داعش.. هل ما زالت تتبنى أسلوب مسك الأرض؟

داعش لم تتخلَ عن نهجها ومشروعها، بل أجبرت على التخلي عنه بشكل مؤقت بسبب ضعف إمكاناتها المادية والعسكرية، ومتى ما أتيحت لها فرصة العودة إلى مسك الأرض فإنها ستكون جاهزة ومستعدة لذلك.

بقلم: خليل الناجي

اختلفت جماعة داعش الارهابية عن غيرها من التنظيمات الارهابية بإعلان ما يسمى دولة الخلافة وسعيها للسيطرة على المدن عسكريا وهو ما بدا بوضوح في العام 2014 عندما تمكنت من السيطرة على مدن الموصل وصلاح الدين والانبار تباعا، وأعلنت عن دولتها المزعومة ووصل الأمر بالبعض الى مطالبة الأمم المتحدة بالاعتراف بها كدولة ذات سيادة على ارضها.

 وقد استقطبت الجماعة المتطرفين من كل دول العالم كمقاتلين في صفوفها حتى ان بعض الأرقام تحدثت على وصول عددهم إلى أكثر من خمسين ألف مقاتل في كل من العراق وسوريا، وعندما بدأت العمليات العسكرية في البلدين لتحرير الأراضي من سيطرتها لاحظ الجميع دفاع عناصرها المستميت عن مناطق سيطرتهم، والخطابات المستمرة لقياداتها التي كانت تحث اتباعها على الصمود والدفاع عن ما يسمونه أرض التمكين.

ما أن انتهت عمليات التحرير حتى بدأت التقارير تترى عن تحول منهجي في الفكر الداعشي من خلال التخلي عن الاسلوب العسكري ومسك الأرض واتباع الاسلوب الأمني والنزول تحت الأرض واقتناص الفرص للنيل من العدو.

استنادا إلى ذلك ظن الكثير ان داعش الارهابي عاد إلى الأساليب التقليدية لأغلب التنظيمات الارهابية باتباع الاسلوب الأمني بدل العسكري، والذي يجنبها الكثير من الخسائر ويمكنها من أعدائها بشكل أكبر وبعمليات نوعية.

ما يحصل اليوم في المناطق السورية غرب العراق يفنّد إلى حد كبير ما ذهب له أغلب المحللين، فالمتابع للأحداث في سوريا يجد أن داعش استمرت بالضغط على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من خلال تنفيذ هجمات مباغته وقصف مدفعي مكثف اجبر (قسد) على الانسحاب خصوصا بعد ان فقدت الغطاء الجوي الذي كان يوفره لها التحالف الدولي وبمجرد انسحابها من مناطق سيطرتها تمددت داعش وبدأت تمسك الأرض وتتوسع في السيطرة على المناطق الهشة أمنيا المحيطة بها.

ما يهمنا من هذا كله كعراقيين إدراك حقيقة غاية في الأهمية وهي ان داعش لم تتخلَ عن نهجها ومشروعها، بل أجبرت على التخلي عنه بشكل مؤقت بسبب ضعف إمكاناتها المادية والعسكرية، ومتى ما أتيحت لها فرصة العودة إلى مسك الأرض فإنها ستكون جاهزة ومستعدة لذلك.

هذا الأمر يجعل القوات الأمنية في حالة اختبار حقيقي خصوصا بعد سيطرة داعش على مساحات واسعة من المناطق الحدودية مع العراق، وأن المرحلة المقبلة تتطلب جهدا عسكريا وأمنيا الاستخباريا مكثفا ليس على الحدود فقط بل في المناطق كافة.

اعتقد أن القوات الأمنية العراقية الآن بوضع جيد يؤهلها لمواجهة أي خطر يمكن أن يهدد أمن البلد، لكن العامل الاهم لتحقيق النجاح المستدام  يكمن في طريقة تعاملها مع المواطنين لا سيما سكان المناطق المحررة، فإنها متى ما ضمنت تعاطفهم وتعاونهم معها ستكون قادرة وبقوة على إفشال اي مخطط لاستهداف البلد سواء من الداخل أو الخارج.