داعش أكبر مستفيد من اتفاق السلام بين طالبان وواشنطن

الاتفاق قد يدفع بعض مقاتلي طالبان المتشددين إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية لمواصلة القتال وبالتالي دعم نفوذها خاصة في المناطق الشمالية.

كابول - يقول مسؤولون ومتشددون في أفغانستان إن إبرام اتفاق بين حركة طالبان والولايات المتحدة لسحب القوات الأميركية من أطول حرب تخوضها في أفغانستان قد يدفع بعض مقاتلي طالبان المتشددين إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن المتوقع أن يؤدي مثل هذا الاتفاق إلى موافقة الولايات المتحدة على سحب قواتها مقابل وعد من طالبان ألا تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية في تدبير هجمات في الخارج.

وفي إطار هذا الاتفاق يتوقع أن تلتزم طالبان بإجراء مباحثات تدور حول اقتسام السلطة مع الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وكان فرع تنظيم الدولة الإسلامية الأفغاني المعروف باسم ولاية خراسان، وهو اسم قديم للمنطقة، قد ظهر للمرة الأولى في شرق أفغانستان في العام 2014 ومنذ ذلك الحين حقق نجاحات في التغلغل في مناطق أخرى لا سيما في الشمال.

وتقدر الولايات المتحدة قوام ولاية خراسان بنحو 2000 مقاتل. ويقدر بعض المسؤولين الأفغان العدد بأكثر من ذلك وربما يكون على وشك الزيادة.

وقال سهراب قادري عضو المجلس المحلي في إقليم ننكرهار المتاخم لباكستان مشيرا لتنظيم الدولة الإسلامية "هذه فرصة كبيرة لداعش لتجنيد مقاتلين من طالبان وما من شك أن مقاتلين كثيرين من طالبان سينضمون إليه عن طيب خاطر".

هذه فرصة كبيرة لداعش لتجنيد مقاتلين من طالبان وما من شك أن مقاتلين كثيرين من طالبان سينضمون إليه عن طيب خاطر

ولن يشارك المتشددون من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية في الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان. ويحارب مقاتلو التنظيم القوات الحكومية وقوات طالبان وسبق أن نفذوا بعضا من أكثر الهجمات دموية في مراكز عمرانية.

ولبعض أفراد طالبان سيمثل تنظيم الدولة الإسلامية فرصة لمواصلة الجهاد على من يرون أنهم كفار وعلى أنصارهم. ومن المحتمل أيضا أن يصبح التنظيم ملاذا في عيون آخرين، ممن يخشون الانتقام منهم إذا ما حاولوا الاندماج في المجتمع.

وقال قادري عن رجال طالبان "قاتلوا وقُتِلوا وعليهم ثأر ... مقاتلون كثيرون لن يشعروا بالأمان في العودة للحياة العادية".

وقال متحدث باسم الرئيس أشرف غني إن القوة المتنامية للدولة الإسلامية وجاذبيتها لبعض رجال طالبان مصدر قلق رئيسي وياتي هذا التصريح رغم تمكن القوات الحكومية من القبض على عدد من مقاتلي داعش في مايو/ايار.

القوات الافغانية تعتقل عناصر من داعش
تمكن الحكومة من القبض على عناصر من داعش لا يمنع تنامي قوتهم في الشمال

وأضاف المتحدث صديق صديقي "إن أغلب (رجال) داعش من (رجال) طالبان السابقين ومن المحتمل أن ينضم إليه بعض من طالبان".

وتابع "الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة لديهما أهداف مشتركة في محاربة الإرهاب. ونحن بحاجة لدعم شركائنا الدوليين".

ولدى الحكومة برنامج لدمج المتمردين المستسلمين في المجتمع لكن منتقدين يقولون إن عملية التحقق من صدق نواياهم قد تستغرق وقتا طويلا وإن ما يلقون من رعاية غير كاف.

من الأبيض للأسود

غير أن أحد قادة طالبان وبعض أفراد الحركة رفضوا إمكانية انشقاق مقاتلين عنها للانضمام للدولة الإسلامية.

وقال مولوي جمال القائد بطالبان في إقليم فراه "قيادة طالبان تتمتع بسيطرة كافية على مقاتليها في إصدار الأوامر لهم وإطاعتهم لها".

إلا أن مقاتلا من طالبان في إقليم كونار الشرقي قال إنه ليس أمامه خيار سوى الانضمام للدولة الإسلامية وإنه يعتقد أن آخرين سيفعلون ذلك أيضا.

وقال المقاتل الذي طلب عدم الكشف عن هويته "خلال القتال يسقط سكان محليون قتلى وكثيرون لهم أعداء".

وأضاف أنه قتل أحد أبناء عمومة والده ممن يعارضون طالبان ولا يمكنه العودة إلى قريته.

وتابع "للبقاء على قيد الحياة أنا مضطر للانتقال إلى داعش. هدفنا هو محاربة الكفار والفساد تحت أي مسمى".

للبقاء على قيد الحياة أنا مضطر للانتقال إلى داعش. هدفنا هو محاربة الكفار والفساد تحت أي مسمى

وندد عضو سابق في طالبان انضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في كونار قبل عامين بحركة طالبان لتفاوضها مع "الكفار".

وأضاف في مكالمة هاتفية طالبا عدم الكشف عن هويته "يبيعون الأرواح الغالية التي ضحينا بها... وأنا واثق أن آخرين من المجاهدين الصادقين سينضمون إلينا قريبا".

وقال عضو كبير سابق في طالبان انشق على الحركة وانضم للحكومة إن بعض المقاتلين ربما يُدفعون دفعا عن غير قصد إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية إذا لم تعمل الحكومة على إعادة تأهيلهم على النحو السليم".

وقال في مقابلة في بيت آمن وفرته له الحكومة في كابول "إذا لم يكن من أسباب أخرى لانضمام مقاتلي طالبان لداعش فسيكفي الإهمال الحكومي".

وأوضح أنه كان له رفاق سابقون في طالبان يريدون ترك الحركة لكنهم عجزوا عن إبرام اتفاق مع الحكومة ولذا انضموا إلى الدولة الإسلامية.

وأضاف "هذا أسهل شيء. فقط أبدل الراية البيضاء براية سوداء" مشيرا إلى راية طالبان البيضاء وراية الدولة الإسلامية السوداء.