خطوط روسية حمراء تحول دون اقتحام ميليشيات الوفاق لسرت

تركيا تخشى توسيع روسيا لتدخلها في ليبيا لصالح الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر ما يشكل تهديدا أكبر على حكومة الوفاق المتحالفة معها.
صمود سرت يرجع إلى تدخل طائرات تقول الولايات المتحدة إنها روسية
موسكو تخطط لمضايقة حلف شمال الأطلسي من قاعدة الجفرة

طرابلس- يعكس فشل ميليشيات حكومة الوفاق ومن خلفها تركيا في السيطرة على مدينة سرت حيرة في تجاوز الخطوط الحمر الروسية التي رسمتها موسكو على الميدان، فيما تقول واشنطن أن الأخيرة تخطط لاتخاذ قاعدة الجفرة قاعدة دائمة لتواجدها في منطقة شمال إفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.
وسبق أن اتهمت واشنطن موسكو بأنها تخطط لتثبيت تواجدها عسكريا في ليبيا بسعيها للتمركز في قاعدة الجفرة على غرار ما فعلت في سوريا حين عززت انتشارها وتواجدها في قاعدة حميميم الجوية.
ورغم تضارب الآراء حول حجم الوجود العسكري الروسي في ليبيا وقوته، إلا أن أنقرة تعلم جيدا أن توسيع روسيا لتدخلها في ليبيا لصالح الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، سيشكل تهديدا أكبر على حكومة الوفاق المتحالفة معها، في وقت تزايدت فيه التكهنات بشأن ترتيب موسكو لتدخل عسكري مباشر عن طريق برلمان طبرق إذا اقتضى الأمر.
وترددت أنباء مؤخرا بشأن تقاسم تركيا وروسيا للنفوذ حيث تكون المنطقة الغربية والجنوبية من حصة أنقرة في حين تسيطر روسيا على وسط البلاد وشرقها.
ولن تسمح روسيا لتركيا بتجاوز هذا الاتفاق غير معلن، لجهة أنه يتناقض مع مصالحها في ليبيا وذلك بعد تحولات في الموقف الأميركي من الأزمة الليبية وانحيازه للإسلاميين.
ويرجع عدم تمكن القوات الحكومية اقتحام سرت الى تدخل طائرات بدون طيار داعمة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تقول الولايات المتحدة إنها روسية.
ورسمت الغارات التي شنتها طائرات مقاتلة تابعة للجيش الليبي، على مواقع للميليشيات كانت تحاول السيطرة على سرت الأسبوع الماضي، خطوطا حمرا لتمدد تركيا ومن خلفها حكومة الوفاق الواجهة السياسية للإسلاميين. ومن المرجح أن تكون تلك المقاتلات هي تلك التي اتهمت واشنطن موسكو بإرسالها لدعم الجيش.
وتتهم واشنطن موسكو بدفع 14 طائرة من نوع ميغ 29 وسوخوي 24، إلى قاعدة الجفرة الجوية و ذلك لأول مرة منذ إطلاق حفتر عملية الكرامة في 2014 .
و ينفي تصدي الجيش الليبي للهجوم الذي شنته ميليشيات مصراتة على مدينة سرت بدعم من المرتزقة السوريين وإشراف تركي، ما تواتر من أنباء بشأن تخلي حلفائه عنه وفي مقدمتهم روسيا.
ويقول خبراء عسكريون أنه لا يمكن لميليشيات الوفاق السيطرة على سرت قبل تنصيب مظلة للصواريخ المضادة للطيران تمتد إلى ما بعد سرت، تسمح للمشاة بالتقدم تحتها، تسبقهم قذائف المدفعية الثقيلة طويلة المدى لتسهيل مهمتهم.
ويتوقع هؤلاء أن تشهد المرحلة المقبلة تنافسا حول من يهيمن على سماء سرت، والذي ينتصر فيها سيحسم المعركة على الأرض، في وقت يتفوق فيه سلاح الجو الروسي على سلاح الجو التركي الذي تقدمت بواسطته الميليشيات على جبهات القتال الغربية.
وفشلت أنقرة في استمالة موسكو من أجل السماح لها بالتقدم نحو مدن الشرق عبر تقديم ضمانات، إذ أنها تعي جيدة أن أي مغامرة غير محسوبة في سرت تشرع لتوسيع روسيا تدخلها في ليبيا وهو ما يعقد الأمور أكثر.

تركيا مصرة على دعم ميليشيات الوفاق في هجومها على سرت
تركيا مصرة على دعم ميليشيات الوفاق في هجومها على سرت

وتكمن أهمية مدينة سرت الاستراتيجية في أنها تقع شمال قاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس)، ولا تفصلها عنها سوى طريق مفتوحة لا تتجاوز 300 كلم، وهي مسافة ليست طويلة جدا بمعايير الصحراء.
ويتيح تمكن روسيا من ضمان عدم سقوط سرت لها مستقبلا قاعدة بحرية بسرت لمواجهة حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جنوب البحر المتوسط، ردا على تهديدات الدرع الصاروخية للناتو بالقرب من حدودها الغربية.
ونقل أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي، عن مسؤولين روس عقب زيارته لموسكو، مؤخرا قولهم إن “سرت خط أحمر”، ما أشعل غضبا واسعا في المنطقة الغربية.
وفشلت زيارة معيتيق في اقناع موسكو بأن حكومة الوفاق لا تشكل خطرا على مصالحها في ليبيا على الرغم من تقديمه إغراءات بعقد اتفاقيات اقتصادية مقابل التخلي عن هدف إقامة قاعدة روسية في وسط أو شرق ليبيا.
وتحاول ميليشيات حكومة الوفاق ومن خلفها تركيا السيطرة على سرت ما يجعل الطريق أمامها مفتوحا للسيطرة على الهلال النفطي، الذي يمثل أكثر من 60 بالمئة من صادرات ليبيا النفطية، إذ لا يبعد أقرب ميناء نفطي (السدرة) عنها سوى 150 كلم.
وتعد السيطرة على ثروات ليبيا النفطية أحد أبرز أركان دعم تركيا لحكومة الوفاق.
وتعرضت المنشآت النفطية لعدة هجمات وأعمال تخريبية، ولكن في منتصف شهر فبراير أغلقت قبائل في المنطقة الشرقية والوسطى الحقول والموانئ النفطية متهمة حكومة الوفاق بإهدار ثروات الشعب على الحروب وجلب المقاتلين الأجانب.
ويتمسك شيوخ القبائل بقرار غلق الموانئ النفطية إلى حين تشكيل حكومة موحدة قادرة على حماية مقدرات الليبيين من عبث الاسلاميين الذي يحتكرون التصرف في الثورة من طرابلس في الغرب رغم أن الثروات تتركز في شرق وجنوب البلاد.