خطوة صغيرة على القمر تابعها خُمس سكان الأرض

مهمة رائدة الفضاء نيل ارمسترونغ حظيت بتغطية إعلامية شاملة ومفصّلة مع بثّ على مدار ثمانية أيام، من تحضيرات اللحظة الأخيرة إلى الإقلاع والهبوط على القمر حتّى العودة إلى الأرض.
العالم كله تابع خطوة ارمسترونغ ما عدا الصين والاتحاد السوفياتي
المنافسة احتدمت بين القنوات التلفزيونية لتقديم اللحظات التاريخية
أرمسترونغ أصبح قبل 50 عاما أكبر نجم للبثّ التلفزيوني المباشر في التاريخ

باريس - عندما سار نيل أرمسترونغ على سطح القمر أصبح أكبر نجم للبثّ التلفزيوني المباشر في التاريخ مع تسمّر أكثر من 500 مليون شخص أمام أجهزتهم لمتابعته، بحسب الأرقام الرسمية.
فوفقا للأرقام الرسمية، تابع أكثر من 500 مليون شخص قفزته من سلالم مركبة الهبوط "إيغل" التابعة لـ"أبولو 11" على سطح القمر من خلف شاشاتهم، لكن يعتقد أن العدد الفعلي للمتابعين أكبر بكثير، بحسب ما أفادت وكالة فرانس برس وقتها.
وبحسب خبراء، يناهز هذا المجموع 700 مليون شخص، أي خُمس سكان العالم في ذاك الوقت.
وفي 20 يوليو/تموز 2019، يحتفى بمرور 50 سنة على تلفّظ أرمسترونغ بجملته الشهيرة "هي خطوة صغيرة للإنسان وقفزة عملاقة للبشرية" التي تردّد صداها في أنحاء العالم أجمع.
وشكّلت تلك اللحظة ذروة بثّ تلفزيوني مباشر على مدار 31 ساعة كان الأول من نوعه ربط فيه الاتصال بين الناسا وشبكات تلفزيونية بارزة في الولايات المتحدة.
فقد تسنّى للمشاهدين حول العالم، ما خلا في الصين والاتحاد السوفياتي، تتبّع خطوات أرمسترونغ الأولى على القمر في 21 يوليو/تموز 1969.

ابولو 11
عائلة يابانية تتابع خطوة ارمسترونغ على القمر

وتوقّفت الحياة اليومية برتابتها لمواكبة هذه اللحظات الخاصة، فقد قطع إمبراطور اليابان هيروهيتو نزهته التقليدية مع زوجته لمتابعة الحدث.
ولقيت المهمة تغطية إعلامية شاملة ومفصّلة مع بثّ على مدار ثمانية أيام، من تحضيرات اللحظة الأخيرة إلى الإقلاع والهبوط على القمر حتّى العودة إلى الأرض.
وواكب حوالى 3500 صحافي الحدث من مركز التحكّم بالمهمة في هيوستن في تكساس.
كلفة خيالية 
قال جويل بانو الذي كان وقتها مدير قناة "سي بي اس نيوز" إن نطاق الحدث بذاته كان مذهلا.
وهو صرّح لروبرت ستون في فيلمه الوثائقي "تشايسينغ ذي مون" (ملاحقة القمر) "كانت مهامي تقضي بجعل البرنامج شيّقا قدر المستطاع. وقد أنفقنا أكثر من مليون دولار على الإنتاج، وهو مبلغ خيالي لبرنامج إخباري عام 1969".
وهو أقرّ "بعض الأفكار التي أتيت بها كانت مستوحاة من أفلام خيال علمي شاهدتها في طفولتي".
واحتدمت المنافسة بين القنوات التلفزيونية لتقديم أجواء "تلائم الفضاء". ولجأت بعض المحطات إلى كتّاب مشهورين لقصص الخيال العلمي، مثل آرثر سي. كلارك وآيزك أزيموف.

ابولو 11
الخطوة التي وقف لها العالم

وخلّدت أكثر من 340 كاميرا لحظة إقلاع صاروخ "ساتورن 5" من مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا. وسجلّت كلّ لحظة من المهمة.
وكانت مركبة "إيغل" مزوّدة بكاميرا بالأبيض والأسود مثبّتة على هيكلها الخارجي بدأت بالتصوير لحظة فتح أرمسترونغ الباب، فضلا عن كاميرا تسجيل.
صور مغبّشة 
وكانت الصور مغبّشة بعض الشيء، لكن لم يبال السواد الأعظم من الناس بالأمر.
وقد شكّل الهبوط على القمر في أوجّ الحرب الباردة وفي خضّم حرب فيتنام دليلا ساطعا على تفوّق الأميركيين في مجال التكنولوجيا.
وقال شارل-أنطوان دو روفر الذي أخرج مؤخرا وثائقيا فرنسيا حول المهمة إن "أبولو 11 حظيت بتصوير هو من الأدنى نوعية لأن الرواد لم يكونوا مدرّبين وفق الأصول، إذ كان الأميركيون على عجالة من أمرهم لتخطّي الروس".
وقد تسنّى لدو روفر وزملاء كثيرين له معاينة صور وتسجيلات لم تعرض سابقا نشرتها الناسا من فترة.
وهو أخبر "لطالما أردت أن أختبر تلك الليلة من جديد، فقد كان التأثّر شديدا وقتها".
وفي تلك الفترة، بدأ التلفزيون يشهد إقبالا متناميا مع رواج الصور الملوّنة.