
دخول بالتزوير ومغادرة بالتواطؤ.. غالي يحرج اسبانيا
الرباط/مدريد - عادت قضية دخول زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي إلى اسبانيا لـ"العلاج" بجواز سفر دبلوماسي مزور، إلى الواجهة بعد مطالبة محام اسباني سبق أن تقدم بشكاية ضد غالي، القضاء المركزي بالتحقيق في هوية الشخص الذي كان مسؤولا عن تنسيق عملية نقل كبير الانفصاليين من مطار سرقسطة إلى المستشفى.
وكانت الحكومة الاسبانية قد تكتمت عن زيارة غالي السرية إلى مدريد بين مارس/اذار وابريل/نيسان من العام الماضي قبل أن يطالبها المغرب بتوضيح حول استقبالها شخصا متورطا في قضايا إرهابية وأنشطة عدائية ضد المملكة، في قضية فجرت أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد.
وكانت الحكومة الاسبانية قد بررت حينها استقبال غالي بـ"دواع إنسانية" بسبب اصابته بفيروس كورونا وقدومه للعلاج، لكن يبقى أمر دخوله بوثاق مزورة مسألة شديدة الحساسية كونها تمس أمن وسيادة اسبانيا.
وبحسب موقع 'هسبرس' المغربي الإخباري الالكتروني، فإن المحامي الإسباني أنطونيو أوردياليس أعاد إثارة القضية بينما تقطع مدريد خطوات باتجاه تجاوز الأزمة مع الرباط التي فجرتها زيارة غالي لاسبانيا.
ونقل الموقع ذاته عن صحيفة "إل موندو" الاسبانية واسعة الانتشار قولها إن "التحقيق الإسباني يتضمن عنصرا جديدا قد يغير مساره ويتعلق الأمر بشخص بالزي العسكري الخاص بسلاح الجو كان يعطي توجيهاته لتحديد مكان سيارة الإسعاف ونقل إبراهيم غالي من المطار إلى المستشفى".
محكمة اسبانية تتحرى عن دور الحكومة المركزية في استخدام الجيش لإخفاء هوية زعيم البوليساريو ودور وزير الخارجية السابقة ونائب رئيس الأركان الجوية في تسهيل العملية
وتسود حالة من الغموض حول هوية الشخص الذي تولى تنسيق عملية نقل غالي من المطار إلى المستشفى بينما كان معلوما لديه أن المعني هو زعيم جبهة البوليساريو وأن هذا الأمر يعتبر كذلك شديد الحساسية بالنسبة للمغرب الذي ترتبط معه اسبانيا باتفاقيات أمنية وتجارية.
ويرجح أن المسؤول عن تلك العملية هو شخص من الاستخبارات أو من وزارة الداخلية في الوقت الذي نفى فيه جهاز الشرطة أي مسؤولية له عن دخول غالي للأراضي الاسبانية.
وقال خوسيه أنجيل غونزاليس جيمينيز نائب مدير العمليات في الشرطة الإسبانية "جهاز الشرطة لم يكن مسؤولا عن دخول إبراهيم غالي إلى التراب الإسباني ولم يشارك بأي شكل من الأشكال في نقله من المطار إلى المستشفى".
وهذا الغموض الذي قد يرقى إلى درجة التستر هو ما دفع المحامي أنطونيو أوردياليس إلى المطالبة بتسريع التحقيق من أجل التأكد من أدواره على مستوى ما اعتبره عملية "تهريب" لغالي من إسبانيا إلى الجزائر في مرحلة لاحقة.
ووفق المصدر تقوم المحكمة الاسبانية بتحريات عن دور الحكومة المركزية في استخدام الجيش لإخفاء هوية زعيم البوليساريو استنادا لرسائل متبادلة على تطبيق 'واتساب' بين نائب رئيس الأركان الجوية ورئيس ديوان وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة التي أقيلت من منصبها.
وكان رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز قد عيّن في يوليو/تموز من العام الماضي في خضم الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، خوسيه مانويل ألباريس وزيرا للخارجية خلفا أرانتشا غونزاليس لايا، في تعديل حكومي جاء بعد ثبوت مشاركتها في تسهيل دخول غالي إلى التراب الإسباني دون التحقق من جواز سفره، تبعا لما ذكرته وسائل إعلام مغربية واسبانية حينها. كما يعتقد أن التغيير جاء لتهدئة التوتر مع الرباط.

وكانت وسائل إعلام محلية قد نقلت عن المشرفة السابقة على إدارة الجهاز الدبلوماسي الإسباني قولها إن "قرار دخول غالي إلى الأراضي الإسبانية احتكم إلى بنود قوانين شنغن التي تسمح بإعفاء بعض الزائرين من مراقبة جوازات السفر وبالسماح حتى بدخول بعض الأشخاص غير الحاملين للوثائق".
وأشارت الصحف الايبيرية كذلك إلى أن الجزائر واسبانيا اتفقتا على ترتيبات دخول غالي للأراضي الاسبانية للعلاج، مرجحة أن ذلك تم خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الجزائري حينها في 29 مارس/اذار لمدريد.
واستقبل كبير الانفصاليين حينها في القاعدة الجوية العسكرية لسرقسطة سرّا لتفادي الضجة الإعلامية.
وكان رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز قد عبر عن رغبة بلاده في تعزيز العلاقات الايجابية مع المغرب وذلك خلال زيارة سابقة للجناح الإسباني بمعرض 'إكسبو دبي'.
وقال ردا على سؤال حول الأزمة الدبلوماسية مع الرباط بسبب زيارة زعيم البوليساريو لمدريد "العلاقة إيجابية للغاية" مع البلد المجاور، مضيفا "لطالما اعتبرنا المغرب حليفا استراتيجيا في العديد من المجالات مثل الهجرة والتنمية الاقتصادية والأمن".
وتابع "نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون الثنائي"، مؤكدا أن بلاده تعتبر المغرب "حليفا مهما داخل الاتحاد الأوروبي و"هذا مهم لكلا الشعبين".
وعكست تصريحات سانشيز رغبة اسبانية في إنهاء التوتر وحالة الفتور في العلاقات بين البلدين، لكن الرباط تطالب في المقابل مدريد بموقف أكثر وضوحا حيال سيادة المغرب على صحرائه.