خطر الإرهاب يفرض التنسيق بين الخرطوم والقاهرة

زيارة رئيس جهاز المخابرات المصري إلى السودان للتنسيق بخصوص الملفات الأمنية ومكافحة الإرهاب تساهم في عودة الدفء بعد انحياز الخرطوم إلى موقف إثيوبيا في أزمة مفاوضات سد النهضة.

القاهرة - بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأحد مع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني، تطورات ملف سد النهضة في ضوء ما انتهت إليه المفاوضات في واشنطن من اتفاق تم التوقيع عليه بالأحرف الأولي من قبل مصر فقط.

وجرت المباحثات بحضور عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية الذي زار الخرطوم الأسبوع الماضي عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها عبدالله حمدوك رئيس الحكومة السودانية، واتجهت أصابع الاتهام إلى ضلوع عناصر تنتمي إلى نظام الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في تنفيذها.

وعلى إثر الحادثة التي نجا منها حمدوك صباح الاثنين الماضي، بدا التنسيق بين القاهرة والخرطوم واضحا لمواجهة المخاطر التي تحاول تنظيمات متشددة من بينها جماعة الإخوان في السودان، بثها عبر تسريب حالة من الهلع والقيام بأنشطة إرهابية للتشويش على مسار الانتقالي في البلاد.

وساهمت زيارة رئيس جهاز المخابرات المصري إلى السودان في عودة الدفء في العلاقة بين البلدين بعد أن شهدت برودا سياسيا بسبب انحياز الخرطوم مؤخرا إلى موقف إثيوبيا في أزمة مفاوضات سد النهضة.

وكانت الولايات المتحدة قد تدخلت في أزمة سد النهضة العام الماضي بناء على مقترح من السيسي، وتوصلت الدول الثلاث برعاية أميركا وصندوق النقد إلى اتفاق عرٌف باتفاق واشنطن.

والأسبوع الماضي، تحفظت السودان على مشروع قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الذي أكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر والسودان الخاص بسد النهضة الإثيوبي باعتبارهما دولتي المصب.

وفي موقف مفاجئ أخرجها عن حيادها قالت الخارجية السودانية في بيان أن مشروع القرار من شأنه أن يقوض الحوار والمفاوضات التي تجرى حالياً برعاية الولايات المتحدة، ويُصعد الخلاف بين الدول الثلاث.

وتقدم السودان بمقترح لتعديل نص مشروع القرار، إلا أن مصر رفضت هذا المقترح الذي اعتبر أول موقف أخرج الخرطوم من رؤيتها الضبابية التي طالما أثارت تساؤولات عدة باعتبار أن الاعتراضات التي قدمتها مصر تضر بمصالحها هي الأخرى خصوصا أنهما دولتا المصب اللتان ستتأثران سلبياً بهذا السد، علاوة على أنها دولة عربية وتجمعها بمصر علاقات تاريخية.

وكانت محاولة اغتيال حمدوك فرصة لعودة المياه إلى مجاريها، حيث سارعت القاهرة في عرض مساعدتها على الجيش والحكومة في الخرطوم خصوصا في المجال الأمني والتنسيق معهما لمواجهة الإرهاب. 

وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي في بيان صحفي الأحد، أن السيسي أكد أن سياسة بلاده دائماً ما كانت سنداً ودعماً للسودان، خاصةً خلال المرحلة الانتقالية الحساسة الراهنة، آخذاً في الاعتبار المصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين.

وأشاد حميدتي بـ"المساندة المصرية الصادقة والحثيثة للحفاظ على سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف التاريخي الهام الذي يمر به"، معربا عن تقدير بلاده للدور الفاعل لمصر في المنطقة والقارة.

ووفق المتحدث، شهد اللقاء توافقا بشأن مجمل القضايا الإقليمية.

ويرى مراقبون أن زيارة حميدتي إلى القاهرة تشير إلى انسجام ونقلة نوعية في العلاقات بين البلدين سيكون التعاون المشترك في ملف مكافحة الإرهاب سببا في عودة التنسيق وانسجام المواقف مستقبلا في ملف السد الإثيوبي، خصوصا أن الجيش المصري يمتلك خبرة ومعلومات مهمة بشأن الجماعات المتطرفة في المنطقة.

وأكد السيسي خلال لقائه بحميدتي أن "سياسة مصر دائماً ما كانت سنداً ودعماً للسودان، خاصةً خلال المرحلة الانتقالية الحساسة الراهنة، مع الأخذ في الاعتبار المصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين".

وكانت مصادر أمنية سودانية قد كشفت في وقت سابق عن إلقاء القبض على 8 مصريين بينهم خبير في صناعة المتفجرات، وكانت خطة الخلية تنفيذ اغتيالات لبعض المسؤولين وقادة الأحزاب السياسية.

يذكر أن مصر أكدت أكثر مرة حرصها على دعم السلطة الانتقالية في السودان، ومساعدتها في التغلب على التحديات التي تواجهها، وهو ما ظهر في شكل زيارات متبادلة واتصالات بين مسؤولين رفيعي المستوى في البلدين.

ومن المنتظر أن تقدم القاهرة المزيد من الدعم للحكومة في الخرطوم استعدادا لبداية مرحلة جديدة ضمن مشروع مستقبلي لنشر قوات مشتركة على طول الحدود البرية الممتدة بينهما للتعامل مع أخطار الإرهاب العابر للحدود وتهريب السلاح والمخدرات.