خلافات اللحظة الأخيرة تضع الحوار الليبي على طريق الانهيار

خلافات جديدة بين كافة أطراف الحوار الليبي تظهر فجأة عند وصول المحادثات إلى مناقشة آليات اختيار الحكومة الجديدة، بينما تقف الأمم المتحدة حتى الآن عاجزة عن إقناع الأطراف السياسية بحل توافقي.
مصير الحوار السياسي صار مهددا أكثر من أي وقت مضى
أطراف سياسية تتحدث عن رشى لتزكية مرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة
الأمم المتحدة ستحقق في مزاعم رشوة حدثت أثناء الجلسات الأخيرة في تونس

طرابلس - لا تزال خلافات عميقة تعيق مسار الحوار في ليبيا الذي يفترض أن يقود إلى تشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات مقررة في ختام العام المقبل وذلك رغم بعض الانفراجات في مسار الأزمة من ضمنها وقف اطلاق النار.

وتوافق الأطراف الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي انعقدت أولى جولاته في تونس في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني على تحديد موعد الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وجاءت هذه التطورات عقب استعادة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة السيطرة على غرب ليبيا بالكامل بعد معارك استمرت لأكثر من عام مع قوات موالية للمشير خليفة حفتر، رجل شرق ليبيا القوي وانتهت مطلع يونيو/حزيران بانسحاب الأخيرة باتجاه مدينة سرت بعد تدخل تركي دعما لميليشيات متشددة موالية للوفاق.

وكانت الجهود الدبلوماسية نجحت في وقف الأعمال العسكرية وتوجّت في نهاية أكتوبر/تشرين الأول بتوقيع اللجنة العسكرية الليبية (5+5) برعاية أممية في جنيف اتفاقا لوقف إطلاق النار بشكل دائم في عموم البلاد، لا يزال صامدا دون تسجيل خروقات.

إلا أن خلافات شهدتها جلسات الجولة الثانية من ملتقى الحوار وقد انعقدت عبر تقنية الفيديو، حول آليات اختيار الحكومة الجديدة من دون التوصل إلى مقترحات توافقية، ما طرح تساؤلات حول مصير الحوار السياسي.

ويقول المحلل السياسي الليبي ميلود الحاج إنّ التأخر في التوافق حول السلطة التنفيذية الجديدة يعني أن مصير الحوار برمته سيظل "مجهولا" و"غامضا".

وأوضح "تمكنت الأمم المتحدة بدعم من الدول الكبرى من تسريع وتيرة المفاوضات الليبية وضغطت على جميع الأطراف سواء على مستوى المسار العسكري أو السياسي، ما قلّص حجم الهوة بين الأطراف المتنازعة وجعل فرص التسوية النهائية ممكنة شرط التنازل وعدم التشبث بمواقف أحادية".

في ما يتعلق بمزاعم الرشوة، أحيلت هذه التقارير إلى فريق الخبراء الأممي بالنظر إلى أن مثل هذه الأنشطة إذا ثبت حدوثها يمكن أن تشكل إعاقة للعملية السياسية وتخضع لعقوبات

وأضاف "عند وصول الحوار إلى مناقشة آليات اختيار الحكومة الجديدة، ظهرت الخلافات وبشكل واضح بين كافة الأطراف وتحولت الأمم المتحدة إلى موقف المتفرج العاجز حتى الآن عن إقناع الأطراف السياسية بحل توافقي".

وختم بالقول "إنّ الكرة الآن في ملعب السياسيين لإظهار جدية استعدادهم لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل إنهاء الانقسام".

وطالبت الأمم المتحدة في الاجتماع الثالث ضمن الجولة الثانية لملتقى الحوار الليبي، كافة الأطراف بالمضي قدما في المفاوضات.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز في افتتاح الاجتماع الأربعاء "رجائي منكم خلال المناقشات المضي قدما. أقولها وأكررها، إنّ الوقت ليس في صالحكم".

وترى أستاذة القانون الليبية إيمان جلال أنّ مصير الحوار السياسي صار مهددا أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل مزاعم أطراف سياسية حول تقديم رشى بهدف تزكية مرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.

وأوضحت جلال أنّ "الأمم المتحدة أقرّت بوجود فساد محتمل طال الحوار وهو أمر يحتمل جزءا كبيرا من الحقيقة وبالتالي إنّ مثل هذه الأفعال تضرّ بمستقبل الحوار".

وكانت ستيفاني وليامز أكدت أن الأمم المتحدة ستنظر وتحقق في مزاعم "رشوة" يزعم وقوعها أثناء الجلسات الأخيرة في تونس.

وقالت "في ما يتعلق بمزاعم الرشوة، أحيلت هذه التقارير إلى فريق الخبراء الأممي بالنظر إلى أن مثل هذه الأنشطة إذا ثبت حدوثها، يمكن أن تشكل إعاقة للعملية السياسية وتخضع لعقوبات".

وحول الحلول الممكنة لتجاوز الخلاف، قالت إيمان جلال "قد يكون خيار استمرار حكومة الوفاق حتى موعد الانتخابات المقبلة أفضل الخيارات الممكنة لتجاوز خلاف السياسيين بشأن اختيار حكومة جديدة".

وكان نحو مئة نائب بالبرلمان الليبي شاركوا نهاية الشهر الماضي في لقاء استشاري في مدينة طنجة المغربية. واتفقوا على عقد جلسة رسمية مكتملة النصاب للبرلمان، للمرة الأولى منذ عامين، في مدينة غدامس بليبيا.

وسبق اجتماع طنجة جولة مفاوضات في بوزينقة المغربية حيث توافق مسؤولون في مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، على اختيار مسؤولي المناصب العليا على غرار مؤسسة النفط الوطنية والبنك المركزي وديوان المحاسبة الحكومي.