خيول «مقعد» التونسية النادرة مهددة بالانقراض

يتهدد الانقراض خيول "مقعد" الصغيرة التي تعيش في جبال منطقة مقعد بجبال خمير (شمال غرب تونس) ولا يحول دون زوالها الا بعض المربين المتيمين الذين بدأ عزمهم يفل واخذت مواردهم تقل.
ويعود اصل خيول مقعد التي كان عددها كبيرا بين قبائل الرعاة الذين يعيشون متحصنين في الجبال، الى الجواد البربري الذي تكثر تربيته في المناطق الوعرة من جبال خمير.
ومع مرور الايام طارت شهرة هذا الحصان الصغير الحجم ذي القوائم القوية الثابتة بسبب مهارته في تسلق الجبال وقوة بنيته وذكائه وشجاعته.
وكادت هذه الفصيلة من الخيول ان تنقرض اثر الحرب العالمية الثانية وادت عمليات تصدير وتهجين وذبح خيول مقعد الى تضاؤل عددها اذ لم يعد عديد الاصيل منها يزيد عن 200 حصان على كامل الاراضي التونسية.
وتمثل هذه "الفصيلة الاصلية الفريدة" بحسب الدراسات الحديثة للمدرسة العليا للطب البيطري بسيدي ثابت (شمال العاصمة) "ارثا جينيا نادرا".
وفي مدينة بئر مشارقة على بعد 40 كلم من العاصمة ووسط فسحة تحيط بها التلال يجهد مربي متيم في اعادة احياء خيول مقعد. وبذل محسن الدنقزلي كل جهده من اجل تحويل مزرعة قديمة الى سفينة نوح لثلاثين من هذه الخيول النادرة.
ويهمس هذا الرجل بكلمات رقيقة في آذان خيوله ويجهد يوميا في حمايتها والعناية بها صحيا وتغذيتها وهو حمل اصبح ثقيلا على حد قوله بسبب توالي سني الجفاف والقحط.
ويطمح الدنقزلي ليس فقط الى انقاذ خيول مقعد بل ايضا الى تجويد سلالتها ويحلم باعادة تأهيل هذه الفصيلة المجهولة تماما لدى التونسيين.
وقال "اريد ان تعود لخيول مقعد عزتها". ووصف هذا الحصان الصغير بأنه "ممتاز للاستعمال التقليدي في الزراعة ونافع جدا في الجبال ولكن ايضا في رياضة الفروسية والترفيه البيئي".
ويكرر على اسماع زوار اسطبله "لن ادع اي امكانية مهما كانت ضئيلة لاي كان لتصدير خيول مقعد او اقتيادها الى المسالخ".
وينصح بخيول مقعد النشطة والوديعة لتدريب راكبي الخيول المستجدين وللعب الاطفال وذلك بسبب صغر حجمها وقلة ارتفاعها عن الارض وما تتيحه من تماسك جيد على صهوتها. كما انه يعتبر جيدا لجر العربات الصغيرة ولرياضة البولو.
وتعود اولى عمليات توصيف هذا الحصان الى سنة 1903 في عهد الاحتلال الفرنسي لتونس. فحصان مقعد يجب الا يزيد ارتفاعه عن متر و30 سم ويمتلك عنقا قويا ومثبتا بشكل جيد وذيلا وقوائم متوازنة. ويغلب عليه اللونين الرمادي والاشقر في قبائل عمدون ونفزة وهو كميت (اسمر مع حمرة) لدى هديل ومقعد.
ويفخر الدنقزلي بامتلاكه الحصان "كامرون" ذي اللون الاسود بين خيوله.
ويقدم لزواره "ادوارد" و"فرات" "والرايس" بسبب شخصياتهم الودودة ومشيتهم الانيقة. ويجوب المربون جبال خمير واسواق القرى بحثا عن الدرة النادرة: احد خيول مقعد الاصيلة او حيوان يمكن بعد تهجينه استعادة "الاصل".
ويشعر الدنقزلي بانه يحارب طواحين الريح لايجاد الاموال الضرورية والحفاظ على تطوير حيواناته.
واكد "ان خيول مقعد ليس لها مكان في ابواب ميزانية وزارة الفلاحة ولا تثير الكثير من الاهتمام في وزارة البيئة".
ويصطدم مشروع هذا المربي الذي تم منحه جائزة في صالون الزراعة الاخير منذ سنوات بروتين التعقيدات الادارية. ويتمثل المشروع في اقامة "مشروع نموذجي" في مجال سياحة الفروسية في منطقة الوطن القبلي الكثيرة الشعاب والاودية شرق العاصمة.
ويرى طراد بن غبران الذي يهتم ايضا بخيول مقعد ان رياضة الفروسية وتزايد نوادي خيول مقعد تمثلان "طوق النجاة الوحيد". اذ لا يكفي دعم الدولة وجهود المؤسسة الوطنية لتحسين سلالات الخيول في هذا المجال.
واكد "ان ما ينبغي احياؤه هو ثقافة وحب الجواد" التي تغيب بين المربين الخمسة عشر للخيول في تونس داعيا الى اقامة جمعية للحفاظ على خيول مقعد.