داعش يطرق أبواب تونس

السلطات التونسية نفت مرارا أي وجود هيكلي وتنظيمي لتنظيم الدولة الإسلامية الساعي لإيجاد موطئ قدم في تونس بعد انحسار نفوذه في كل من ليبيا وسوريا.

داعش يطل برأسه في تونس بتفجيرات انتحارية
داعش يتمدد فكريا قبل تمدده تنظيميا

تونس - أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اليوم الخميس مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الأخير في ضاحية حي الانطلاقة الذي وقع يوم الثلاثاء دون أن يسفر عن سقوط ضحايا.

وكانت الحكومة التونسية قد قالت إن متشددا مطلوبا يرتدي حزاما ناسفا فجّر نفسه في العاصمة بعدما حاصرته الشرطة، لكن لم يسقط أي قتلى أو مصابين آخرين.

والتفجير الانتحاري الأخير هو الثالث في فترة وجيزة الذي يتبناه التنظيم المتشدد ضمن سعيه لإيجاد موطئ قدم في تونس منذ التفجير الانتحاري الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 والذي خلّف حينها 12 قتيلا في صفوف حرس الرئاسة. وتعرضت تونس في 2015 و2016 لاعتداءات إرهابية يعتقد أن منفذيها من جماعة عقبة بن نافع الموالية لتنظيم القاعدة.

وأعلنت السلطات التونسية مرارا أنه لا وجود فعليا أو تنظيميا لتنظيم الدولة الإسلامية، مشيرة إلى أفراد أو مجموعة صغيرة تتبنى فكر التنظيم المتشددة الذي انحسر نفوذه في سوريا والعراق.

وأحدثت الهجمات الانتحارية في تونس التي تبناها داعش ضجيجا إعلاميا محليا ودوليا بالنظر لتوقيتها حيث تأتي قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية وهو استحقاق سياسي مهم أثار خلافات حزبية بين داعم لإجراء الانتخابات في موعدها وبين مطالب بتأجيلها لحساسية الظرف الأمني الحالي.

ويسعى التنظيم المتطرف الذي انحسر نفوذه في العراق وسوريا ويقاوم للحفاظ على تواجده في ليبيا مستغلا الفوضى الأمنية، إلى إظهار أنه لازال قادرا على توجيه ضربات إرهابية خارج معاقله التقليدية التي ظهر فيها في البداية.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت الأربعاء أن الإرهابي الذي فجر نفسه ليل الثلاثاء في حي الانطلاقة بالعاصمة هو "العقل المدبر" للهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا قوات الأمن الخميس الماضي وأسفرا عن مقتل عنصر أمن.

الإرهاب يطل برأسه مجددا في تونس
تونس أحبطت العديد من المخططات الإرهابية

وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد تبنى الخميس الماضي التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا أمنيين ما أدى إلى مقتل رجل أمن ومدني وجرح سبعة آخرين، بحسب ما أفاد مركز سايت الأميركي المتخصّص برصد المواقع الإسلامية المتطرفة نقلا عن وكالة أعماق المنصة الإعلامية للتنظيم.

وقال الناطق باسم الداخلية سفيان الزعق الأربعاء "الإرهابي أيمن السميري (23 عاما) له علاقة بالهجومين الانتحاريين يوم الخميس وأثبتت التحقيقات أنه العقل المدبر للعمليتين وهو عنصر ناشط وقيادي خطير".

وكتب التنظيم في بيان مقتضب الخميس "مقاتل من الدولة الإسلامية فجر حزامه الناسف على عناصر الأمن التونسي في حي الانطلاقة".

وحددت الداخلية هوية منفذي عمليتي الخميس كما تم توقيف العديد من المشتبه بهم ولا تزال التحقيقات والعمليات الأمنية جارية، وفقا للزعق.

ووقعت العملية الأولى حين فجّر انتحاري نفسه قرب دورية أمنية في شارع شارل ديغول بوسط العاصمة، ما أدى إلى سقوط خمسة جرحى هم ثلاثة مدنيين وعنصرا أمن توفي أحدهما لاحقا متأثرا بجروحه، كما أعلنت وزارة الداخلية.

وبعد وقت قصير استهدف تفجير انتحاري ثان مركزا أمنيا في العاصمة (مركز القرجاني) ما أسفر عن إصابة أربعة شرطيين بجروح.

وشدد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تصريح الأربعاء على أن السميري له علاقة بمجموعة منفذي هجومي الخميس وأنه "تم توقيف كل عناصر هذه المجموعة التي كانت تخطط لعمليات إرهابية نوعية ضد تونس".

وليلة الثلاثاء-الأربعاء قالت الداخلية إنه تم القضاء على "الإرهابي المطلوب أيمن السميري وقد عمد إلى تفجير نفسه باستعمال حزام ناسف أثناء إطلاق النار عليه" بمنطقة حي الانطلاقة بالعاصمة.

ورغم تحسّن الوضع الأمني، لا تزال حالة الطوارئ سارية في تونس منذ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين قُتل 12 عنصرا في الأمن الرئاسي وأصيب عشرون آخرون في هجوم انتحاري استهدف حافلتهم بوسط العاصمة تونس وتبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية. وتنتهي الخميس فترة حالة الطوارئ السارية في البلاد ومن المرتقب تمديدها.

وتشهد تونس استقرار أمنيا في السنوات القليلة الماضية فيما تواجه عناصر متطرفة تحصنت بالجبال في المناطق الحدودية مع الجزائر، وسط مخاوف من انتقال الإرهاب من الجبال إلى المدن.

ويؤكد المتابعون للشأن التونسي أنه لا وجود فعليا لتنظيم داعش بقدر ما هو تمدد فكري عابر للحدود. ويعتمد التنظيم على استقطاب وتجنيد موالين له عبر منصات التواصل الاجتماعي ومن خلال منتديات تنشر الفكر المتطرف.

وكانت سفارة الولايات المتحدة بتونس قد أعلنت الأربعاء تأجيل احتفالية بمناسبة 4 يوليو/تموز "لدواع أمنية" إلى شهر سبتمبر/أيلول القادم، وفق مكتب الإعلام بالسفارة، بينما توقعت بريطانيا تعرض تونس للمزيد من الاعتداءات الإرهابية داعية رعاياها إلى تجنب السفر إلى مناطق حدودية.

ولم تحدد السفارة تفسيرا لـ"دواع أمنية"، لكن يبدو أن واشنطن ولندن تتحسبان بالفعل لوقوع اعتداءات إرهابية جديدة في تونس وان لم تعلن السفارة الأميركية ذلك صراحة على خلاف بريطانيا.

واتخذت السفارة الأميركية يوم الثلاثاء وفق المصدر قرارها بتأجيل احتفالية عيد الاستقلال إثر الهجومين اللذين نفذهما انتحاريان الخميس الماضي وقتل فيهما أمني وأصيب ثمانية أشخاص بجروح.

كما جاء القرار قبل فترة من إعلان الداخلية التونسية ليلة الثلاثاء-الأربعاء اطلاق النار على "العقل المدبر" للعمليتين الذي أقدم على تفجير نفسه بحزام ناسف في حي الانطلاقة بالعاصمة.

وكانت السفارة قد أعلنت على موقعها الالكتروني الرسمي الأحد الماضي غلق أبوابها يوم الاثنين "لدواع أمنية باستثناء الخدمات المستعجلة".