التدابير المطبقة حاليا تسمح بتعبئة قوات ضخمة في أعقاب اعتداء والحفاظ على رؤية شاملة للمسار الكامل الممتد من الجرائم الصغيرة إلى الإرهاب.

فرنسا تعلن إنشاء نيابة عامة لقضايا الإرهاب
من ضمن التدابير مراقبة المعتقلين الخارجين من السجن
باريس تواجه تحديات أمنية في نهاية الأسبوع

لوفالوا بيريه (فرنسا) - عرضت السلطات الفرنسية الجمعة خطة جديدة لمكافحة الإرهاب تركز بصورة خاصة على التصدي لمخاطر جهادية "متحركة باتت داخلية" بمعظمها، تنص عن عدة تدابير من بينها مراقبة المعتقلين الخارجين من السجن وإنشاء نيابة عامة لقضايا الإرهاب.

وقال رئيس الوزراء إدوار فيليب في مقر المديرية العامة للأمن الداخلي بالمنطقة الباريسية إن "الإرهاب لم يعد يسير من خلايا موجودة في سوريا، فهو يتخذ وجه أشخاص، أحيانا أحداث جانحين، أو أشخاص ذوي حالات نفسية ضعيفة أو انقادوا إلى التطرف أو اعتنقوه من تلقاء أنفسهم".

وقتل 246 شخصا منذ 2015 في اعتداءات وقعت على الأراضي الفرنسية ويستعد البلد لنهاية أسبوع محاطة بتدابير أمنية مشددة مع الاحتفال بالعيد الوطني السبت ومباراة نهائي كأس العالم الأحد في روسيا بين منتخبي فرنسا وكرواتيا.

وسيتم نشر 110 آلاف عنصر من الشرطة والدرك في نهاية الأسبوع في فرنسا. وصرح وزير الداخلية جيرار كولومب خلال مؤتمر صحافي الجمعة "كل شيء يطبق لكي يتمكن الفرنسيون من عيش لحظات الاحتفال وهم يشعرون تماما بالأمان رغم إطار التهديد الذي لا يزال بمستوى عال".

وفي مواجهة خطر "مبهم ومتحرك"، أكد رئيس الوزراء على دور المديرية العامة للأمن الداخلي في قيادة مكافحة الإرهاب، موضحا أنها ستتولى من الآن فصاعدا "تنسيق عمليات" الاستخبارات والتحقيقات القضائية في فرنسا.

السلطات الفرنسية عززت مكافحة المخاطر الإرهابية، إلا أن ذلك لا يحجب نقاط قصور فعلية

ومن أهم التدابير الـ32 التي تنص عليها الخطة إنشاء "خلية محددة المهمة" لمتابعة المعتقلين الإرهابيين أو المتطرفين الخارجين من السجن وهو ما يطرح أحد أكبر تحديات مكافحة الإرهاب في وقت يتوقع فيه الإفراج عن حوالي 450 معتقلا إرهابيا أو متطرفا بحلول نهاية 2019.

كما أعلن رئيس الوزراء عن إنشاء نيابة عامة وطنية لمكافحة الإرهاب، وفق إجراء أعلنت عنه وزيرة العدل نيكول بيلوبيه في ديسمبر/كانون الأول 2017 غير أنه لم يدرج في مشروع إصلاح القضاء الذي عرض في الربيع.

ويعهد حتى الآن بقضايا مكافحة الإرهاب إلى شعبة في النيابة العامة بباريس.

وقال فيليب "نعتبر جميعا أنه بات من الضروري السماح لمدع عام بتكريس وقته بالكامل لمكافحة الإرهاب"، واعدا بأن هذه النيابة العامة "سيخصص لها فريق معزز من القضاء والموظفين".

وواجه المشروع انتقادات حادة من النائبة العامة لباريس كاترين شامبرونو ونقابات القضاة الرئيسية، باعتبار أن التدابير المطبقة حاليا تسمح بتعبئة قوات ضخمة في أعقاب اعتداء والحفاظ على رؤية شاملة للمسار الكامل الممتد من الجرائم الصغيرة إلى الإرهاب.

وكانت لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ رأت في تقرير نشر الثلاثاء أن السلطات الفرنسية عززت مكافحة المخاطر الإرهابية، لكنها أبدت مخاوفها من "نقاط قصور فعلية".

وقدم التقرير توصيات من بينها تشديد مكافحة التطرف الإسلامي والسلفية باعتبار أنهما يشكلان "خطرا" والسماح لرؤساء البلديات بالاطلاع على "سجل المدرجين أمنيا للوقاية والتطرف ذي الطابع الإرهابي"، وهو سجل يضم حوالي عشرين ألف اسم.

وحول هذا الموضوع الحساس، أعلن فيليب الجمعة أنه سيكون من الممكن تبادل "معلومات طي السرية" مع رؤساء البلديات في إطار مكافحة الإرهاب، لكنه أكد أنه لن يسمح لهؤلاء المسؤولين "بالوصول بحرية إلى الملفات"، مضيفا "من غير الوارد بالتالي أن نقول لرؤساء بلديات فرنسا أنهم سيصبحون عملاء في المديرية العامة للأمن الداخلي".

وشهدت فرنسا عام 2018 عمليات إرهابية أوقعت خمسة قتلى وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية في 23 مارس/آذار في كاركاسون وتريب (جنوب) ثم في 12 مايو/أيار في باريس.

وعملت السلطات الفرنسية الجديدة منذ تسلم مهامها قبل أكثر من عام على تشديد تدابير مكافحة الإرهاب، مع إصدار قانون موضع جدل في خريف 2017 عزز الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب.

والخطة الجديدة لمكافحة الإرهاب هي الثالثة من نوعها في الآونة الأخيرة.