خلاف الترحيل يقود واشنطن إلى تجميد تأشيرات جنوب السودان
واشنطن - أعلنت الولايات المتحدة في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، السبت، عن إلغاء جميع التأشيرات الممنوحة لمواطني جنوب السودان، وهو قرار وصفته إدارة الرئيس ترامب بأنه رد على رفض الدولة الأفريقية استعادة مواطنيها المستهدفين بالترحيل.
ويعد هذا الإجراء الأول من نوعه الذي تتخذه الولايات المتحدة ضد جميع مواطني دولة أجنبية منذ عودة ترامب إلى السلطة وتطبيق سياساته الصارمة لمكافحة الهجرة.
وأوضح وزير الخارجية ماركو روبيو، في بيان أعلن فيه القرار، أن "وزارة الخارجية الأميركية، بمفعول فوري، تلغي كل التأشيرات الممنوحة لحاملي التأشيرات من جنوب السودان".
وأضاف أن "حان الوقت كي تتوقف الحكومة الانتقالية في جنوب السودان عن استغلال الولايات المتحدة"، مؤكدًا على أن "تطبيق قوانين الهجرة في بلدنا أمر بالغ الأهمية للأمن القومي والسلامة العامة للولايات المتحدة".
وشدد روبيو على مبدأ "وجوب قبول كل دولة استعادة مواطنيها فورا عندما تريد دولة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، ترحيلهم"، مشيرًا إلى أن واشنطن ستتوقف أيضًا عن إصدار تأشيرات جديدة لمواطني جنوب السودان، مع استعدادها لمراجعة هذه السياسة حال أبدت جوبا تعاونًا كاملاً في هذا الشأن.
ويأتي هذا القرار في سياق تشدد إدارة ترامب في تطبيق قوانين الهجرة والضغط على الدول التي ترفض استقبال مواطنيها المرحلين من الولايات المتحدة، حيث سبق وأن حذرت الإدارة من عواقب وخيمة قد تشمل عقوبات تتعلق بالتأشيرات أو فرض رسوم جمركية.
وخلال فترة ولايته السابقة، وقّع ترامب عام 2017 أمرا تنفيذيا يحظر دخول مواطني دول عدة ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة.
واستُهدفت بذلك الأمر كل من ليبيا والسودان وسوريا والعراق وإيران واليمن والصومال. وكان جنوب السودان، البلد ذو الغالبية المسيحية، قد استُثني في ذلك الوقت من هذا الإجراء.
إلا أن القرار الحالي يستهدف دولة تعاني بالفعل من أوضاع إنسانية واقتصادية صعبة، حيث احتلت جنوب السودان في عام 2022 المرتبة ما قبل الأخيرة في مؤشر التنمية البشرية العالمي للأمم المتحدة.
ويأتي هذا القرار في وقت يواجه جنوب السودان خطر الانزلاق مجددا نحو حرب أهلية، حسبما حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة الشهر الماضي.
ونالت دولة جنوب السودان استقلالها عن السودان في 2011 لكنها ظلت تعاني الفقر وانعدام الأمن بعد اتفاق السلام عام 2018.
وشهد جنوب السودان حربا أهلية خلفت ما يقرب من 400 ألف قتيل و4 ملايين نازح بين عامي 2013 و2018، عندما تم توقيع اتفاق السلام.
وفي هذا السياق، كان مواطنو جنوب السودان يتمتعون حتى الآن بوضع الحماية الموقتة (تي بي اس) على الأراضي الأميركية.
ومن غير الواضح حتى الآن رد فعل حكومة جنوب السودان على هذا القرار غير المسبوق. ولم ترد سفارة جنوب السودان في واشنطن على طلب للتعليق.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي هذا الإجراء إلى مزيد من العزلة الدولية لدولة تعاني بالفعل من هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية.
كما يثير القرار تساؤلات حول مصير المواطنين الجنوب سودانيين الموجودين حاليًا في الولايات المتحدة بتأشيرات تم إلغاؤها، وما إذا كانوا سيواجهون إجراءات ترحيل قسرية في ظل رفض بلادهم استقبالهم.
وقبل أيام من هذا الإعلان، وصل وسطاء من الاتحاد الأفريقي إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، لإجراء محادثات تهدف إلى تجنب حرب أهلية جديدة في البلاد، وذلك بعد وضع النائب الأول للرئيس سلفا كير ومنافسه القديم ريك مشار قيد الإقامة الجبرية.
وتتهم حكومة جنوب السودان مشار بمحاولة إثارة تمرد جديد بعد سنوات من الحرب الأهلية الدامية التي شهدتها البلاد.
وجاء اعتقال مشار بعد قتال استمر لأسابيع في ولاية أعالي النيل الشمالية بين الجيش وميليشيا الجيش الأبيض العرقية. وكانت قوات مشار متحالفة مع ميليشيا الجيش الأبيض خلال الحرب الأهلية لكنها تنفي.
وفي هذا السياق المضطرب، يضيف قرار الولايات المتحدة بإلغاء التأشيرات طبقة أخرى من التعقيد على مستقبل جنوب السودان وعلاقاته الدولية.