خلايا سرية للإخوان لتخريب الديمقراطية في ألمانيا

جماعات تكفيرية في أوروبا، تستفيد من القوانين التي تقوم على حماية الحريات، لبناء شبكة واسعة ومعقدة بعضها متورط في تجنيد وتسفير متشددين للقتال في بؤر التوتر.
الإسلاميون يساريون في الخارج يمينيون متطرفون في بلدانهم
الإخوان يتدخلون في الحياة العامة تحت ستار الديمقراطية
خبراء ألمان يحذرون: الإخوان أخطر من إرهابيي داعش

برلين/لندن - سلط تقرير ألماني الضوء على أنشطة مشبوهة لخلايا سرية قال إنها لإسلاميين تعمل على تخريب الديمقراطية وتفكيك النسيج الاجتماعي، مشيرا إلى أنهم عناصرها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في عدد من الدول العربية والخليجية والتي تتلقى تمويلات تركية وقطرية.

وكشف تلفزيون 'بي أر' (ولاية بافاريا الألمانية) في تقريره عن أنشطة وتحركات يقوم بها الإخوان من خلال "خلايا تعمل على تدمير الديمقراطية"، تعمل سرّا، محذرا من أن هذا التنظيم قد يكون يشكل خطرا على أمن البلاد ونسيجها المجتمعي أكثر من ذلك الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وبحسب المصدر ذاته لا توجد انتماءات معلنة لتنظيم الإخوان في ألمانيا، إلا أن خبراء في الدستور حذّروا من أنشطة غير معلنة لهذا التنظيم، مشيرين إلى استقطابه المزيد من الأتباع وتشكيل خلايا سرّية.

واستفاد الإخوان وجماعات متشددة تتبنى الفكر التكفيري في دول أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا من القوانين التي تقوم على حماية الحريات بما في ذلك حرّية المعتقد، لبناء شبكة واسعة ومعقدة بعضها متورط في تجنيد وتسفير متشددين للقتال في بؤر التوتر مثل سوريا والعراق.

ولم تعد مثل تلك الأنشطة خافية على الحكومات الغربية وقد عملت على كبح دعايتها عبر منصات التواصل الاجتماعي والمنتديات التي تروج للتطرف، إلا أن تلك الإجراءات لم تكن كافية ولم توقف تلك الأنشطة بسبب ثغرات قانونية.

والإسلاميون عموما يساريون في الخارج يمينيون متطرفون في بلدانهم بالنظر لبيئة الحرية في الغرب وما توفره من امتيازات مالية واجتماعية، وهي من المعضلات التي تواجهها حكومات بدأت بمراجعة قانون مكافحة الإرهاب لديها.    

لتنظيم الإخوان في الغرب عشرات الفروع والجمعيات وهي منافذ ينشط من خلالها
لتنظيم الإخوان في الغرب عشرات الفروع والجمعيات وهي منافذ ينشط من خلالها

وحذّر الخبراء من أن تنظيم الإخوان المسلمين "يحاول التسلل إلى المجتمعات الغربية وإنشاء دول إسلامية"، معتبرين أن أنشطته قد تكون أخطر بكثير من تلك التي يمارسها عناصر تنظيم داعش الإرهابي، فأتباع الإخوان أو خلاياهم السرية باتوا "يتدخلون في الحياة العامة تحت ستار الديمقراطية".

ونقلت محطة 'إس دبليو آر' عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور وهو بمثابة وكالة أمن محلية في ألمانيا، قوله إن 'هناك الآن أكثر من ألف تابع للإخوان في ألمانيا"، مشيرا إلى أن هذا الرقم في مسار تصاعدي بشكل واضح.

وأوضح المكتب الاتحادي أنه من يصعب تحديد الإمكانيات الدقيقة للإخوان في ألمانيا بسبب "مقاربتهم السرية"، في الوقت الذي بات للتنظيم مؤسسات دينية ومساجد وجمعيات ينشطون من خلالها.

وبحسب المصدر ذاته فإن التنظيم بات يعتمد على خلايا سرية تعرف باسم 'خلايا الأسرة' في أوروبا الغربية وقد شكّلها ضمن خطة تؤمن روابط إقليمية بين مكوناته وعناصره لضمان تماسكه واستقطاب المزيد من الأنصار.

وتؤكد الأجهزة الأمنية الألمانية، بحسب تقرير 'بي ار' والمكتب الاتحادي لحماية الدستور في ولاية شمال الراين وستفاليا، أن التنظيم يستخدم هذه الخلايا في ألمانيا لتدريب الأعضاء الجدد الذين يتم استقطابهم.

وذكّر المكتب الاتحادي لحماية الدستور بسجل الإخوان في العمل السرّي، موضحا أن اقتحامهم المجالات السياسية بعقيدة تتعارض مع الدولة المدنية وبحكم شمولي لا تراعى فيه سيادة الشعب ولا مبادئ الحرية والمساواة.

وهذه تقريبا المرة الأولى التي يكشف فيها بشكل علني ومباشر عن أنشطة الاخوان في ألمانيا، إلا أن التنظيم الذي استفاد بشكل كبير من القوانين الغربية ومن غطاء المظلومية الذي ينشط تحته في الخارج.

وتكمن أهمية التقرير الألماني في كونه دق ناقوس الخطر ليوقظ التردد الأوروبي في التعامل مع التنظيم الدولي للاخوان الذي أسس في الغرب عشرات الفروع والجمعيات وهي منافذ ينشط من خلالها سرا وعلانية.

وكان يعتقد أن بريطانيا التي ارتبط اسمها منذ مطلع القرن الماضي بالجماعة المصنفة بفروعها إرهابية في دول المنشأ والتي تبنت العنف نهجا للتمكين وكانت (بريطانيا) راعية وممولة لعقود للتنظيم ضمن تحالف المصلحة، ستراجع تلك العلاقة لكن إلى اليوم لايزال التنظيم ينشط بحرية وتتحرك جمعياته وخلاياه في نطاق جغرافي أوسع.

وسبق لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون أن أعلن في 2014 خلال حكمه عن خطة لمراجعة أفكار ونشاطات جماعة الإخوان تمهيدا لاحتمال إدراجها على لائحة الإرهاب، لكن قيادات وهيئات اخوانية لاتزال تحظى إلى الآن بالرعاية والحماية وتستفيد من الإقامة والدعم المالي.

وفي عهد كاميرون الذي خلفته تيريزا ماي وكلاهما من حزب المحافظين، لم يتغير شيء في السياسة البريطانية بما يشمل مراجعة العلاقة مع الإخوان، فيما يبدو رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون (من المحافظين أيضا) غارقا في مشاكل أخرى بسبب بريكست ولم تتضح بعد سياسته تجاه الإخوان وأنشطتهم المشبوهة.