خليفة البغدادي تركماني عراقي مغمور موغل في الوحشية

زعيم داعش الجديد يعمل على إعادة إحياء التنظيم، مستفيدا من بداية تراجع الالتزام الأميركي في المنطقة وانخراط القوات التي تنشرها أجهزة الدولة العراقية في مكافحة كورونا.
المولى يلقب بالقرشي والمدمر والبروفسور
أمير داعش الجديد يعتبر مهندس المجازر بحق الأقلية الأيزيدية
القرشي مدرج على القائمة الأميركية لأكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم

باريس - يشار إلى الزعيم الجديد لتنظيم الدولة الإسلامية بألقاب عدة منها "البروفسور" أو "المدمر"، في ظل ما ينسب له من مسؤولية عن المجزرة الوحشية بحق الأقلية الأيزيدية في شمال العراق، لكنه في الواقع غير معروف على نطاق واسع.

واسم خليفة أبوبكر البغدادي أمير محمد سعيد عبدالرحمن المولى ويحمل عدة أسماء مستعارة، إذ يقدمه تنظيم الدولة الإسلامية على أنه "الأمير" أبوإبراهيم الهاشمي القرشي الساعي إلى ترسيخ سلطته من خلال إعادة بناء تنظيم لا يزال قادرا على التحرك رغم خسارته المساحات التي كان يسيطر عليها.

ونصب المولى في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019 من قبل قيادة تنظيم الدولة الإسلامية خلفا للبغدادي الذي قتل في هجوم أميركي، لكن لم تؤكد المخابرات العراقية والأميركية رسميا من يكون إلا بعد أشهر عدة.

ويبدو أن المسار الذي أوصل هذا الرجل ذو الأصول التركمانية والمولود على الأرجح في العام 1976، إلى سدة القيادة، غير واضح داخل تنظيم كان جميع قيادييه السابقين من العرب ومن نسب هاشمي قرشي فعلي، فلم يكن اسمهم لقبا للتغطية على أصوله.

وقد دفع هذا الأمر الأمم المتحدة إلى الإشارة في تقرير صادر في يناير/كانون الثاني 2020، إلى أنه "خيار مؤقت، إلى حين إيجاد التنظيم أميرا يتحلى بشرعية أكبر".

وفي الرابع والعشرين من مارس/آذار الماضي، حددت وزارة الخارجية الأميركية رسميا المولى الملقب بالقرشي كزعيم جديد لتنظيم الدولة الإسلامية وأدرجته على قائمة أكثر "الإرهابيين" المطلوبين في العالم.

وانضم هذا الضابط السابق في جيش صدام حسين وهو خريج العلوم الإسلامية من جامعة الموصل إلى صفوف تنظيم القاعدة بعيد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، بحسب مركز 'مشروع مكافحة التطرف' البحثي.

وسُجن المولى في العام 2004 في سجن بوكا الأميركي الذي كان يعتبر أرضا خصبة للفكر التكفيري وهناك التقى بالبغدادي.

وبعدما أطلق سراحه لأسباب غير معروفة، انضم إلى زميله في السجن الذي سيطر في العام 2010 على الفرع العراقي لتنظيم القاعدة قبل إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ثم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وبحسب مركز الأبحاث نفسه، فإن "المولى صعد سريعا إلى الصفوف القيادية في التنظيم وكان يلقب بـ'البروفيسور' و'المدمر'" واكتسب سمعة الرجل المتوحش لا سيما من خلال القضاء على خصوم الأمير داخل تنظيم الدولة الإسلامية.

وشهد مسقط رأسه في تلعفر التي تبعد نحو 70 كيلومترا عن الموصل كبرى مدن محافظة نينوى بشمال العراق، طفرة في مصانع المتفجرات وغرف التخطيط لشن هجمات.

ولفت مؤخرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس والمتخصص في شؤون الجهاديين جان بيار فيليو إلى أنه "إضافة إلى مسؤولياته ضمن ذاك الإطار الإرهابي الجماعي، لعب أبوعمر التركماني دورا كبيرا في حملة تصفية الأقلية الأيزيدية من خلال المجازر والتهجير والسبي".

ويعمل المولى اليوم على إعادة إحياء تنظيم موهن مقارنة بـ"العصر الذهبي للخلافة" (2014-2019)، لكنه يستفيد من بداية تراجع الالتزام الأميركي في المنطقة وانخراط القوات التي تنشرها أجهزة الدولة العراقية في مكافحة وباء كوفيد-19.

وخلال الأشهر الأخيرة في سوريا، شن تنظيم الدولة الإسلامية في المعدل هجوما واحدا كل ثلاثة أيام، وفقا لـ"مركز السياسة الدولية" الأميركي.

وكان هشام الهاشمي أحد أفضل الخبراء في شؤون تنظيم الدولة الإسلامية والذي اغتيل في بغداد مؤخرا، قدّر دخل التنظيم الشهري في العراق بسبعة ملايين دولار، موزعة بين الاستثمارات والضرائب المختلفة.

وأكد المحلل والصحافي السوري عبدالله الغدوي في الملف المنشور عن المركز نفسه أنه "على الرغم من الخسائر الجسيمة التي لحقت بالأراضي والأفراد، فإن داعش يبقى قادرا على حل المشاكل المالية ومبتكرا وفتاكا ويملك ما يكفي من الثقة لتهديد أولئك الذين ينتهكون مبادئه".

ومن الآن فصاعدا سيضطر المولى إلى تطوير أنشطة التنظيم على المستويين المحلي والدولي بحسب ما يقول سيث جونز المتخصص بشؤون الإرهاب في مركز الدراسات الإستراتيجية في واشنطن.

وقال إن لدى التنظيم "إستراتيجية قصيرة وطويلة المدى على حد سواء وسيعمل على تنفيذها".

وقد يعزز التنظيم سطوته من خلال ضربة كبيرة على غرار هجمات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، "لكن هيكل العمليات الخارجية لداعش قد تأثر بشدة"، وفق جونز الذي يرجح أن يلجأ إلى الهجمات الانتهازية التي ينفذها مؤيدون للتنظيم من دون تنسيق مركزي وهي "أقل تدميرا بشكل عام" وتعرف بهجمات الذئاب المنفردة.

وأضاف جونز "إذا نجح المولى بإعادة بناء خلافة وإذا سحبت الولايات المتحدة قواتها وإذا كان قادرا على التوسع في بلدان أخرى، فسيعمل لفترة طويلة ويخفف من القلق حيال أصوله التركمانية".