خطورة الأخطبوط الإخواني تفوق.. تصور الكثيرين

أخطر ما فعله الإخوان في العالم الإسلامي هو تغيير مفهوم الدين البسيط والجميل من محبة الله ومساعدة الآخرين إلى أيديولوجية.

بقلم: توفيق حميد

حين نتأمل طريقة عمل جماعة الإخوان المسلمين، وقدراتها التنفيذية يتضح لنا أننا نواجه جماعة أخطر مما نتصور ومما يدرك الكثيرون. هي جماعة منتشرة في جميع بقاع الأرض تقريبا، ولديها القدرة على التكيف والتحول لتحقيق الهدف الأساسي، أي السيطرة على العالم في دولة "الخلافة الإسلامية"، التي تؤمن بها الجماعة.

ويساعد الإخوان في تنفيذ حلمهم هذا أنهم يتحركون بصورة تدريجية، ففي مراحل حكمهم الأولى يكتفون بالدعوة والمشاركة، وبمجرد وصولهم لدرجة كافية من القوة يظهرون مبدأ "المغالبة" (بالقوة)، ثم "التمكين" أي السيطرة المطلقة على الشعوب، وذلك ببساطة يعني أنه من الصعب على البعض ـ إن لم يكن الكثيرين ـ إدراك حقيقتهم حتى مرحلة متأخرة والتي قد تكون بعد فوات الأوان.

وفي النقاط العشر التالية سأتطرق لقدرات هذه الجماعة الفكرية، وقدراتها التنفيذية والتي قد تفوق تصور الكثيرين.

  • القدرة على تغيير "شكل المجتمع": استطاع الإخوان تغيير شكل كل المجتمعات الإسلامية تقريبا، بعد دعوتهم المحمومة لحجاب النساء، فبعد أن كان من المستحيل التفرقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود أصبحت معظم النساء المسلمات محجبات، وتم إعطاء صبغة جديدة لمجتمعات ودول تفوق المليار نسمة. ولا يمكن أن ننسى هنا كيف أن المطلب الأساسي الذي طلبه مرشد الإخوان حينما قابل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان هو "تحجيب النساء"!.
  • تغير مفردات اللغة المستخدمة: لا يمكننا نسيان أن الشعب المصري على سبيل المثال تقريبا نسى الكثير من المفردات التي كان يستخدمها، واستطاع "الإخوان" استبدال هذه الكلمات المعروفة بأخريات ذات بعد إسلامي. فتم استبدال "السلام عليكم" بـدل "مساء الخير"، و"جزاك الله خيرا" بدل "شكرا"، و "لا إله إلا الله" بدلا من "سعيدا" و"باي باي"، ومما لا شك فيه أن تغير مفردات أساسية وتاريخية في المجتمع في غضون بضعة عقود فقط هي قدرة تفوق التصور.
  • تغيير الاحتفالات المجتمعية: استطاع "الإخوان" في فترة زمنية محدودة أن يجعلوا عشرات الملايين يحتفلون بـ"العقيقة" بدلا من "السبوع" (الاحتفاء بالمولود الجديد بعد أسبوع من ولادته)! وحينما ندرك أن احتفالات الشعوب هو شيء تم توارثه عبر مئات السنين (إن لم يكن لآلاف!)، وليس من السهل تغييره ندرك مدى قدرة "الإخوان" في السيطرة على عقول الناس باستخدام الدين.
  • تغيير اهتمامات الشعوب: فعلى سبيل المثال لا الحصر استطاع "الإخوان" في بضعة عقود تغيير اهتمام الكثيرين من "الثقافة" و"الموضة" و"الفن" إلى قراءة كتب الفقه والاستماع إلى أو مشاهدة برامج شيوخ التطرف. وأصبحت الكثير من المناقشات إن لم يكن أغلبها تدور حول أمور فقهية مثل "هل إظهار وجه المرأة حلال أم حرام"! و"هل السلام على المرأة ينقض الوضوء أم لا؟".
  • تغيير المفاهيم الدينية: كان من أخطر ما فعله "الإخوان" في العالم الإسلامي في العقود الماضية هو تغيير مفهوم الدين البسيط والجميل من محبة الله ومساعدة الآخرين إلى أيديولوجية تفهم الدين بحرفية تحبط العقل والضمير، وتجعل الطقوس الحركية أو أداء العبادات أهم من نقاء القلوب. فبعد أن كان الحكم على الناس بأعمالهم أصبح الحكم بهل هم ملتزمون بالحجاب وبأداء حركات الصلاة أم لا، وأصبح أداء الحج والعمرة مرات عديدة أهم من "ربك رب قلوب"، وكان هذا التغير كارثيا وجعل "الإخوان" وأعوانهم يسيطرون على المشهد الديني تماما.
  • استخدام الدين للسيطرة على المال: من العوامل الرئيسية التي ساعدت "الإخوان" على فرض سيطرتهم الفكرية والدينية في أنحاء كثيرة بالعالم قدرتهم على استخدام الدين لجمع المال، فهم من جعل الكثيرين يعرضون عن بنوك الدولة بحجة أنها "ربا"، وبالتالي يتجهون إلى بنوكهم الإسلامية لتمتلئ خزانة "الإخوان" وقادتهم بالمليارات من الدولارات مما ساعدهم على نشر فكرهم.
  • السيطرة على أوروبا: أدرك الإخوان أن السيطرة على أوروبا تكمن في السيطرة على المساجد والمراكز الإسلامية، وبالتالي السيطرة على قاعدة انتخابية إسلامية ضخمة تجعلهم قادرين على الضغط السياسي على الحكومات الغربية في أكثر من اتجاه. لم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل وصل الأمر أنهم بسطوا نفوذهم بقوة على تركيا وقطر من خلال قيادتها الموالية لهم حتى يتمكنوا من التحكم في كمية الغاز الذي يصل إلى أوروبا من هذه الدول، وبالتالي يضغطوا على الحكومات الغربية لتنفيذ أجندتهم والتي قد تمكنهم في النهاية من الهيمنة على صناعة القرار في قارة بأكملها لتخدم مصالحهم وأهدافهم.
  • محاولة السيطرة على الولايات المتحدة الأميركية: أدرك "الإخوان" أن عدد المسلمين في أميركا لن يسمح لهم باستخدام التكتيك  نفسه الذي استخدموه في أوروبا، فعدد المسلمين في الولايات المتحدة لا يتجاوز الواحد في المئة، وهنا تتجلى خطورة الإخوان وقدرتهم الفائقة على التكيف، ففي أميركا تغير الأسلوب والتكتيك إلى عقد شراكة مع الليبراليين اليساريين لاستغلال قوتهم ونفوذهم في شتى المجالات، برغم اختلافهم المطلق معهم أيديولوجيا فـ"الإخوان" يريدون "دولة الشريعة" والليبراليون يناصرون الحريات الشخصية. وهذا التناقض الصارخ لم يمنع "الإخوان" من التحالف معهم واستغلال عداوتهم للرئيس دونالد ترامب، وجهلهم بحقيقة "الإخوان المسلمين" حتى يصلوا في النهاية إلى تنفيذ مخططاتهم بإسقاط العديد من الأنظمة العربية وغيرها، واستبدالها بنظامهم الإسلامي.
  • القدرة على التعامل حتى مع الشيطان: ليس أدل على ذلك من التقارب "الإخواني" مع النظام الإيراني بالرغم من موقفهم السلبي جدا من المذهب الشيعي، والذي تجلى في تحريض قياداتهم على المصريين الشيعة مما تسبب في قتل عدد منهم، ولكن في قاموس مصالح "الإخوان"، فكل شيء يهون في سبيل السيطرة والتمكين حتى لو كان الأمر سيجعلهم يصادقون ألد أعدائهم، وقد تجلت هذه العلاقة الغريبة في أن "إيران الشيعية" كانت أول دولة تعترض بعد تركيا على اتجاه الإدارة الأميركية بتصنيف "الإخوان" كحركة إرهابية.
  • استخدام الإرهابيين لتنفيذ مخططهم: لا يحتاج الأمر إلى عبقرية لإدراك ارتباط "الإخوان" ببعض المنظمات الإرهابية، فهم الذين دعوا قاتلي الرئيس المصري الأسبق أنور السادات لحضور احتفالات حرب أكتوبر، وهم من فتح قصر الرئاسة في مصر وقت حكمهم على مصراعيه للكثير من المتطرفين الإسلاميين ودعاة الإرهاب.

من هذه النقاط يتضح لنا أنا نتعامل مع منظمة أخطبوطية تصل أذرعها لمعظم بقاع العالم، وتستخدم فهمها الديني للسيطرة على الشعوب، وهي كما رأينا أعلاه، قادرة على استخدام العديد من الوسائل لتحقيق أهدافها في السيطرة على العالم، وأقل ما يقال عنها أن خطورة "الأخطبوط الإخواني" تفوق تصور الكثيرين!

نُشر في صفحة الحرة